حكايات| يتزوج من 70 امرأة ويشرب دم الأبقار.. ماذا تعرف عن رجال أغرب قبيلة في العالم| صور وفيديو

موطن الماساي
موطن الماساي

يقول الفيلسوف الدنماركي سورين كيركجور: "بمساعدة الشوكة المغروسة في قدمي قفزت عاليا، أعلى من كل شخص بقدم سليمة"، لذلك رحلتنا في الحياة لابد لها من رفيق ألم، تلك النعمة التي لا يريدها أحد، فنحن صنعية الألم والمآسي وما يميز شخص عن آخر، حجم الحزن في فؤاده، ومقدار الوجع والآلام المتدفقان في وريده، فكل الإبداعات البشرية وكل هذا التقدم الذي حققه البشر انبثق من معاناة الروح والعقل والجسد.. وهناك في أعالي وادي النيل بجانب بحيرة تدعى فيكتوريا، بجانب جبل يدعى كليمنجارو، نشأت قبيلة الماساي التي قدست الألم وعرفت أن ما يصنع مجدهم يكمن في بعض وجع..

أغرب قبيلة بالعالم
موطن الماساي التقليدي، يمتد من بحيرات وادي ريفت في كينيا عبر سهول سيرينجيتي إلى تنزانيا، وهو غني بالحياة البرية والتنوع البيولوجي المهددين بالانقراض. وتبلغ مساحة القرية التي تقطنها قبيلة الماساي نحو 500 كيلو متر مربع، ويبلغ عدد السكان أكثر من 53 ألف شخص، ولغتهم الأساسية هي لغة الشموس، والسامبورو. وبسبب عاداتهم وتقاليدهم الغريبة، صنف الباحثون والخبراء القبيلة كأغرب قبيلة في العالم، كما يطلق عليهم البعض لقب أكثر قبيلة وحشية على الإطلاق، وجاء في وصفهم الجسماني بأن شعرهم مصبوغ دائما باللون الأحمر وأجسادهم تتسم بالنحافة، ونادرا ما يوجد شخص من أشخاص القبيلة يزيد وزنه عن الوزن الطبيعي، ويروج عنهم أن العرب اعتمدوا عليهم في الفتوحات والغزوات القريبة من منطقتهم لما يتسمون به من وحشية.

اقرأ أيضا| حكايات| «هاتولي راجل».. قبيلة تحكمها النساء ويشعر فيها الرجال بالقهر والظلم | صور وفيديو

وفي قبيلة الماساي يرافق الألم احتفالات القبيلة منذ ولادة الشخص وحتى زواجه، وتبدأ الرحلة من الأمهات اللاتي يقمن بشق لثة الأطفال بالسكين لإخراج الأسنان السفلية، كما يقمن بثقب أذن الفتيان والفتيات من أعلى غضروف الأذن عن طريق الحديد الساخن، ويتم حفر حفرة كبيرة في الأذن ويتم تضخيم حجمها بالتدريج عن طريق إدراج بعض لفات الأوراق المصنوعة من الخشب، وعندما يبلغ الطفل سن البلوغ يقوم رئيس القبيلة برسم وشم على معدة وذراع الطفل.

أغرب الطقوس
من الطقوس الوحشية أيضا أنه لكي يثبت الشاب اكتمال ذكورته يتطلب منه العيش في الأدغال لمدد طويلة حتى يتعلموا التغلب على الأسود والأفاعي والحيوانات المفترسة، وذلك بهدف ثقل شجاعتهم لحماية القبيلة من أي هجوم أو اعتداء.

ومن ضمن الأمور العجيبة عن تلك القبيلة أن الرجل يستطيع الزواج بأكثر من 70 امرأة، ومهر المرأة في قبيلة ماساي يكون عبارة عن عدد من الأبقار، كما أن مهر البكر يزيد عن مهر الثيب التي سبق لها الزواج.

اقرأ أيضا| حكايات| فتاة عشرينية.. تعالج الأمراض وتصنع المعجزات ويعتبرها الآلاف «هبة السماء» | صور وفيديو

المصور السعودي، محمد سليمان الفالح، قضى 13 يوما بين القبائل المختلفة ووثق عادات مختلفة لكل منها، ففي قبيلة الماساي، والتي وصفها بـ"الأخطر"، وثق المصور السعودي عادات شرب دم البقر، إذ تعتقد القبيلة بأن ممارسة هذه العادة في كل صباح "تعطيهم نوعاً من القوة لطرد الخوف والأرواح الشريرة".

يعتقد كل سكان القبيلة أن خالق العالم هو الإله انكاي، وينقسمون إلى ثلاث مجموعات المجموعة الأولى تدعى الماساي والثانية تدعى تروبوا والثالثة تدعى كيويو، ويحتفل أفراد القبيلة بمواسمهم الرئيسية، وهي: "تكوكوا، وأولتما"، الأول يسمى موسم الأمطار الطويلة والثاني يسمى موسم الرذاذ أو الأمطار القصيرة، وتقيم القبيلة أيضًا احتفالات أخرى تخص عملية الختان، ومناسبات الزواج وبدء الحياة للطفل، والحمل والولادة، وموسم الحصاد. 

