الخروج عن الصمت

مملكة الحواس

محمد عبدالواحد
محمد عبدالواحد

محمد عبدالواحد

فى حى العميان لايوجد شئ يرى النور فالكل يتحسس حياته ويراها كما اعتمدتها حواسه .


لأنه فقد البصيرة التى تجعله يرى الأشياء بمنظور آخر أن من يمتلك أشياء لا يمتلكها هو ليس عونا له بل ينازعه فى مملكة حواسه التى يحيا بها.
وماجعلنى أتطرق لتلك القصة هو ما نعيشه اليوم من واقع يجعل كلا منا قد صنع لنفسه واد منعزل عن الآخر لايرى ولايسمع فيه معاناة غيره ، فهو ينظر لنفسه صباحا ومساء على أن واقعه هو كل المعاناه التى يحياها العالم .


ومن يعتقد من خلال عالمنا انه يمتلك كل الأشياء فهو انسان مصاب بالعجز لأنه لا يرى حكمة الله فى خلقه بأن جعل لقمة الفقير بيد الغنى ، وجعل يد الغنى عاجزة لا تصنع كل الأشياء لأن يد الفقير تعينه فيما عجز عنه .


لذلك حاول جيدا ان تكون حياتك بميزان ولاتسرف فى الفعل. لذلك ترى فى قصة وادى العميان أن الإنسان يصاب بالهلع عندما يواجه بالحقيقة فكان عقاب (نيونز) بطل القصة عندما أطلعهم على الواقع بأنهم لايبصرون الطرد.. وكان عرضه للبرد والجوع لذلك عاد إليهم مسرعا ليعترف بخطئه وأنه لايوجد شئ فى الكون اسمه الأبصار وكان فى قرارة نفسه عندما اكتشف أمرهم بأن ابصاره سيجعله الدليل لهم فى الحياة ، لكن حدث عكس متوقعة ولمانال عقابه واندمج معهم وأحب فتاة منهم عادوا من جديد ليذكروه بأنه ليس منهم وأن عليه أن يفقد مايملكه حتى يصير عضوا فى مملكة العميان ويفوز بحبه.. ولما رأى أنه سيفقد بصيرته كان عليه أن يختار فأخذ يتدبر فى الكون وأن هناك أشياء كثيرة جعلها الله فى هذا الكون ليستمتع بها الإنسان لذلك فكر بالفرار من الحب من أجل أن ينعم بالحياة.


فلا تستسلم لظلام الكون وانظر دائما الى بصيص نور يأتى بعد الظلام.. ولاتصر على أن تحيا فى واد صنعته يدك وتجاهلت فيه كل يد حاولت أن تعينك على الخروج من كهف العميان.. وتذكر دائما أنك لن تحيز الدنيا بحذافيرها إلا إذا أدركت جيدا حديث رسول الله الذى ضرب أروع الأمثلة فى تكاتف هذا المجتمع ليحقق أمنه وقوته وينعم بصحته فهذا لايتأتى من فراغ إلا إذا تحقق منظومة تكفل كل الحقوق حتى ترضى بحديث رسول الله «من أصبح منكم آمنا فى سربه ، معافى فى جسده، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها».