د.ابراهيم مصطفى: السمنة تهدد الجهاز الهضمي والسكريات تنشط البكتريا الضارة

د.ابراهيم مصطفى خلال حواره مع «الأخبار»
د.ابراهيم مصطفى خلال حواره مع «الأخبار»

الذكاء الاصطناعى يكتشف الورم قبل الطبيب.. والبروبيوتك لعلاج القولون

تدبيس المعدة بالمنظار.. وتقدم كبير فى علاج المرىء

فى احتفال علمى كبير أقيم الأسبوع الماضى بولاية شيكاغو ، وحضره أكثر من ألفى طبيب من كل أنحاء العالم ، تم تسليم دكتور إبراهيم مصطفى، أستاذ أمراض الجهاز الهضمى بمعهد تيودور بلهارس، جائزة Master Endoscopic Award» لعام «2023» من الجمعية الأمريكية لمناظير الجهاز الهضمي، ليكون أول مصرى وعربي، وأول طبيب من خارج أمريكا ، يفوز بهذه الجائزة العالمية

وراء هذا التكريم الدولى الرفيع، رحلة إنجازات طويلة عمرها أكثر من 40 عاما ، فالدكتور إبراهيم مصطفى صاحب اسهامات بارزة محليا ودوليا فى مجال مناظير الجهاز الهضمى، وهى إنجازات لا تقتصر على مجال الطب والعلاج فقط ، بل تمتد إلى الإنجازات البحثية ، والإسهامات فى مجال التعليم والتدريب، وهى شروط متكاملة يجب توافرها للحصول على هذه الجائزة.

ود.إبراهيم مصطفى أسهم فى إنشاء وتطوير العديد من المراكز ووحدات المناظير ، فى مصر ، والدول العربية، وأيضا فى أثيوبيا وكينيا وغانا، كما أسهم فى التدريب ونشر علمه وخبرته على المستوى العربى والإفريقى، وأنشأ فى 2004 مركز القاهرة للتدريب (CTC) ، لاستقبال الأطباء من جميع أنحاء إفريقيا للتدريب فى مصر، حيث تم تدريب أكثر من 350 طبيبا حتى الآن .

وتقديرا لإسهاماته الكبيرة حصل من قبل على العديد من الجوائز المحلية والدولية، حيث فاز بجائزة الدولة التقديرية فى مجال العلوم الطبية، ثم توجت جوائزه المحلية بوسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، والذى سلمه له الرئيس عبد الفتاح السيسى بمناسبة حصوله على المركز الأول على مستوى معهد تيودور بلهارس، من حيث النشر العلمى الدولى الأكثر ذكراً (من2017-2022)، طبقا للتصنيف الدولى (SciVal)، وقاعدة البيانات العالمية (Scopus)
وعلى المستوى الدولى ، أصبح سفيرا للتدريب فى الجمعية الأمريكية لمناظير الجهاز الهضمى عام 2010، وحصل على جائزة Human Service Award فى عام 2012، وغيرها من صور التكريم المختلفة ، وتم اختياره رئيسا للجنة التعليمية لمنظمة التنظير العالمية من 2013 إلى 2020 ..

 فى البداية سألت د.إبراهيم مصطفى عن أهم ملامح رحلة العمل والإنجاز التى كانت سببا فى هذه الجائزة وهذا التكريم العالمى الذى يمنح لأول مرة لطبيب من خارج أمريكا ؟

بابتسامة هادئة يقول:

الحمد لله قبل أى شىء، فهذا التكريم كما قلت تتويجا لرحلة طويلة ، أتمنى أن أكون قد وفقت فيها لخدمة المرضى ونقل العلم لشباب الأطباء أيضا، وهذا التكريم يتم منحه من قبل أعضاء مجلس إدارة الجمعية الأمريكية لمناظير الجهاز الهضمى ، ASGE، وهى أكبر جمعية فى العالم فى مجال المناظير، ويتم ترشيح الفائز بهذه الجائزة بعد توافر معايير محددة ، أهمها أن تكون له إنجازات ليست فى مجال العلاج فقط ، بل أيضا فى مجال الأبحاث و التعليم والتدريب والابتكار ، وهذه الجائزة تمنح صاحبها لقب Master ، ولأول مرة منذ إنشاء الجمعية فى 2007 ،يتم منح هذا التكريم لطبيب من خارج أمريكا
نقل العلم

