لذا لزم التنويه

أميمة كمال تكتب: المحلة ولو بعد حين

أميمة كمال
أميمة كمال

■ بقلم: أميمة كمال

ما بين أول زيارة لى فى 2005 لشركة غزل المحلة، ذلك الصرح الذى عشت طويلا أتشوق لرؤيته، بعد أن قرأت عن الحرير، الذى يلف أيادى عماله. فتنتج لنا بيجامات، لبسها الرئيس عبد الناصر، ومازالت إحداها معروضة فى متحفه، ومعاطف وبدل، ارتداها وزراء وكبارات البلد حتى السبعينات ، وقمصان ومفروشات من قطن، كانت تزين المتاجر الأوروبية.

ما بين الزيارة الأولى، والأخيرة منذ أيام قليلة، قطعتها زيارة ثانية فى 2016 . فى المرة الأولى كان المشهد بائساً، بالرغم من أن الشركة كانت تحقق أرباحاً، إلا أن رئيس الشركة القابضة للقطن والمنسوجات السابق، الذى تتبعه المحلة، بدا محبطاً، من تقادم المعدات، وتراكم المديونيات، وقلة الاستثمارات، وانعدام همة الإصلاح.. وجاءت الزيارة الثانية بعد عقد كامل، وقتها بدا الموقف حزيناً للغاية.

ازدادت أوضاع الشركة تردياً خاصة وأن البعض كان يشكو من سوء القطن المستورد الذى يتم الاعتماد عليه. وكانت وجوه العمال عابسة، والتخوفات من الخصخصة، وبيع أراضي المصنع غالبة على الأحاديث الجانبية. وبدأ التذمر واضحاً من سوء الأوضاع الصحية للعمال.

ولكن اختلف المشهد فى الزيارة الثالثة، خلال الأسبوع الماضي، التى كانت فى صحبة وزير قطاع الأعمال الدكتور محمود عصمت.

الذى جاء لتفقد التشغيل التجريبي لمصنع (غزل 4) كأول مصنع يتم تطويره. على أن تلحقه مصانع أخرى العام المقبل. حوائط المصنع بدت لامعة من الدهان الجديد، وأنوار العنبر تخطف الأعين، وبكرات القطن، وهى تتحرك حركات رشيقة فى دوائر سرعان ما تتحول إلى خيوط ناعمة وكأنها تتراقص، تشعرك بالابتهاج.. خاصة وأن هذا المصنع وغيره سوف يوفر مليارات الدولارات التى كنا نستورد بها الغزل والنسيج، إلى جانب تصدير 70% من إنتاجه للخارج. ويبدو أن رائحة المصانع تترك أثراً فى النفس ينسى المرء الهواجس التى تشغله. مثل تأثيرالتكنولوجيا الحديثة على 15 ألف عامل من عمال المحلة.

والذين لن يكون أمام البعض منهم إلا باب المعاش المبكر. الأمر الآخر هو ما تم الإعلان عنه من تسليم أراض تابعة لمصانع الغزل لهيئة المجتمعات العمرانية نظير 7 مليارات جنيه.سيتبعها أراض أخرى بالتأكيد، وهو ما يعنى تحويلها لأنشطة عقارية بدلاً من إضافتها للتصنيع مستقبلاً. الهواجس كثيرة ولكن رائحة المصانع لها الغلبة.