بهجة الربيع.. في عز الصيف

صورة موضوعية
صورة موضوعية

حالة من السعادة والفرحة رُسمت على وجوه المواطنين أثناء تجولهم داخل معرض زهور الربيع عكست اشتياقهم له بعد تأجيله لمدة شهرين عن موعده الرسمى هذا العام، ليأتى فى عز الصيف بدلاً من فصل الربيع فهو ليس مجرد مكان يلتقى فيه البائع والمشترى أو حتى قاعة للمنتجين والزُرّاع لعرض منتجاتهم والترويج لها، بل حدث ثقافى جمالى تنتظره الأسرة المصرية وآلاف الزائرين سنويا للاستماع بمناظر الورود والزهور البديعة والتنزه وقضاء وقت جميل ثم يأتى الشراء كمرحلة أخيرة لتزيين المنزل والحدائق بجمال الطبيعة.
«آخرساعة» تجولت فى المعرض ورصدت فرحة الكبار والصغار، وتعرفت على الأنواع الجديدة فى عالم نباتات الزينة وتحدثت مع العارضين والمنتجين حول مجال الاستثمار فى النباتات وكيف يمكن أن يحقق زيادة فى الدخل القومي.

◄ مواطنون: ننتظر معرض الزهور بفارغ الصبر

أعرب مواطنون عن مدى فرحتهم بعودة معرض زهور الربيع، مؤكدين أنهم كانوا فى انتظار افتتاحه بفارغ الصبر، وعلى الرغم من حرارة الجو فإن ذلك لم يمنعهم من الاستمتاع بالطبيعة الخلابة.

تقول سلوى إنها اصطحبت معها ابنتها وأحفادها لقضاء يوم ممتع فى المعرض للاستمتاع بالأجواء الطبيعية الخلابة التى تعمل على تهدئة النفس واستنشاق هواء طبيعى وشراء بعض الزهور التى تحتاجها لتزيين منزلها. 

بينما تؤكد جودي، أنه رغم حرارة الجو بسبب قرب انتهاء فصل الربيع، فإن المعرض يشهد أجواء جميلة تستطيع أن تنقذ الروح من الضغوطات المستمرة وكسر الروتين اليومى، مؤكدة أنها تقصد المعرض سنويا لشراء نباتات المطبخ التى تضفى على أطباقها مذاقا شهيا بنكهات مميزة، فهى تفضل شراء أنواع الروزمارى وورق اللورا والزعتر والبردقوش وكذلك النعناع البلدى الذى لا يحلو كوب الشاى بدونه، خاصة أن الأسعار بسيطة وتبدأ من 5 جنيهات للحجم الصغير المناسب للوضع فى أحواض الشرفات.

◄ «الأرصاد»: درجات الحرارة أشد من الصيف!

يعلم الجميع أن الطقس يبدأ فى الاعتدال مع بداية فصل الربيع، لذا فهو الوقت المناسب للتنزه والتمتع بالحدائق والنباتات، لكن ما شهده الربيع هذا العام من ارتفاع شديد فى درجة الحرارة جعل الكثير يتساءل: ماذا حدث للربيع؟!.. الدكتورة إيمان شاكر، مدير مركز الاستشعار عن بُعد بهيئة الأرصاد الجوية، أوضحت أن التغيرات المناخية التى يشهدها العالم أجمع أثرت بشكل ملحوظ فى جميع الظواهر الجوية من ارتفاع درجات حرارة ووجود عواصف ترابية وكميات أمطار، فالمعروف عن فصل الربيع أنه فصل تتكون به المنخفضات الخماسينية الحرارية على منطقة الصحراء الليبية وتتجه إلى الصحراء الغربية لتؤثر فى معظم مناطق مصر، وعلى عكس ما هو معروف، يأتى تسجيل أعلى درجات الحرارة العظمى التى تتعدى الـ40 درجة فى فصل الربيع وليس الصيف، ولكن يشعر المواطنون بالحرارة أكثر فى الصيف نتيجة لارتفاع نسبة الرطوبة، على عكس الربيع الذى تنخفض فيه نسب الرطوبة، مشيرة إلى أن تغيُّر المناخ وارتفاع درجات الحرارة أثر فى جميع مجالات الحياة بما فيها الصحة، والرى، والزراعة، ودورة حياة النبات وتكوين الثمرة ونمو الأوراق الخضراء.

