اعترافات الأم القاتلة : «أمر بحالة نفسية بعد وفاة زوجى من 4 سنين»

الطفلة الضحية
الطفلة الضحية

حبيبة جمال

 نتخيل أن الطفلة الصغيرة الذي لم يتجاوز عمرها 13 عامًا استيقظت فجأة وهي في حضن أمها؛ فرأتها وهي تضع نصل السكين الحاد على رقبتها؛ وكأن المسكينة سالت دمعات من عينيها تسألها وهي تستعطفها: «انتي هتدبحيني يا ماما، خلي بالك السكينة بتعورني»، بالفعل كان نصل السكين يشق رقبة الصغيرة بكل جحود من أم أقل ما توصف بشيطانة، أغرقت الدماء جلباب الصغيرة وتلونت ملاءة السرير البيضاء الذي كانت تنام فوقه في براءة بلون الدم، ويبدو أن الشيطانة لم يكفها ما فعلته وإنما ظلت تكيل لها الطعنات بكل انحاء جسدها، الشيطانة نامت بجوار جثة ابنتها حتى الصباح ثم لاذت بعدها بالفرار، وإلى التفاصيل المثيرة نعود.

جريمة قتل بشعة بكل المقاييس، اهتزت لها مشاعر أهالي محافظة كفر الشيخ، بطلتها أم تناست حديث النبي صل الله عليه وسلم «الجنة تحت أقدام الأمهات»، وتجردت من مشاعرها ومشاعر الأمومة وتحولت لشيطان لا يعرف سوى القتل والدم؛ارتكبت جريمة مزقت العيون بكاءً وغيمت لها السماء عزاءً، فمن قتلت؟، قتلت فلذة كبدها، فكرت ودبرت وأعدت العدة ثم ذبحت طفلتها بلا ذنب وهي بين أحضانها ثم تركتها غارقة في دمائها وفرت هاربة.

قبل ١٣ عاما من الآن، داخل بيت صغير بقرية الصافية التابعة لمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ، ولدت ندى حافظ، تلك الملاك الصغير التي لم تبذل جهدًا كبيرًا في نشر البهجة والسعادة في أركان البيت، عندما ولدت انطلقت أشعة الشمس لتصل لخديها فانعكست إلى السماء مرة أخرى، لم تكن صدفة أن تولد ليلة اكتمال القمر من الشهر، يبدو أنه كان يعلم بموعد قدومها إلى الحياة.

نمت الطفلة كالشجرة التي ارتوت بمياه عذبة نقية مثل ابتسامتها، فترعرعت وامتدت أغصانها لتخطو داخل المدرسة، والأب يتوسم في طفلته أن تشفع له يوم الحساب بحفظها للقرآن الكريم، فداومت ندى على حفظ كتاب الله حتى عشقته لما عطرت به قلبها من كلمات الرحمن، كانت هادئة جميلة، لا أحد يعرفها إلا ويحبها، وعلى الرغم من أنها الابنة الرابعة إلا أنها كانت تستحوذ على اهتمام وحب والدها ووالدتها، الأم تدعى سهام، ربة منزل، والأب رجل بسيط يعمل ليلا ونهارا حتى ينفق على أسرته بالحلال.

قبل ٤ سنوات، أي وعمر ندى٩سنوات مات الأب، لتجد نفسها بلا أب يسند أو يراعي، فجأة وجدت نفسها في ظلمة اليتم وهي طفلة لا تعرف للدنيا معنى بعد، كانت شقيقتها أمنية تدرس وتعمل من أجل مساعدة والدتهما في مصاريف البيت، ولكن الأم التي تدعى سهام، كانت قاسية القلب، بدلا من أن تعوضهما عن الأب وحنانه كانت جاحدة في مشاعرها، تفتعل المشكلات معهما، ومع ذلك كانت ندى تحبها جدا ولاتعصي لها أمرا، فكانت ابنة بارة هادئة الطباع، ولما لا فهي والدتها، ولكن سهام لم تكن أمًا، بل كانت امرأة بلا قلب، امرأة من جهنم، قررت في لحظة شيطان لا أحد يعرف دوافعها أن تقتل فلذة كبدها وبدم بارد.

