الموازنة العراقية.. «آخر» أزمات السوداني

جلسة مجلس النواب العراقى لمناقشة التصديق على الموازنة العامة
جلسة مجلس النواب العراقى لمناقشة التصديق على الموازنة العامة

كل المؤشرات تقول إن محمد شياع السودانى سيظل رقما صعبا فى المعادلة السياسية فى العراق سواء فهو يسابق الزمن من أجل وضع ملامح مشروعه الخاص رغم إدراكه بأن حكومته الهدف منها فى الأساس الإعداد لانتخابات تشريعية جديدة ومجالس محافظات وكان واضحا فى تنفيذ برنامج حكومته حيث ركز على فكرة الإنجاز فى مجال الخدمات باعتباره الأبرز والأسهل وصولا إلى الشارع العراقى كما نجح فى رفع مستوى الخدمات والإعمار والانتعاش الاقتصادى من خلال رفع قيمة الدينار أمام الدولار ورغم وجود صعوبات فى اختراق مافيات الفساد فى العراق التى تمثل بعضها فى قيادات التحالف المساند له فى الوصول إلى رئاسة الوزراء الإطار التنسيقى إلا أنه حقق الكثير من النجاحات على مستوى مكافحة الفساد وحقيقة الأمر ومن خلال رصد أمين أن طريق السودانى ليست سالكة وخالية من المطبات أو الأزمات ولكننا سنتوقف عند بعضها: 


أولا: ظهور تباين سريع بينه وبين التحالف الذى دعمه فى مجلس النواب وكان وراء توليه المنصب ومنح الثقة له فى أكتوبر من العام الماضى بعد أزمة استمرت عاما انتهت بعد تشكيل باسم ائتلاف إدارة الدولة من الطوائف الثلاث حيث نجح بأغلبية كبيرة بعد التفاهمات بين مكونات الإطار التنسيقى والقوى السنية والكردية خاصة أن الرجل يحظى بثقة الشارع العراقى ولكن هناك مخاوف من الإطار التنسيقى من أنه سيتم تحييد أى نجاح له بشخصه بعيدا عن الكتل السياسية الشيعية التى تقدمت به وقد بدأت بالفعل محاولات إفشال الرجل أو الحد من نجاحاته ولعل أبرزها دفعه إلى تأجيل مشروعه الخاص بإجراء تعديل وزارى فمنذ أبريل الماضى وهو يعلن عن رغبته فى اجراء تعديل وزارى اعتمادا على تقييم الأداء لكل وزير وكان الحديث عن تعديل يطال أربعة محافظين وخمسة وزراء رغم إصراره على المضى فى التعديل الوزارى وقال يومها (لن أجامل أى زعيم أو حزب فى التعديل ومن أراد أن يرفض فليرفض) ولكنه عاد ليقول (إن التعديل سيتم فى الوقت المناسب وكان الموعد المحدد نهاية هذا الشهر)  وفيما يبدو أنه قرر تأجيل  الدخول فى (عش دبابير)  الذى تحاشاه كل رؤساء الوزراء السابقين فى مراعاتهم للوزراء الذين ينتمون إلى كتل ومكونات سياسية وازنة ومهمة لدرجة أن بعض الوزراء كان يتعامل على أنه أكبر من رئيس الحكومة خاصة إذا كان مدعوما من تكتل سياسى مهم ونفس الشىء ينطبق على بعض بنود برنامج حكومته فمازالت هناك قضايا عالقة منها إنهاء وجود الفصائل والميليشيات المسلحة فى المدن والأحياء السكنية وحصر السلاح بيد الدولة. 


ثانيا: الخلاف حول تمرير الموازنة العامة للدولة والتى تمثل أهمية استثنائية للجميع  خاصة أنها ثلاثية للسنوات الثلاث القادمة والكل يسعى من خلالها لتحقيق مكاسب لاستثمارها فى الانتخابات القادمة سواء البرلمانية أو انتخابات المحافظات مع سعى  مجلس النواب لتخفيض العجز نحو ١٩ مليار دولار من مجموع العجز الكلى فى مشروع الحكومة والمقدر بـ ٣٨ مليار دولار.


 وظهر الخلاف حولها مع الحزب الديمقراطى الكردستانى  بعد إدخال حول تعديلين فى مشروع الموازنة من اللجنة المالية للبرلمان وهما  المادتان ١٣و ١٤ وتتعلق بحصة الإقليم وآلية تصدير النفط من أراضيه التعديل ينص على وقف صرف مخصصات الإقليم فى حالة اعتراض أى محافظة فى الإقليم على توزيع الأنصبة ومن جهة أخرى وبند آخر يتعلق بتسليم اربيل ما لا يقل عن ٤٠٠ ألف برميل يوميا يتم وضعها فى حساب خاص لمجلس الوزراء الاتحادى بينما الحزب يطالب بوضع المبالغ فى حساب يخص بحكومة الإقليم يتم الصرف منه من رئيس حكومة الإقليم بإشراف ديوان الرقابة المالية واعتبرها الحزب تنهى اى صلاحية للاقليم  بمثابة استهداف له ويهدد كل الاتفاقيات السياسية بين بغداد والاقليم خصوصا وثيقة الاتفاق السياسى والتى بموجبها تم تشكيل الحكومة التعديلات التى تم ادخالها تعرقل كل الجهد الذى عمل عليه محمد شياع السودانى على التقارب بين بغداد واربيل وحل المشاكل المالية والنفطية والقانونية كل التقارير تتحدث عن ان التعديلات هدفها عرقلة تلك الجهود وإحراجه وشل خططه الحكومية ومشروعاته التنموية ومنذ جلسة نشطت الاجتماعات واتصالات لتقليص الخلاف مما دعا رئاسة البرلمان الى عدم الاعلان عن موعد لإجراء التصويت فى انتظار لإنهاء الخلافات بعد جلسة السبت قبل الماضى والسعى الى اتمام التصويت خلال نهاية الأسبوع حيث تم تقليص الخلافات دون انهائها فى ظل حديث من كافة المراقبين بأن ما يجرى هو جزء من محاولات القطب الشيعى الأبرز نورى المالكى الذى يحاول استخدامها فى تصفية خلافاتها مع جهات عديدة ومحاولة تقليص نجاحات السودانى وتصفية حسابات قديمة مع حليفه فى الاطار قيس الخزعلى زعيم حركة عصائب الحق وكذلك تضييق الخناق على حصص اقليم كردستان.