اجماع المشاركين على أهمية مشروع قانون إنشاء المجلس الوطني الأعلى للتعليم والتدريب

■ المتحدثون والمشاركون خلال جلسة مناقشة مشروع قانون إنشاء المجلس الوطنى الأعلى للتعليم والتدريب
■ المتحدثون والمشاركون خلال جلسة مناقشة مشروع قانون إنشاء المجلس الوطنى الأعلى للتعليم والتدريب

شهد الأسبوع الماضى عقد جلسة نقاشية خاصة حول مشروع قانون إنشاء «المجلس الوطنى الأعلى للتعليم والتدريب»، والذى أحاله مجلس الوزراء إلى الحوار الوطنى بناء على توجيه من رئيس الجمهورية، وخلال النقاش وافق معظم المشاركين والمتحدثين على مشروع القانون كفكرة وكخطوة مهمة تأخرت كثيرا للارتقاء بمنظومة التعليم وتوحيد سياساته، لكنهم اختلفوا على مضمون القانون خاصة تشكيل هيكل المجلس والذى يضم عددا كبيرا من الوزراء، مؤكدين على ضرورة ضمان استقلالية المجلس ومنحه سلطة تنفيذية، وصياغة استراتيجية شاملة لجميع مراحل التعليم، مع متابعة تنفيذها.

أكد د. جمال شيحة مقرر لجنة التعليم والبحث العلمى فى الحوار الوطنى أهمية إنشاء المجلس الأعلى للتعليم والتدريب لأنه سيكون الخطوة الأساسية فى إعادة هيكلة المنظومة التعليمية، وضمان استمرارية السياسة التعليمية، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تعد نقطة البداية وذلك لأن المحاولات السابقة لإصلاح التعليم خلال العقود الماضية لم تكن ذات جدوى، بسبب عدم استقرار السياسات التعليمية، لافتا إلى أنه رغم محاولات الإصلاح السابقة إلا أن تغيير القيادات كان يتسبب فى تغيير السياسات المعتمدة، وهو ما أدى إلى عدم تحقيق نتائج فعالة، مشددا على ضرورة وجود لجنة عليا مسئولة عن وضع الاستراتيجيات والخطط التعليمية ومتابعة تنفيذها، وذلك لضمان تنفيذ الإصلاحات بشكل فعال ومستمر، وتحقيق تطور وتحسين مستدام فى نظام التعليم والتدريب.

وأشاد شيحة، بالنقاش الذى دار حول مشروع قانون المجلس الأعلى للتعليم والتدريب، وما نتج عنه من مقترحات تُصلح لأن تكون أساسًا لصياغة مسودة قانون جديد يضمن أن تكون الهيئة المقترح إنشاؤها هيئة عليا مستقلة، تعمل كهيئة استشارية ملزمة، وتحقق الشمولية والتمثيل لجميع أنواع التعليم، مؤكدا ضرورة أن يتبع المجلس مباشرة لرئيس الجمهورية، وأوضح أن كل المقترحات التى تم التوافق عليها سيتم صياغتها لعرضها على مجلس أمناء الحوار الوطنى تمهيدا لرفعها إلى القيادة السياسية لإعادة النظر فى صياغة مشروع القانون.. وأشار مقرر لجنة التعليم والبحث العلمى فى الحوار الوطني، إلى وجود توافق بين جميع المشاركين على أن يكون المجلس هيئة عليا للتعليم، تستهدف توحيد الرؤى والنظر للتعليم كوحدة متكاملة فى كافة المراحل التعليمية، وعلى ضرورة ربط مخرجات التعليم بخطط التنمية وسوق العمل، وأن يكون للمجلس رؤية استراتيجية وسياسات متوسطة وطويلة المدى لبناء الشخصية المصرية والهوية الوطنية للطلاب وأن يقوم بالتنسيق والتكامل بين كل الهيئات والمجالس الموجودة، وبناء السياسات الخاصة بالتعليم واستراتيجيات التطوير على أساس معاييرالجودة والتنافسية.