خلال رحلة إنجازاتك الطويلة فى مجال العلاج والأبحاث والتدريب، ما أهم الإنجازات التى تعتز بها، وترى أنها كانت أهم أسباب الجائزة ؟

وكأنه كان ينتظر هذا السؤال ، فأجابنى بسرعة : أكثر شىء أعتز به هو التعليم والتدريب ونقل العلم والخبرة لأجيال عديدة، ، من خلال المساهمة فى إنشاء العشرات من وحدات مناظير الجهاز الهضمى بمصر والدول العربية والإفريقية، وانشاء مركز القاهرة للتدريب الذى استقبلنا به مئات الطلاب الأفارقة وقمنا بتدريبهم هنا ليعودوا وينقلوا العلم والخبرة لبلادهم ، كما أنشأت أيضا برنامجا متميزا ، هو برنامج «Emerging Stars» الذى اهتم بتدريب الأطباء من جميع أنحاء العالم على مهارات إضافية مختلفة، هى مهارات القيادة والتواصل.

ويصمت قليلا وكأنه يتذكر شيئا ، ثم يبتسم قائلا: أكثر لحظات سعادتى كانت يوم افتتاح مركز مناظير الجهاز الهضمى فى أثيوبيا عام 2013 ، وإزاحة الستار عن اللافتة المكتوب عليها «المركز المصرى للجهاز الهضمى والكبد».

السمنة والكبد الدهنى

وأسأله: بعد القضاء على فيروس سى ، ما الذى يهدد جهازنا الهضمى حاليا ؟

السمنة والكبد الدهنى ، هما أخطر ما يهدد الإنسان خلال هذه الفترة التى نعيشها ، و أتصور أن يستمر هذا الخطر خلال الفترة القادمة، بسبب زيادة ظاهرة السمنة على مستوى العالم كله. وهناك أيضا مشاكل القولون، ومرض ارتجاع المرىء، وهى أكثر الأمرض انتشارا ، بسبب ضغوط العصر ، والتدخين، والسمنة أيضا .

طفرة علاجية

وهل هناك إنجازات علمية جديدة تبشر بقرب القضاء على هذه الأمراض؟

طبعا، فالعلم يحقق كل يوم إنجازات جديدة فى مجال الصحة، وتقنيات الذكاء الاصطناعى على سبيل المثال تبشر بطفرة قوية فى الرعاية الصحية، فهناك توسع كبير فى استخدام الذكاء الاصطناعى فى العلاج والتشخيص، وفى مجال المناظير مثلا ، بدأنا نستعين بالذكاء الاصطناعى لاكتشاف الورم فى بداياته من خلال المنظار ، قبل أن يكتشفه الطبيب.

ومع التطور التكنولوجى أيضا، أصبحنا من خلال الأجهزة والمناظير الحديثة نستطيع الوصول إلى الطبقات الداخلية للجهاز الهضمى ، وعلاجها ، وهو ما كنا نعجز عنه من قبل .

وفى مجال القولون التقرحى، هناك الآن أدوية بالفم تمنع تطور المرض ومضاعفاته،

علاج «البروبيوتك»

ويضيف: هناك أيضا تطور كبير فى النظريات العلاجية ، فقد ظهرت نظريات تعتمد على العلاج باستخدام «البروبيوتيك» ، وهى البكتريا النافعة الموجودة فى الجسم والتى تسهم فى الحفاظ على صحة الأمعاء ، فقد ثبت أن اختلال التوازن بين البكتريا الضارة والنافعة ،هو الذى يؤدى لأمراض القولون العصبى والتقرحى، والعلاج بالبروبيوتك يهدف لإصلاح هذا الاختلال وإعادة التوازن بين البكتريا الضارة والنافعة، لتحسين مشكلات الهضم، والحفاظ على صحة الجهاز الهضمى عامة.

