فى الصميم

«البروڤة» فى أوكرانيا.. والحرب مع الصين!!

جلال عارف
جلال عارف

لم يعد الجانب الاقتصادى وحده هو موضوع التنافس (أو الصراع) بين الصين وأمريكا. الجانب العسكرى يدخل على الخط بقوة. الصين تضاعف ميزانيتها العسكرية لتصبح ثانى أكبر دولة فى الانفاق العسكرى بعد أمريكا، والدولتان معاً تنفقان على السلاح أكثر من كل دول العالم مجتمعة!!


وسباق التكنولوجيا المتقدمة بين الدولتين يضاعف من القدرات العسكرية. وبينما لا تخفى أمريكا عن استراتيجيتها تقوم على أن الصين هى «التهديد الأول» لهيمنتها العالمية، فإن الصين لا تخفى عزمها على ضم تايوان إلى «الوطن الأم» وهو ما تراه أمريكا خطراً على مصالحها، والجانبان يعملون على ترتيب الأوضاع مع دول المنطقة فى سباق يزداد حدة.


الأيام الأخيرة شهدت تطورات تستحق المتابعة. وزير الدفاع الأمريكى «أوستن» كشف أن وزير دفاع الصين «لى شانج» رفض دعوته لعقد لقاء يبحث التوتر فى العلاقات بسبب قضية تايوان والأوضاع فى بحر الصين، علماً بأن الوزير الصينى تسلم منصبه فى مارس الماضى وأن أمريكا سبق أن فرضت عليه عقوبات قبل خمس سنوات على أساس تعاونه مع روسيا فى قضية التسليح(!!) لكن الحاجة إلى تفاهمات مشتركة تجعل أمريكا تحرص على إبقاء التواصل بين الجانبين خاصة فى المجال العسكرى.


الوزير الصينى رد بأن المناخ غير ملائم للاجتماع مع نظيره الأمريكى. وفى خطاب له بالأمس فى مؤتمر الأمن بسنغافورة قال إن عقلية الحرب الباردة عادت للظهور، وأدان المحاولات التى تستهدف إقامة «ناتو آخر» فى  آسيا، وهو الأمر الذى يؤدى عند الرئيس الصينى إلى إغراق منطقة آسيا والمحيط الهادى فى عاصفة من الصراعات.


انقطاع التواصل بين القيادات العسكرية العليا فى الدولتين خبر سيئ للجميع علماً بأنه فى أكثر من موقف كان رئيسا الأركان فى البلدين يتواصلان كما حدث عند اقتحام الكونجرس، أو عند إسقاط البالون الصينى. ولابد أن تكون هناك اتصالات مازالت تعمل من جانب المسئولين عن المخابرات، ولكن رفض اجتماع وزيرى الدفاع أمر مقلق فى ظل ظروف ضاغطة، وخوف من انتقال تجربة أوكرانيا إلى تايوان، والحاجة الماسة لضبط سباق التسلح الخطير.


أظن أن أمريكا لن تمانع فى إلغاء العقوبات (الشكلية!) التى فرضتها على الوزير الصينى قبل توليه منصبه.. لكن مناخ الحرب الباردة أصبح واقعاً جديداً يفرض نفسه فى غياب تفاهمات ضرورية تمنع الانزلاق إلى الصدام المدمر مهما كانت الخلافات، وتمنع أن تكون حرب أوكرانيا مجرد «بروفة» لحرب تايوان!!