◄ تعديلات جوهرية
وعبر د. عمرو هاشم ربيع عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى عن سعادته بما طرحه النقاش من مقترحات تمثل تعديلات جوهرية فى مشروع قانون «المجلس الأعلى للتعليم والتدريب»، مشيرا إلى أن المناقشات كانت صريحة وتمت بشكل إيجابى لأنها كانت مرتبطة بأمر محدد لم تخرج عن سياقه وهو إنشاء المجلس الوطنى أو المفوضية أو الهيئة الوطنية للتعليم والتدريب، مشيرا إلى أنه سيتم صياغة هذه المقترحات ورفعها لمجلس الأمناء لإقرارها ومن ثم سترسل إلى رئيس الجمهورية، تمهيدًا لإعادتها مرة أخرى إلى مجلس الوزراء لإحالتها إلى البرلمان.

وأوضح عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، أن صياغة المقترحات وإقرارها من قبل مجلس الأمناء لن يستغرق وقتًا طويلاً، وقد يتم الانتهاء منها الأسبوع المقبل، وأن رفع المقترحات إلى رئيس الجمهورية يتم تباعا دون انتظار الانتهاء من كل مقررات الحوار الوطني، ذلك أن ما يتم الانتهاء من صياغته وإقراره سيتم إرساله مباشرة إلى الرئاسة.

وأعلن ربيع موافقته من حيث المبدأ على فكرة إنشاء المجلس الوطنى للتعليم، مطالبا بأن يكون مجلسا مستقلا ذات شخصية اعتبارية تتبع مباشرة رئيس الجمهورية وليس رئيس الوزراء، على أن تكون مدة أعضاء المجلس 4 سنوات تُجدد لمرة واحدة، وأن يقدم المجلس تقريرا سنويا وليس كل عامين، تُقدم نسخة منه لرئيس الجمهورية بجانب البرلمان والحكومة.

◄ اقرأ أيضًا | ضياء رشوان: نجاح الحوار الوطني هزيمة ساحقة للجماعات الإرهابية

◄ التطبيق والتنظيم
من جانبه، قال د. أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب ووزير الصحة الأسبق: إن فكرة إنشاء المجلس الأعلى للتعليم والتدريب هى فكرة جيدة وذات أهمية كبيرة، ولكن يظل السؤال كيف سيكون التطبيق الفعلى لهذه الفكرة؟ وكيفية تنظيم هذا المجلس؟، مشيرا إلى أن جميع المناقشات خلال جلسة الحوار الوطني تركزت حول هذه التساؤلات.. مضيفا: أننا نحتاج بالفعل إلى مجلس أو هيئة أو مفوضية تضع استراتيجيات للتعليم، ولا تتأثر بتغيير الوزراء، مشيرا إلى أن كل ما تم تقديمه من مقترحات بالتأكيد سيضعها مجلس الوزراء فى الاعتبار خلال تعديل مشروع القانون قبل إرساله إلى مجلس النواب.. ووافق رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، من حيث المبدأ أيضا على مشروع القانون، رافضا أن يضم فى تشكيله عددا كبيرا من الوزراء، مشددا على ضرورة أن يضم فى تشكيله الخبراء لا التنفيذيين، وأن يكون ذو تأثير وفاعلية خاصة وأن هناك عددا كبيرا من المجالس الموجودة على الساحة واصفا إياها بـ«اتحادات المصالح»، مطالبا بضرورة أن يتضمن القانون الجديد للتعليم العالى إلغاء المجالس العليا القائمة والاكتفاء بالمجلس الجديد على أن يتبع رئيس الجمهورية.

◄ إعادة صياغته
وأشار د. هانى أباظة، وكيل لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب وممثل حزب الوفد فى الحوار الوطني، إلى أنه رغم اختلاف الانتماءات الحزبية والتوجهات الفكرية للمشاركين فى الحوار، إلا أن الجميع يتوافقون على أهمية هذا الكيان بغض النظر عن تسميته، ذلك لأن فكرة مشروع القانون رائعة وجيدة ولكن يجب إعادة صياغته، خاصة وأن التشكيلة الحالية للمجلس ضمن مشروع القانون لا تُصلح لأن تكون مجلس إدارة وإنما تُصلح فقط لأن تكون مجلس أمناء، لأن مجلس إدارة هذا الكيان المهم ينبغى أن يتكون من خبراء ومثقفين وعلماء وأشخاص ذوى خبرة فى مجال التربية والتعليم والبحث العلمي، حتى يكونوا قادرين على المشاركة فيه وتحقيق الأهداف المرجوة منه.