◄ نباتات أصبحت خارج المنافسة

للنباتات مواسم، ولعل فصل الربيع أهم موسم تستعيد فيه النباتات أزهارها وصحتها، فهل كان لتأجيل افتتاح معرض الربيع عن موعده الرسمى تأثير سلبى على النباتات؟
يوضح المهندس عبدالمنعم عبدالوهاب، مسئول أحد المشاتل، أن السبب وراء تأجيل المعرض كان بسبب تزامن شهر رمضان المبارك مع بداية فصل الربيع، ما استدعى تأخير موعد الافتتاح حتى يتمكن المواطنون من زيارة المعرض كما اعتادوا فى كل عام، ولم يؤثر هذا التأجيل فى النباتات بشكل كبير، حيث إن نباتات الظل وأشجار الفواكه متاحة طوال العام، ولكن هناك بعض الأصناف القليلة التى تعد مدة ازدهارها 3 أشهر فقط بداية من شهر مارس وحتى يونيو، وهذه لم يستطع العارضون وضعها فى المعرض لانتهاء موسمها مما أدى لنسبة خسارة لديهم، ولكن على كل الأحوال تم الاستعاضة عنها ببعض الأصناف الأخرى الصيفية.

◄ المنتجات الاقتصادية
فيما يقول المهندس عبدالمنعم، إن هناك الكثير من ربات البيوت اللاتى أصبحن يبحثن عن المنتجات الاقتصادية بنسبة أكبر من نباتات الزينة وذلك واضح فى زيادة الطلب على شتلات الخضراوات كالباذنجان والفلفل والطماطم وغيرها، ليكون المنزل متكامل المحصول طوال العام، فضلا عن الأعشاب التى تستهوى ست البيت لاستخدامها فى أغراض الطهى وكذلك الأنواع المختلفة من الصبّار لاستخدامها فى الأغراض العلاجية والتجميلية للبشرة والشعر، وتحقيق الربح المادى من خلاله.

◄ الأشجار المقزمة
كما أن الأشجار المقزمة تعد أيضا الأكثر طلبا للزراعة على الأسطح وفى شرفات المنازل، كونها لا تأخذ مساحة وتعطى إنتاج غزير طوال العام فضلا عن أنها لا تحتاج الكثير من التجهيزات سوى وجود تربة رملية والرى وتوفير مصدر إضاءة طبيعية لها. وبعد أن كان هذا النوع من الأشجار مستورد فقط، أصبح المنتجين المصريين لديهم القدرة على إنتاجه وتوفيره للمستهلك.

◄ الشتلات
ويؤكد المهندس الزراعى محمد حسين، أن إقبال المواطنين على شراء شتلات الموالح والفواكه يزداد بشكل ملحوظ، فالكل أصبح يتنافس على أن يأكل من زرع يده، وهذا فتح باب تجارة مربح جدا يمكن الاستثمار فيه بسهولة بأسعار مختلفة ومن خلال منتجات متنوعة ما بين شتلات أشجار البرتقال واليوسفى والعنب والخوخ والليمون وغيرها، ويتراوح سعر المنتج بين 30 و2000 جنيه حسب عمر الشتلة ونوعها وحجمها وندرتها.

◄ فرصة ذهبية للاستثمار والتصدير

النباتات من أهم الكائنات الحية التى لا تحلو الحياة بدونها، فلونها الأخضر يريح النفس وتمد الجسم بالطاقة الإيجابية، لذا فوجودها من الأشياء الهامة فى كافة الأنحاء والذى يجعل العمل فى مجالها من أهم أبواب الاستثمار فى مصر والعالم كله.

يقول المهندس شبل مرسى، وهو أحد أقدم المشاركين بالمعرض، ويعمل بمجال التسويق فى أكبر المزارع لنباتات الزينة: إن المعرض هذا العام يشهد التنوع الكبير فى أنواع النباتات المعروضة حيث يضم حوالى 100 نوع نباتى يناسب جميع الفئات والاحتياجات المختلفة، حيث تبدأ الأسعار من 2 جنيه وتصل إلى 500 ألف جنيه لبعض الأنواع النادرة من الأشجار والتى عمرها يتجاوز مئات السنين، مشيرًا إلى أن العمل بمجال نباتات الزينة من أهم المجال التى تسمح بالاستثمار وتحقيق أفضل النتائج الملموسة فى زيادة الدخل القومي، فالمنتجون فى هذا المجال يمتلكون ميزة تنافسية وتصديرية يمكن من خلالها تحقيق عائد كبير بالعملة الأجنبية للناتج القومى المصري.

فالاستثمار يبدأ من أول بيع ورود القطف بالسنتيمتر فى المحلات، وإنتاج نباتات الزينة وتوريدها وبيعها للمستهلين والشركات، وكذلك من خلال العمل فى شركات «اللاندسكيب» ونظم الرى الحديث وغيرها من المجالات التى تحتاج لأيد عاملة، ويؤكد أن مصر تشهد الفترة الحالية توسعات كبرى فى مجال الزينة الداخلية والخارجية، وذلك لأن التطور الذى تشهده البلاد من إنشاء مدن جديدة وقرى سياحية جعلها فى حاجة دائمة إلى وجود نباتات خضراء  لتزينها، ما جعل مجال الاستثمار بها مجزيًا وأصبح هناك إقبال ملحوظ من الشباب والشركات الكبرى على العمل فى هذا المجال.

◄ التصدير للخارج
ولم يقتصر العمل فى مجال نباتات الزينة على الاستثمار فى الداخل، بل اتسع الأمر للتصدير للعديد من الدولة العربية التى تسعى للتوسع فى توفير المساحات الخضراء لديها مثل العراق والأردن وليبيا وغيرها، ما جعل شباب كُثُر يتجهون لاستيراد أنواع بذور من الخارج وزراعتها فى مصر ثم تصديرها مجددًا للاستثمار بها فى شكل نباتات زينة أو شتلات، لذا يرى شبل ضرورة اهتمام الدولة بحماية هذه الصناعة وتجديد بيانات المنتجين سنويا وترخيص جميع المشاتل لتكوين دراسة جيدة للسوق المصرى ومحتوياته، فضلا عن دراسة السوق الخارجى والتعرف على كل ما هو جديد فى مجال نباتات الزينة من خلال الملحقين التجاريين والزراعيين بالسفارات المختلفة وإمداد المزارعين باحتياجات الدول الأخرى وإجراء اتفاقيات بين الدول لتنفيذ منتجات بعينها بما يحقق الأفضل للسوق المصرى ومساعدته على التصدير، مع تسهيل جميع الإجراءات التى تعوق التصدير.

◄ توفير فرص عمل
ويشير شبل إلى أن مجال نباتات الزينة يفتح الباب لاستقبال المزيد من الأيدى العاملة، وذلك للحاجة الدائمة لوجود العنصر البشرى فى المزارع سواء الصغيرة أو الكبرى، وكذلك بالقرى السياحية التى تحتاج لتنسيق واهتمام دائم بالنباتات وأيضا المدن الساحلية فضلا عن العمل فى مجال شبكات الرى والزراعة والمكافحة، مما يقلل من العبء على الدولة فى التوظيف ويقلل نسب البطالة.

وأوضح أن الاستثمار فى النبات الخارجى يعد أكثر جدية ويعود بالنفع على المنتج نفسه، وذلك لأن نسبة الخطورة على النبات أقل مقارنة بغيره.

