«الذكاء الاصطناعى»| عملاق تكنولوجى يبتلع صناع السينما

جانب من الاحتجاجات على الذكاء الاصطناعى بأمريكا
جانب من الاحتجاجات على الذكاء الاصطناعى بأمريكا

إيثار حمدى

وليد حجاج: لابد من تطور الإنسان مع الآلة حتى لا ينهى عمله
مدحت العدل: المهم عدم التنصل من الحقوق المادية والأدبية

الخوف بدأ من الغرب، مظاهرات يقودها فنانون وكتاب وصحفيون ومؤلفون خرجت - على هامش مهرجان كان - تطالب بحقهم فى البقاء على قيد الإبداع، اعتراضا على إحلال الذكاء الاصطناعى بدلا منهم، وإحالتهم للتقاعد فى المستقبل القريب. 

ظهر الأمر فى البداية كخيال علمى فى العديد من الأفلام، منها على سبيل المثال قبل 9 أعوام فى فيلم  «I robot» بطولة ويل سميث وتدور أحداثه فى المستقبل البعيد (وفق معتقدات صناع العمل وقتها)  مع تطور الحياة الإلكترونية والتكنولوجيا، حيث يتم صنع آليين بقدرات ومهارات عالية لمساعدة البشر على إنجاز مهامهم، لكن الآليين يسيطرون على الحياة ويزيحون الإنسان من طريقهم، لتبدأ الحروب بينهم وبين البشر..

وعلى الأرض قام «بروس ويلز» - منذ عامين - ببيع وجهه، وأعطى حق استغلاله لشركات الدعاية والإعلان، مقابل نسبة من الربح، أما بعض المطربين فيسعون لبيع بصمات صوتهم، بينما الكارثة أنه لا يوجد أداة قادرة على التمييز بين الحقيقى والمصنوع بواسطة الذكاء الاصطناعى سواء صوتا أو فيديو.
المهندس وليد حجاج الخبير والباحث فى أمن المعلومات، يرى أن الذكاء الاصطناعى ليس بعيدا عنا فكل ما نقوم به فى حياتنا مبنى عليه، ويقول إن الأراء انقسمت حول استبدال الإنسان بالروبوت فهناك فريق يرى أن الروبوت سيحتل الوظائف، بل حتى البشر سيصبحون آليين وسيحدث إندماج بين أجسامنا والتكنولوجيا عن طريق شرائح تزرع بداخلنا، وفريق آخر يرى أن الذكاء الاصطناعى سيظل أداة يسيطر عليها البشر وهم يقومون بتشغيله عن طريق البيانات التى ندخلها للأجهزة.

ينحاز حجاج للفريق الثانى قائلا: إذا كان الذكاء الاصطناعى سينتزع العديد من الوظائف فإنه فى المقابل سيضيف أضعاف الوظائف الأخرى التى ستكون مهمتها تشغيل الآلة وصيانتها، ولكن المهم أن يتطور الإنسان مع الآلة بمعنى أن أى صاحب مهنة - حتى الطبيب - لا بد أن يواكب التكنولوجيا وإلا فهو ينهى عمله بنفسه.

وأضاف:  من مزايا الذكاء الاصطناعى أنه يطور وينجز المهام بكفاءة عالية ويوفر الوقت والمجهود ويحلل البيانات، ولكل شيء وجهين وعلينا أن نقرر إما أن نستفيد من الضوء أو نحترق بالنار.

وتابع: الذكاء الاصطناعى قادر على أن يجعل عبد الحليم حافظ يغنى مقاطع لحسن شاكوش بطريقته الخاصة، وكل ما علينا أن نستغله بما يتناسب مع احتياجاتنا، فقدراته أعلى من قدراتنا البشرية لتمكنه من القيام بعمليات معقدة للغاية فى وقت وجيز.

ويذكرنا الكاتب والسيناريست د.مدحت العدل أن ما يحدث من اعتراض حاليا رأيناه من قبل وقت ظهور تقنية الهولوجرام التى قابلناها بسخرية شديدة فى حين شعرنا بعدها أن أم كلثوم تقف أمامنا فعليا.