وأوضح أباظة: أن فكرة وجود هذا الكيان الخاص بالتعليم ليست حديثة، والجميع ينتظرها منذ زمن طويل، لافتا إلى معاناة الدولة على مدار سنوات طويلة من تخبط المنظومة التعليمية، وتبدل القرارات والقوانين بتغير المسئولين، فى حين أن التعليم فى مصر يعانى من آفات كثيرة متعلقة بالمعلم والمناهج الدراسية والمؤسسة التعليمية ذاتها وأسلوب التقييم والتقويم، مطالبا بوضع استراتيجية خاصة بالتعليم تكون هى المظلة التى توجه مستقبل التعليم فى مصر إلى بناء الإنسان، الأمر الذى لن يتحقق إلا من خلال استراتيجية ثابتة واستقرار للمنظومة، مقترحا أن يكون مسمى هذا الكيان «الهيئة الوطنية للتعليم والبحث العلمي».

◄ مجلس وزراء مصغر
وأكد خلف الزناتى نقيب المعلمين، رفضه لتشكيل المجلس الأعلى للتعليم والتدريب، كونه يضم عددا كبيرا من الوزراء ولا يضم ممثلا لنقابة المعلمين فى مسودة مشروع القانون، مشيرا إلى أن أهداف القانون ككل ينقصه أشياء كثيرة، ويحتاج إلى استراتيجية واضحة تحقق الأهداف التى يتطلع إليها المصريون من هذا المجلس، ومنها: ربط مخرجات التعليم بخطط التنمية، وأن يكون من ضمن مهام المجلس اتخاذ ما يلزم للإصلاح السلوكى للقائمين على العملية التعليمية والحفاظ على الهوية المصرية.

وقال نقيب المعلمين: «نحن كنقابة متفقون على فكرة دعم مشروع القانون المطروح ونؤيدها، لكن المشروع الذى أمامنا هو مجلس وزراء مصغر»، متسائلا: أين هم الأكاديميون؟ أين عمداء وأساتذة كليات التربية؟ هل هناك علماء فى هذا المجلس؟ خاصة وأن مصر مليئة بالعلماء المبدعين، مضيفا: «الفكرة بشكل عام تمثل الكثير والكثير، لأن تعليمنا فى الماضى كان أفضل بكثير من الوضع الحالي، نحن فى تراجع مستمر ولسنا فى تقدم، لذا، نحتاج إلى مجلس يعمل على إنقاذ التعليم المصرى من الانهيار»، واقترح الزناتى أن يتضمن مشروع القانون تحديد آلية ملزمة للوزراء لتنفيذ الاستراتيجيات التى يتم وضعها.

◄ التعليم الفني
وشارك أعضاء المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية «ابدأ» فى جلسة الحوار، حيث أشارت نهال الأشقر عضو المبادرة، إلى الاستراتيجية الوطنية التى تتبناها مبادرة «ابدأ»، والتى تهدف إلى إعادة  هيكلة وتحسين وتطوير أداء نظام التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهني، فضلًا عن تحقيق تغيير فعلى وملموس فى النظرة المجتمعية النمطية للتعليم الفنى والتقنى ورسم صورة ذهنية أفضل عن العمالة الفنية والحرفية فى مصر، وقال المهندس نادر حرب، عضو المبادرة: إن هناك الكثير من التحديات فى مجال التعليم الفنى والتقني، أبرزها: تعدد الجهات، وعدم وجود منهجية واحدة واضحة ومحددة للتعليم الفنى فى مصر؛ مما أدى إلى تضارب المعايير، وتشتت وازدواجية الجهود، بالإضافة إلى عدم وجود مسار مستقبلى واضح لخريجى التعليم الفنى والتقني، مع وجود فجوة كبيرة بين المناهج والتطور التكنولوجى واحتياجات سوق العمل.

و أعلن نادر عن البدء فى تنفيذ المشروع الوطنى لتطوير التعليم والتدريب المهنى «EGY - TVET» تحت مظلة مبادرة «ابدأ»، بالتعاون مع كافة مؤسسات الدولة والجهات المعنية، وعلى رأسها اتحاد الصناعات المصرية، ووزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، والذى يهدف بشكل عام إلى توحيد الرؤى وتكامل الجهود لتطوير مؤسسات التعليم الفنى والتدريب المهنى وفقًا لمتطلبات المجتمع الصناعى ، لخلق جيل جديد من الكوادر الفنية المدربة والمؤهلة انطلاقًا من أن الفنى الماهر هو روح الصناعة والتى تٌعد السبيل الوحيد لتحقيق التنمية الاقتصادية.