الصناعة النووية الروسية مهددة بالعقوبات.. خبراء يكشفون معلومات هامة

 الدكتور طارق عبد العزيز فرج
الدكتور طارق عبد العزيز فرج

أكد الدكتور طارق عبد العزيز فرج الخبير فى شؤون الاعلام النووى والباحث في مجال النزاعات النووية، إلى إنه يجب دائمًا الفصل بين السياسة والاقتصاد حتى لا يعاني المدنيون، حيث إن للأزمة الحالية تداعيات على الاقتصاد العالمي بأكمله، هذا الاقتصاد الذي لا يزال يعاني من آثار جائحة فيروس الكورونا والاضطرابات المتزايدة المتعلقة بالإمدادات عبر النقل الجوي الدولي.

وأضاف عبدالعزيز أنه يتزامن الإعلان عن احتمال فرض عقوبات على الصناعة النووية الروسية، مع ذكرى مرور عام واحد على الصراع الروسي الأوكراني، وهنا لابد من التذكير بأن القطاع النووي يعد من أهم الجوانب التي تؤثر على سوق الطاقة العالمي، وهو المحرك الرئيسي للتنمية في جميع دول العالم، وفي هذا السياق تحتل شركة «روساتوم» الحكومية المرتبة الأولى في تصنيف أكبر شركات توليد الطاقة في روسيا، حيث تنتج 215746 تيراواط / ساعة من الكهرباء، كما أنها تحتل المرتبة الأولى في العالم في بناء محطات الطاقة النووية.

وقال عبدالعزيز على خلفية ذلك فإن شركة روساتوم تتمتع بتأثير ملموس على سوق الطاقة النووية، وبالتالي فإن فرض العقوبات عليها سيؤثر على العالم كله، عمومًا سوف تظهر العواقب الاقتصادية والسياسية في جميع أنحاء قطاع الطاقة النووية المدنية، بما في ذلك أوروبا وأمريكا، حيث يوجد 18 مفاعلاً نوويًا روسي التصميم في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك في فنلندا وسلوفاكيا والمجر وبلغاريا وجمهورية التشيك، وكل هذه المفاعلات تعتمد على شركة روساتوم فيما يتعلق بتوريد الوقود النووي والخدمات الأخرى، حتى إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد على شركة روساتوم من ناحية توريد حوالي ربع الاحتياجات من اليورانيوم.

على الرغم من ذلك انقسمت الدول الأوروبية في موقفها إلى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى تضم دول البلطيق التي تطالب بحظر توريد الوقود النووي من روسيا، والمجموعة الثانية تضم دولاً تتخذ موقفًا محايدًا مثل النمسا، والمجموعة الثالثة تعارض فرض القيود.

أما فيما يتعلق بمخاوف الجانب الأوروبي فهي تتجسد بوجود مخاطر تهدد سلامة عملية تغيير الوقود في المحطات، فضلاً عن حقيقة أنه في الظروف الحالية لن يكون من الممكن الاستغناء عن الوقود الروسي في تشغيل المفاعلات من تصميم روسي لمدة تتراوح من 10 – 15 سنة أخرى، مع العلم أن الولايات المتحدة سوف تزود ما نسبته 14% من وقود اليورانيوم الخاص بها. في الوقت نفسه تشتري المؤسسات في جميع أنحاء أوروبا حوالي خمس اليورانيوم من شركة «روساتوم» الحكومية بعد فشلها في تنويع مصادرها بعد قطع العلاقات مع روسيا في قطاع الطاقة.

وشركة «روساتوم» هي أكبر شركة مصنعة للمفاعلات النووية في العالم، حيث تنافس الشركات الصينية والفرنسية واليابانية والكورية والأمريكية على الحصة الأكبر من سوق الطاقة النووية. مع اختلاف وما يثير الاهتمام هو أن شركة "روساتوم" مسؤولة عن إنتاج وتركيب وتشغيل وصيانة المفاعلات النووية حول العالم، وتقدم المساعدة للبلدان التي تحتاج إلى تمويل لبناء محطات الطاقة النووية.

وأكد الدكتور طارق عبدالعزيز أن ما يؤكد على عمق العلاقات المصرية الروسية منذ 40 عامًا هو استمرار مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية وأن عقوبات الاتحاد الأوروبي لن تؤثر عليه. وبحسب قول ممثلي القطاع النووي المصري فإن بناء محطة الضبعة النووية يسير بشكل منهجي وفقًا لجدول زمني متفق عليه مسبقًا.