◄ منتجات من عالم النباتات

لاكتمال منظومة العمل فى هذا المجال، لابُد من توفير الصناعات الموازية للنبات التى تجعل المنتج متكاملا ويبهر كل من يراه، وذلك لن يتوفر إلا من خلال صناعات جديدة واعدة بأيدٍ مصرية.
يرى المهندس ناصر فاروق، استشارى زراعى ومسئول عن منتجات مسلزمات الحدائق ونباتات الزينة، أن الاتجاه عند المستهلك المصرى حاليا أصبح البحث عن طريقة يحصل من خلالها على المنتج من الألف للياء أى أنه من بداية زراعة البذرة سواء فى أحواض للشرف أو فى حديقة المنزل وحتى الأشكال الديكورية التى تكمل جمال المظهر النهائي. 

وقد فتح ذلك الأبواب للشركات والمنتجات لتصميم منتجات جديدة تخدم احتياجات السوق المحلى وأيضا الخارجي، فقد اقتبست الشركات فكرة أحواض الزرع الملونة بالمقاسات المختلفة من دول الخارج، ونفذتها بتقنيات وجودة عالية فى المصانع المصرية بأسعار مناسبة للمستهلك فضلا عن أنها فتحت باب التصدير أيضا لدول أوروبا، بالإضافة لصنع أدوات أخرى مثل صوانى البذور التى تصلح للمستهلك البسيطة فى صنع أنواع عديدة من الشتلات فى وعاء واحد ثم توزيعها فى أحواض منفصلة أو استخدامها كمشروع صغير يزيد من دخل الأسرة. كما أن الشركات أصبحت تنتج فوانيس ديكورية للإضاءة بوحدات الطاقة الشمسية وذلك لاستخدامها فى تزيين الشرف والحدائق بدون أى تكلفة إضافية فهى تمتص أشعة الشمس نهارا وتعمل بطاقة الشحن طوال الليل.

◄ «اللاند سكيب».. سحر البساط الأخضر

اللاندسكيب هو فن لا يتقنه إلا من احترفه ليتعلم كيفية تنسيق المناظر الطبيعية بأشكال مبتكرة والعمل على الإبداع بها وتقديم أفكار مبتكرة للنجيل الاصطناعى الذى يتحول إلى بساط أخضر يستخدم فى الأغراض الديكورية للمنازل والحدائق والأماكن المفتوحة.

يشير المهندس محمد وحيد، مدير المبيعات بإحدى شركات النجيل الاصطناعي، إلى أن صناعة «اللاند سكيب» من أهم الصناعات التى تخدم احتياجات السوق المصرى وتشهد تطورا مستمرًا للتغلب على ركود حركة البيع والشراء بسبب ارتفاع الأسعار، ويتم ابتكار منتجات جديدة تسمح للمستهلك باقتنائها بأسعار مناسبة وكذلك تتيح للشركات التصدير للخارج الذى يتم بالفعل لأكثر من 35 دولة حول العالم ما بين توريد وتركيب، ليتم بذلك المساهمة بنسبة كبيرة من الصادرات وتوفير المزيد من العملة الصعبة.

ومن المنتجات الجديدة التى تم تصنيعها قطع من النجيل الاصطناعى المخصص للغرف الداخلية للمنزل وأماكن المعيشة بدلا من الأماكن المفتوحة والاستخدام الخارجى فقط، وتم ابتكار ألوان جديدة مثل الموف والوردى لتزيين الغرف بألوان مبهجة وكذلك دواسات للدورات المياه، ونوع معقم منها أمام باب المنزل حيث يرش عليها بعض أنواع المواد المطهرة مثل الكحول لتنشر التعقيم على الدواسة بالكامل وتقتل الجراثيم والفيروسات للدخول بشكل آمن للمنزل، مشيرا إلى أن الأسعار تبدأ من 80 جنيه للمتر المربع وتصل إلى 350 جنيها حسب النوع والكثافة وارتفاع طول النجيل.