أما فى مجال السمنة، فهناك أيضا تطور كبير فى جراحات السمنة ، فقد بدأنا إجراء تدبيس المعدة باستخدام المنظار، بدلا من الجراحة، وهو ما يعنى مضاعفات أقل ووقت أقل، ونتائج أفضل.

وهناك تقدم أيضا فى علاج ارتجاع المرىء ،حيث بدأنا نستخدم المنظار فى تقليل الفتحة بين صمام المعدة والمرىء، بما يسهم فى علاج الارتجاع .
احذروا السكر!!

 هل نستطيع حماية جهازنا الهضمى من المرض ، والحفاظ على صحة وسلامة المعدة والأمعاء ؟

يجيب بسرعة: بالطبع، فيجب أن يقتنع الإنسان أن الطعام هو أكثر شىء يؤثر على معدته وجهازه الهضمى ، والأهم أن يتحول هذا الاقتناع لسلوك وعادات غذائية صحية، فتحسين النظام الغذائى يسهم بلا شك فى الحفاظ على سلامة الجهاز الهضمى وحمايته ، وطبقا للدراسات الحديثة، فنحن كأطباء ننصح بتناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتك ، أو البكتريا النافعة ، حتى ندعم وجود هذه البكتريا داخل الجسم، لدورها الكبير فى الحفاظ على صحة الأمعاء، وتجنب الإصابة بالمشكلات الصحية المتعلقة بالمعدة، كما أن لها دورا فى تنشيط الجهاز المناعي، مما يساعد فى منع الأمراض المختلفة والمعدية. ومن أهم الأطعمة الغنية بالبروبيوتك، الزبادى والتفاح والثوم، والجبن المصنوع من ألبان الماعز والأغنام واللبن الرايب والشيكولاتة الداكنة والبسلة الخضراء. ومن أهم التحذيرات أيضا ، ضرورة الحد من تناول السكريات ، لأن البكتريا الضارة تعيش على السكر.

هواية حلوة!!

 بعيدا عن الإنجازات الطبية والبحثية ، دائما ما يكون للأطباء هوايات فنية أو موسيقية أو أدبية ، فما هى هواياتك الخاصة التى تستمتع بها ؟

وكأن السؤال عن الترفيه والهوايات فاجأه، ليعترف لى قائلا :

للأسف أنا ضيعت حياتى بدون هوايات ، زمان كنت أمارس كرة القدم وكرة اليد، وأركب العجل، ولكن بعد بداية رحلتى مع الطب، تركت كل الرياضات والهوايات ، و ركزت فقط فى العلم والدراسة، على حساب كل شىء، حتى على حساب الوقت الذى أقضيه مع أسرتى .

لحظة صمت قصيرة ثم يضيف مبتسما:

بعض أصدقائى الأطباء من أبناء دفعتى ، يعزفون آلات موسيقية كالعود والبيانو ، وأحيانا أشعر بالغيرة منهم، وأفكر فى بدء تعلم هواية جديدة مثلهم ، وخاصة عزف العود مثل صديقى وزميل دفعتى د.هشام حسن ، الطبيب الكبير وأستاذ الكبد بجامعة أريزونا الأمريكية، والذى يمارس هواياته الفنية بجانب عمله. ولكنى بصراحة ، لم أبدأ خطوة جادة فى ممارسة أى هواية، لأنى لازلت شغوفا بالطب والعلم والتدريب .

ويصمت قليلا ثم يقول بسرعة: على فكرة أنا بدأت نشاطا جديدا منذ سنوات قليلة، يمكن أن تعتبريه هواية ، وهو الزراعة ، فقد اشتريت قطعة أرض فى الطريق الصحراوى ، وبدأت أزرعها، وحينما رأيت إنتاجها شعرت بسعادة كبيرة ، وبدأت أزرع بنفسى ، وأحرص على متابعة الزرع بنفسى ، وأقضى بها وقتا أطول استمتع به جدا .. ويسألنى مبتسما: «مش دى برضه تبقى هواية حلوة ، وإلا إيه ؟؟ «.