على كل حال تكمن أهمية المشروع في تحقيق حلم كل المصريين. فمن الناحية الاقتصادية فإن دخول مصر إلى النادي النووي يعني أن الاقتصاد المصري سيرتقي إلى مستوى أعلى، حيث سيتم الاستفادة من توليد الطاقة الكهربائية، الأمر الذي سوف يسمح بتنوع مصادره من الطاقة البديلة الرخيصة نسبيًا والتي لا تنضب، ويقلل الاعتماد على النفط والغاز وتجنب تقلبات الأسعار.

ويضيف الدكتور طارق عبدالعزيز أما من وجهة النظر السياسية، فالحديث يدور عن العلاقات الثنائية بين القاهرة وموسكو، وعلى الصعيد العلمي والتقني فبعد إطلاق المشروع تدخل مصر رسمياً عصر الاستخدام السلمي للطاقة النووية، مما سيحافظ على قوتها في معركة التنمية والتحرك نحو بناء دولة حديثة تقوم على أسس علمية متينة، إذ سيتم استخدام الطاقة النووية في المجالات العلمية والطبية والزراعية والصناعية.

وأكد الدكتور علي عبد النبي نائب رئيس هيئة المحطات النووية الأسبق أن مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة واليابان وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وكندا) تعهدت بإنهاء هيمنة شركة روساتوم الروسية في أسواق الوقود النووي العالمية، وهدفهم هو تقويض المصدر الحيوي من حيث التأثير الجيوسياسي لروسيا، لأن وقود قطاع الطاقة هو أحد المصادر الرئيسية للدخل القومي الروسي.

ومع ذلك وبعد أكثر من عام على بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وفي ظل العقوبات الغربية القاسية المفروضة على روسيا، نجد أن الدولة لم تتأثر وأن الصناعة النووية الروسية مستمرة في تنفيذ الالتزامات تجاه البلدان الشريكة بشكل واضح.

وأضاف الدكتور عبدالنبي نحن في مصر على ثقة من أن قرار فرض عقوبات على الصناعة النووية الروسية هي خطوة غير مدروسة، وسوف تثير مشاكل اقتصادية كبيرة ومتاعب للعديد من الدول. يجب ألا ننسى أن روساتوم زودت ما يقرب من ربع اليورانيوم المخصب اللازم لتشغيل 92 مفاعلاً أمريكيًا في عام 2021. هناك أيضًا شركات لتوليد الطاقة في أوروبا تعتمد على شركة «روساتوم» لتشغيل منشآتها النووية.

ولن تتمكن القرارات غير المدروسة في تقويض أنشطة شركة «روساتوم» الروسية على المستوى العالمي، فهي عملاق الطاقة النووية في العالم وأكبر مصدر للمفاعلات النووية والوقود النووي. إذ تقوم شركة روساتوم ببناء 23 مجموعة طاقة في 8 دول وهو ما يمثل 75% من سوق بناء المحطات النووية في العالم.

وشركة "روساتوم" هي شركة قابضة تضم مجموعة كبيرة من الشركات الرائدة في الصناعة النووية. لذلك تقوم شركة روساتوم بتصنيع مكونات لمحطات الطاقة النووية وتقوم ببناء محطات الطاقة النووية وفق نموذج عقد تسليم بالمفتاح. وبالتالي يتضح لنا جميعًا أن هذه شركة مكتفية ذاتياً في قطاع الصناعة النووية ومستقلة عن الشركات النووية في الدول السبع التي تعتبر أكبر الدول الصناعية في العالم.

ناهيك عن مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، هناك دول كثيرة في العالم مثل الصين والهند وتركيا وبنغلاديش لن تستند أو تأخذ بعين الاعتبار مصل هذه القرارات غير المدروسة. وفي الوقت نفسه لن تؤثر هذه القرارات على التزامات روسيا النووية تجاه الدول المستوردة لمحطات الطاقة النووية والوقود النووي. بمعنى آخر لن يكون لهذه القرارات أي تأثير سلبي على تنفيذ المشاريع الدولية من قبل روساتوم، التي ستواصل تنفيذ جميع مشاريعها النووية مهما كلف الأمر.

 

                          الدكتور على عبد النبي