ويشرح: اللمسات الإنسانية والروح البشرية ستظل موجودة مهما وصل قطار التطور، ولن يعوض عنها شيء، فالذكاء الاصطناعى يكتب ولكن بدون روح وإحساس، وهو الفرق بين البشر والآلة.

ويؤكد أن المهم هو عدم التنصل من الحقوق المادية والأدبية والمعنوية فمن حق أى شخص أن يجرب كيفما شاء ولنا أن نقبل أو نرفض وننتقد النتيجة فى النهاية سواء بالسلب أو الإيجاب، ويقول:  أنا مع التجربة فى كل شيء، كما من حق أى شخص الاعتراض عليها، ولكن مع دراسة الأبعاد، فلن يستطيع  أحد منع التطور التكنولوجي، بل عليه أن يقدم شيئا مختلفا بحسه الإنسانى الذى لا يقدر الذكاء الاصطناعى على تقديمه، فمن المستحيل أن يقوم الذكاء الاصطناعى بكتابة رواية كالجريمة والعقاب بكل المشاعر التى تحتويها، فالتجربة الإنسانية خارج نطاق الذكاء الاصطناعي، لأنه يطور بلا روح إنسانية، ومواجهة الخوف من الذكاء الاصطناعى يجب أن تكون بالعمل.

أما د. حسام لطفى أستاذ القانون المدنى ومقرر لجنة حماية الملكية الفكرية بالمجلس الأعلى للثقافة فيرى أنه لا يوجد سقف لتطور الذكاء الاصطناعي، ولكل حالة وضعها، فمثلا عندما بدأ الفنانون الوقوف على خشبة المسرح وهم فى الحقيقة متوفون، استطعنا السيطرة على الأمر بإبرام عقود مع ورثتهم ومع شركات التسجيل الصوتى ونجحنا فى عمل حفلات الهولوجرام، وبالتالى كلما يظهر تطبيق من تطبيقات الذكاء الاصطناعى سنواجه صناعه بشكل قانوني.

وتابع: لسنا فى حاجة لقوانين جديدة لضمان حق الملكية الفكرية للكتاب، فجريمة التعدى على حق المؤلف والمؤدى قائمة، وجريمة المساس بالحق الأدبى والمالى أيضا موجودة، والقانون المصرى الحالى كاف جدا لمواجهة جميع الحالات، وقانون العقوبات والتشريعات لم يحدد الوسيلة المستخدمة فى ارتكاب الجرم سواء نصبا أو سرقة أو حتى قتل، ومن الخطأ الاعتقاد بأن لكل جريمة جديدة قانون جديد إلا إذا كانت جريمة لم تكن موجودة، وبالتالى التطور التقنى تحت السيطرة ونراقبه جيدا.

وأوضح: الحق الأدبى أبدي، ونستطيع أن ندافع عنه، فى أى وقت وبكل قوة، وتعتبر وزارة الثقافة مسئولة عن المطالبة بالحق الأدبى إذا لم يكن هناك ورثة للفنان الذى تم انتحال شخصيته.

ويقول د. عبد الله نور الدين عضو لجنة حماية الملكية الفكرية بالمجلس الأعلى للثقافة إن منح حقوق الملكية الفكرية لتقنيات الذكاء الاصطناعي - في الوقت الحالي - بات محل نظر، على أن تنسب ابتكارات وإبداعات تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي قام بإعداده.

وهناك آراء تدعو إلى منح تقنيات الذكاء الاصطناعي حقوق الشريك جنبًا إلى جنب مع الشخص الطبيعي الذي أعد أو شارك في الابتكار الذهني، لافتا إلى أن استخدام صور الأشخاص أو أصواتهم أو غير ذلك يستدعي استصدار تراخيص كتابية من أصحاب الحقوق أو خلفهم العام أو الخاص، ويحق لأصحاب الحقوق وخلفهم منع أي اعتداء أو تشويه أو إساءة أو استخدام دون إذن.

 

اقرأ أيضاً|«الذكاء الاصطناعي» يحاصر الإبداع