قلم على ورق

محمد قناوي يكتب: ياسين وبهية

محمد قناوي
محمد قناوي

كثيرون يظنون أن «ياسين وبهية» أغنية شعبية فقط، ولايدركون أنها حكاية حقيقية وأسطورة واقعية جرت أحداثها فى صعيد مصر ما بين قنا وأسوان، فى بداية القرن العشرين وأصبحت جزءا من تراثنا الشعبي، وعندما كتب الشاعر الكبير نجيب سرور روايتهِ الشعرية «ياسين وبهية» أواخر الخمسينيات أثناء إقامته فى بودابست، اتخذ من قرية «بهوت» بمحافظة الدقهلية وهى القرية المجاورة لقرية «أخطاب»التى ولد فيها، مسرحا تدور فيها الأحداث، وهى تمثّل أول عمل أدبي/ شعرى مقاوم يأتى بلغة الشعب المصرى العاميّة البسيطة.

وقبل أيام قليلة شاهدت العرض المسرحي الجديد «ياسين وبهية» الذى يجرى تقديمه على المسرح العائم الصغير، إنتاج مسرح الشباب، لمديره الفنان القدير سامح بسيوني، ورؤية إخراجية شديدة الرقى والعزوبة وبحرفية كبيرة مقارنة بعمره الصغير، للمخرج «يوسف مراد منير» وبإمكانيات قليلة جدا، ولكنه أحسن توظيفها، فقدم عرضا كاملا على مدار ساعة ونصف الساعة من المتعة فى ديكور واحد بسيط جدا، لكنه نجح فى تحقيق إبهار حقيقى بحسن اختياره لمجموعة الفنانين الشباب الذين جسدوا الحكاية سواء على مستوى الأداء التمثيلي، والغناء أوإلقاء أبيات شعر منتقاة من التراث الشعبى المصرى، بنطق صحيح للغة العربية دعمتها رقصات تعبيرية، وإضاءة جسدت المعنى المقصود، مع موسيقى حية تعزف مباشرة على خشبة المسرح، ليكشف العرض عن إبداع وتألق طاقات فنية شابة، من خلال عرض متميز فى تجارب مسرح الشباب

لن أحكى هنا عن أحداث مسرحية «ياسين وبهية» التى نعرفها جميعا كأسطورة حقيقية واقعية ،أصبحت جزءا من تراثنا الشعبي، فكلنا يعرف حكاية قصة الحب بين «ياسين وبهية» والتى أفسدها الباشا الإقطاعى بظلمه وجبروته وقسوته ودفع «ياسين» حياته ثمنا للدفاع عن شرف «بهية»، ويجيب العرض فى لوحته الأخيرة عن السؤال الملح «يا بهية خبرينى عن اللى قتل ياسين؟»، فقاتله «الباشا» الإقطاعى، والحاكم المستبد الذى يستغل خيرات البلاد لصالحهِ فقط، ويمارس القهر والعنف ضد الشعب.

عرض مبهر بإمكانيات بسيطة يجمع بين الغناء والدراما وحالة تمثيلية شديدة العذوبة لشباب يمتلك طاقات مبدعة تجعلك تتعايش مع الرواية وكأنك جزء من الحدث، بداية من شخصية «أم بهية والراوية» التى تجسدها الفنانة الشابة «آية أبو زيد» التى تملك حضورا أخاذا وطلة مبهجة وأداء مقنعا، لا يقل عن أداء كبار نجمات المسرح، ومرورا بـ «أبو بهية والراوي» يوسف مراد منير، وهو المخرج والممثل وابن الوز بالتأكيد كان عواما على المسرح فالأم الراحلة المبدعة فايزة كمال والأب الفنان والمخرج الكبير مراد منير، أما بهية أو «إيمان غنيم» فهى تأسرك بطلتها قدمت «بهية» باحساس جميل وأداء فوق الرائع، وياسين «حازم القاضى» يقدم أداءً مقنعا للدورعلى جميع المستويات وقد شكل كل الممثلين الشباب سمير عوض وبهاء سليمان وأحمد شحاته ومصطفى علاء ومحمد البرنس وحسام حسن وريمون اشرف وصابر على» لوحة متناغمة أداءَ تمثيلا وغناء.