يوم الجريمة

أعدت سهام لجريمتهما، أخذت طفلتها واصطحبتها لمنزل جدها في قرية كفر الشراعنة، مسرح الجريمة، كان ذلك ليلة الأحد قبل الماضي، جلست ندى مع والدتها يتناولان وجبة العشاء، وظل الاثنان يتسامران ويضحكان، حتى طلبت ندى من والدتها أن تنام بين أحضانها في تلك الليلة، لم تكن تلك المسكينة تدري أن الحضن الذي ستشعر بداخله بالأمان والحنان سيكون هو طعنة الغدر، وافقت الأم ونامت ندى وكأنها لم تنم منذ مدة وهي تشعر بهذا الارتياح، وفي تلك اللحظة أمسكت سهام بسكين كان بجوارها، وبدلًا من أن تبعده عن فلذة كبدها حتى لا تتأذى، حملته لتنهي حياة صغيرتها، لم تخضع مشاعرها لبراءتها وهي نائمة مطمئنة وذبحتها بدم بارد، وبدلًا من أن تحاول إنقاذها لم تتراجع عن فعلتها وكأن قلبها في هذه اللحظة مات.

جلست بجوار جثة ابنتها دون أن تهتز مشاعرها، دون أن تشعر بالندم، حتى أشرق صباح يوم جديد، ولكنه بلا شمس أو ضوء، استيقظت القاتلة من نومها وارتدت ملابسها وأغلقت البيت على طفلتها وسافرت لأقاربها في محافظة الإسكندرية، وهناك لم تصمد كثيرا وانهارت واعترفت لهم بما فعلته، فاصطحبها أحد أقاربها وذهب لمركز شرطة دسوق ليبلغ عن الجريمة.

بلاغ

تلقى مركز شرطة دسوق بلاغًا من أحد الأشخاص مصطحبًا معه سيدة تدعى سهام. ي»، ٤٥ عاما، ربة منزل وتقيم كفر الشراعنة، يفيد ارتكابها جريمة قتل ابنتها ندى بسكين وفرت هاربة للإسكندرية. على الفور تشكل فريق بحث وانتقلوا لمحل البلاغ وتم فرض كردون أمني، وداخل الشقة كانت الضحية مسجاة على ظهرها نائمة على سريرها وترتدي جلبابًا وهناك جرح عميق بالرقبة وحولها بركة من الدماء، وبمناقشة الأم أقرت بارتكابها الجريمة نظرًا لمرورها بأزمة نفسية حادة بعد وفاة زوجها منذ ٤ سنوات، تلك الحالة هي التي جعلتها تقتل ابنتها وعندما أدركت ما فعلته فرت هاربة للاختباء عند أحد أقاربها بالإسكندرية، تحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيق والتى أمرت بعرض المتهمة على مستشفى الأمراض النفسية والعصبية بالعباسية لبيان سلامة قواها العقلية وتم حبسها ١٥ يوماً ومازالت التحقيقات مستمرة لمعرفة الحقيقة، وهل كان هناك تعمد للقتل أم أن الأم مريضة نفسيا؟!

ووسط ذهول من الجميع، وحزن كسا الوجوه، تحولت القرية الهادئة للنقيض تماما، لا أحد يصدق أن هناك أمًا قتلت طفلتها ولكنها كانت الحقيقة المرة، فتلك السيدة استحوذ عليها الشيطان فأنساها ربها وهانت عليها نفسًا بريئة وهانت عليها فلذة كبدها وحسرة قلب أولادها على فقدان صغيرتهم، الابنة الكبرى التي عرفت الجريمة بالصدفة، عندما استيقظت من نومها ولم تجد والدتها وندى، لم تتخيل أن هناك مكروهًا قد يصيب شقيقتها، وعندما عرفت بالجريمة كانت في حالة من الذهول والصدمة، لم تصدق ما فعلته والدتها، وتؤكد أن الأم ليست مريضة كما تقول وتدعي، فهي خططت ودبرت، أخذتها بعيدا ونفذت جريمتها، مهما كانت الأسباب والدوافع لا يمكن أن تصل لحدالقتل، وأصبحت تلك الفتاة لا تتمنى سوى القصاص من والدتها حتى يعود حق شقيقتها التي ماتت بلا ذنب، فماتت الوردة الجميلة وشيعها الأهالي لمثواها الأخير في مشهد جنائزي مهيب،والأم خلف القضبان تنتظر مصيرها، والأبناء الثلاثة أصبحوا في الدنيا بلا أب وأم والكل ينتظر نتيجة التحقيقات ومعرفة الحقيقة. 

اقرأ أيضًا : يقتل صديقه بسبب «أكل الحصان»


 

 

 

;