خبير آثار يرصد محطات العائلة المقدسة بالشرقية وأعمال التطوير 

صورة موضوعية
صورة موضوعية

مع اقتراب احتفال مصر بعيد دخول العائلة المقدسة إلى مصر أول يونيو نرتحل فى رحلة علمية روحانية مع خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار لنرصد معالم الرحلة ومعجزات السيد المسيح بمحطات الرحلة بمحافظة الشرقية حيث شملت تل بسطة، موقع كنيسة ودير الملاك ميخائيل بمنيا القمح وبلبيس.

جاءت العائلة المقدسة إلى "تل بسطة" القديمة تبعد 2 كم عن مدينة الزقازيق وكانت تقع قديمًا عند التقاء الطريق التجارى البرى لوادى الطميلات مع الطريق النهرى عبر الفرع البيلوزى لنهر النيل والذى كان يمر بمدينة بوبسطة القديمة وكانت عاصمة الإقليم الـ18 في مصر القديمة، كما كانت عاصمة مصر في عهد الأسرة الـ22 و 23 وكانت مدينة كبيرة مملوءة بالمعابد ويعود اسمها إلى "بر – باست" أى معبد باست نسبة إلى المعبودة باستت ويرمزون إليها بالقطة حيث كانت هى المعبودة الرئيسية بالمدينة ومن ثم كان اسم المعبودة هو نفسه اسم المعبد والمدينة وقد زارها المؤرخ هيرودوت ووصف جغرافيتها والاحتفال الكبير الذي كان يتم في معبدها العظيم الخاص بالمعبودة باستت "القطة"، اسمها اليونانى بوباسطس واسمها القبطى بوبسطة وقد ذكرت فى الكتاب المقدس باسم " فيبستة" حزقيال 30:17. ومنها جاء الاسم العربي بسطة
ويضيف الدكتور ريحان أن تل بسطة شهدت ثلاث معجزات للسيد المسيح حيث استراحت العائلة المقدسة تحت شجرة وطلب السيد المسيح أن يشرب فدخلت السيدة العذراء مريم المدينة تطلب ماء من أهلها ولكن للأسف لم يعطيها أحد، فرجعت السيدة العذراء إلى السيد المسيح الذي قام بانباع بئر ماء شربوا منه جميعًا وباركه السيد المسيح.

وأكدت الاكتشافات الأثرية لحفائر جامعة الزقازيق وجود هذا البئر فى أكتوبر 1977 حيث تم اكتشاف بئرًا للمياه فى تل بسطة شمال صالة الأعمدة للمعبد الكبير مبنية بالطوب الأحمر عمقها 6.60م تعود إلى العصر الرومانى وأثناء أعمال الكشف تفجرت المياه بداخله من عين ماء جانبية ويرجح أنه البئر الذى أنبعه السيد المسيح ونشر ذلك علميًا الدكتور محمود عمر محمد سليم عام 2000 تحت عنوان "بئر العائلة المقدسة فى تل بسطة".

ويتابع الدكتور ريحان بأن تل بسطا شهدت أيضًا معجزة شفاء زوجة رجل اسمه كلوم أو أقلوم بمعنى إكليل بالقبطية وكانت مصابة بالشلل بعد استقباله للعائلة المقدسة والذى عرض على العائلة المقدسة استضافتهم في منزله وأقاموا عدة أيام، وفي أحد الأيام ذهبت العائلة المقدسة إلى منطقة المعابد بالمدينة وعند دخولهم معبد باستت تحطمت التماثيل أمام السيد المسيح تحقيقا لنبوة اشعياء النبى سفر اشعياء الاصحاح 19 الآية 1، وبارك السيد المسيح بيت كلوم الذى تحول إلى كنيسة ومزار لكل المصريين ولكنها اختفت مع اختفاء معالم المدينة وتجمع المسيحيون بالمنطقة التى أنشئت بها أسقفية فى القرن الرابع الميلادي.

ويوضح الدكتور ريحان أن المحطة التالية بالشرقية بعد تل بسطة هى موقع كنيسة ودير الملاك ميخائيل بكفر الدير بمنيا القمح طبقًا لما جاء فى كتاب الدكتور حجاجى إبراهيم أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة طنطا " المعقول فى خط سير العائلة المقدسة فى مصر"  والذى أهدى منه نسخة  إلى قداسة البابا تواضروس الثاني وقد سارت العائلة المقدسة من تل بسطة إلى كفر الدير حيث البئر الشهير بئر شيشنق وبه حاليًا كنيسة الملاك ميخائيل د.

ونشأ بموقع كنيسة الملاك ميخائيل بكفر الدير مقرًا لرهبنة يطلق عليها "رهبنة الغار" وقد أخذت القرية اسمها من اسم الدير وكان يجتمع فيه الرهبان من المناطق حول الدير لتناول وجبة الأغابى أى وجبة المحبة وهناك اثنين من بطاركة الإسكندرية كانوا على رهبنة الغار حتى القرن الثامن الميلادى وقد مرت العائلة المقدسة بالموقع قادمة من تل بسطا. 

وفى بلبيس وأثناء مرور العائلة المقدسة استظلوا بشجرة عرفت فيما بعد بــ "شجرة مريم" وحتى الآن يدفن المسلمون حولها أمواتهم تبركًا بها، ويروى أنه أثناء الحملة الفرنسية على مصر مر عليها جنود نابليون وأرادوا أن يقتطعوا من هذه الشجرة خشبًا لطهى طعامهم فلما ضربوها بالفأس أول ضربة بدأت تدمي فأرتعب العسكر ولم يجرؤوا بعد ذلك أن يمسوها، وتباركوا بها وكتبوا أسمائهم على فروعها ومنهم شفى من مرض الرمد.

وعن أعمال التطوير فى الشرقية يشير الدكتور ريحان بأن منطقة تل بسطا التى تبلغ مساحتها 124 فدان شهدت اكتشافات أثرية هامة كشفت عن المعبد الكبير للإلهة باستت وأطلال معبد بيبى الأول ومنطقة الجبانات للدولة القديمة والحديثة وأساسات لقصر أمنمحات الثالث وتمثال للملكة ميريت إبنة رمسيس الثانى، وقد تم إقامة سور يحيط بتل بسطا مزود ببوابات إلكترونية وممر داخلى وتزويدها ببرجولات خشبية إحداهما للبئر المقدسة.

كما قامت محافظة الشرقية بتطوير تل بسطة برفع كفاءة الطرق المحيطة والمؤدية إليه وتطوير الموقع لاستقبال الزوار وعمل اللوحات الإرشادية بالمكان وعمل لوحات مرورية في مداخل المدينة لترشد الزائر إلى مكان تل بسطة كما قامت بعمل لوحات تعريفيه في المنطقة المحيطة بالمكان.