الماشية.. كل شئ
ليمارا ميريرو محارب من قبيلة الماساي ومرشد في تلال لويتا، يقول: «يمكننا المشي لمسافات طويلة.. في الواقع يمكن أن يغطي فرد الماساي مسافات تصل إلى 50 ميلا بشكل عرضي في يوم واحد».. ويضحك مضيفا: «نميل إلى الذهاب في نزهات قصيرة مع الضيوف، نرى الزرافات والحمير الوحشية والظباء وأكثر من ذلك.. نحن نعيش وسط الطبيعة بسلام حتى الحيوانات البرية لا نقتلها عادة، إنه من المحرمات».

الثروة الحيوانية مهمة في حياة الماساي، مع الثقافة كونها متجذرة في الرعي البدوي، ويوضح: «تزودنا الماشية بالطعام - الدم والحليب الذي نحتاجه.. حتى هذه الماشية نادرًا ما تُقتل، تُذبح فقط لأغراض احتفالية».

الماساي يعتمدون في طعامهم على العسل والحليب واللحم، والوجبة المفضلة لأفرادها هو لحاء الأشجار، ويتجنبون تناول الملح تماما، ويتناولون يوميا وجبتين من الطعام واحدة في الصباح والأخرى في الليل قبل النوم بثلاث ساعات، ولا يجوز لهم خلط الحليب باللحوم، بمعنى أن أفراد القبيلة يتناولون الحليب لمدة 10 أيام ومن ثم يبدؤون في تناول اللحوم لمدة 10 أيام أخرى، ولا يجوز الجمع بين الحليب واللحم في وجبة واحدة أو في وقت واحد.

تعتمد القبيلة على الماشية في الطعام والمأوى والملبس، حيث يستخدم أفراد القبيلة أضلع الماشية لتحريك الطعام أثناء الطبخ ويستخدمون القرون لعمل الأطباق، والأبواق لعمل أكواب الشرب. كما أن الرعاة داخل القبيلة يرتدون قبعة مصنوعة من جلد العجل، كنوع من أنواع التمييز العنصري بين الأفراد داخل القبيلة، وترتدي النساء جلد الغنم، ويتم تزيين تلك الملابس الخاصة بالنساء بالخرز المصنوع من الزجاج. ويتم اتخاذ القرارات داخل الأسرة من قبل الرجال، والشيوخ الكبار هم من يقررون المسائل والقرارات الكبيرة الخاصة بمجتمعهم.

يؤمن أفراد قبيلة الماساي إيمان كامل بالأساطير والحكايات والقصص الشعبية، وتعد الأساطير من ضمن معتقداتهم الأساسية، ويعاني أفراد القبيلة من تعدي زائد على الأراضي الخاصة بهم وتهديد مستمر بسلب بكل أساليبهم الحياتية.

اقرأ أيضا| حكايات| الطقوس الأكثر رعبا في العالم.. قبيلة تعيش مع الموتى | صور وفيديو

الحفاظ على الثقافة
ليمارا يضيف: «نحن نشرح ثقافتنا لضيوفنا في الليل حول نار المخيم.. ونشارك معرفتنا حول الأشجار والطيور، وكيف نبني أكواخنا.. نحن مرتبطون بالطبيعة.. إن المناضلة هي أهم احتفال في ثقافتنا.. حيث أنه يجب أن يصير كل ذكر في مجتمع الماساي محاربا وبعد ذلك يكسب الصبي احترام قبيلته، ويحصل على هدايا من الماشية.. وبعد هذا الاحتفال يصبح محاربا شابا يتمثل دوره في حماية شعب الماساي.. كما يقومون برعي الماشية وحماية قبيلتهم من غارات الآخرين ويحظر عليهم الزواج أو احتساء الكحول قبل أن يصبح محاربا».

يقول ليمارا: «نحن نعلم أن الأمور تتغير وتتغير، ولكننا نريد الحفاظ على ثقافتنا.. لقد حافظنا على ثقافتنا وتقاليد شعب الماساي، والآن نرى الزوار نعمة.. إن كلمة غرباء غير موجودة هنا، وبالتالي فإن الأشخاص الذين يقيمون معنا هم زوار».

موقف الحكومة التنزانية من قبيلبة الماساي هو أن السكان المتناميون في المنطقة يتعدون على موائل الحياة البرية وأن الماساي بحاجة إلى مغادرة منازل أجدادهم حول نجورونجورو ولوليوندو، وبداية محاولة تهجيرهم كان في عام 1992، حيث أذنت الحكومة التنزانية لشركة OBC بالاستيلاء على أكثر من 400 ألف هكتار من الأراضي موطنا لأكثر من 50 ألف من قبيلة الماساي، لإنشاء مطار خاص ومحمية صيد، وفي جولة أخرى من عمليات الإخلاء القسري بعام 2009 تركت 3 آلاف مشرد في لوليوندو. وفي عام 2015، أحرق حراس حديقة سيرينجيتي 114 منزلا من منازل الماساي التقليدية، وفي أغسطس 2017 تم إحراق 185 منزلا آخر، تاركين ما يقرب من 20 ألفا بلا مأوى. 

ولكن رغم كل ذلك وبالتحديد في تلال لويتا، حيث تنتشر الغابات المطيرة الجبلية في كل مكان، لا يزال شعب الماساي يمارسون تقاليدهم، في حين يعيشون جنبا إلى جنب مع عالم طبيعي مزدهر، ولكن دائم التغير.