بدون روتوش

فيصل مصطفى يكتب: «الأحزاب» في الحوار الوطني

 فيصل مصطفى
فيصل مصطفى

تُواصل جلسات الحوار الوطني انعقادها واجتماعاتها ومناقشاتها وحواراتها المثمرة والإيجابية والتي تقدم الكثير ، وتُكشف عن معادن نفيسة يتمتع بها الشعب المصري ، وتُكشف أيضا عن عقليات ممتازة  طال غيابها واستبعادها من المشهد العام ، وتُكشف أيضا عن أن مصر تملك الكثير من العقول المفكرة والكفاءات الذهنية وأصحاب القدرات العالية المتميزة والنادرة ، بما يُمكنا من أن نتجاوز جميع مشكلاتنا ، بل ونُباهى الأمم الأخرى بما لدينا من كفاءات وشخصيات يندر أن توجد في معظم المجتمعات . 


ولعل من إيجابيات هذا الحوار الوطني المثمر المستمر والمتسع والمتواصل ، إنه سلط  الأضواء على أمور وقضايا وشخصيات ، كانت بشكل أو بآخر بعيدة عن الأضواء . وإن دل على شىء ، فإنما يدل على أن مصر ثرية بأبنائها وبكفاءاتها المتعددة في كافة المجالات .


عموما من خلال متابعتي الدقيقة لجلسات الحوار الوطني وقضاياه العديدة المتشعبة والكثيرة ، تابعتُ عن قرب موضوع الأحزاب في مصر ، وهو أمر طبيعي أن تُناقش وتُقيمْ التجربة الحزبية بعد نحو نصف قرن من عودتها مرة أخرى للحياة السياسية ، حيث عادت الأحزاب سنة 1975 ، وتطورت واستمرت وبدأت ب 3 منابر فى إطار التنظيم الشعبي الواسع الواحد ، "تنظيم الاتحاد الاشتراكي العربي" آنذاك ، وانتهت الآن إلى 106 أحزاب.


 وعبر هذه الرحلة الطويلة التي استمرت نصف قرن ، والتي بدأت ب3 منابر وانتهت بهذا الرقم الفلكي من الأحزاب ، كان لابد من مناقشة وتقييم هذه التجربة وتحديد مدى تأثيرها في الواقع ، ومدى ارتباطها بالجماهير ، وأيضا مدى نجاحها وإخفاقها والصعوبات التي تواجهها ومستقبلها بحيث نستطيع أن نرسم خطوطا عريضة للأحزاب وللتجربة الحزبية ولممارسة العمل السياسي الشرعي والعلني من خلال هذه الأحزاب وليكن على مدار  ال10 أعوام أو ال15 عاما المقبلة ، وهو أمر طبيعي تفعله وتمارسه كل أمة حية ، أن تراقب وتقيم تجاربها السياسية كل فترة زمنية ، وتعيد النظر فيها ، بما يجعلها أكثر قدرة على الانطلاق والتميز و التأثير والنجاح .


من هنا يناقش الحوار الوطنى ، موضوع الأحزاب ، ومستقبلها ، وتمويلها ، وكيفية تنميتها وتطوير آدائها ، وأيضا وهذا هو الأهم عددها الضخم ، وهل من المصلحة أن يستمر وضع الأحزاب الحالى كما هو ؟ أى أن تظهر الأحزاب بمجرد الإخطار لوزيرى الداخلية والعدل ، وكل من استطاع توفير 5 آلاف عضو موكل فى الحزب على مستوى 17 محافظة ، يحصل على رخصة بسهولة ، ويكون زعيما ورئيسا لحزب شرعي مائة فى المائة ، يحق له دخول الإنتخابات وتشكيل الوزارة والحصول على الأغلبية فى مجلسى النواب والشيوخ ؟ وهل نكتفى بعدد معين من الأحزاب ؟ وإذا كان الأمر كذلك .. فكيف يتم ؟

 

هل يتم دمج الأحزاب أم يبقى الوضع على ما هو عليه ، أم يتم تحديد الأحزاب برقم معين وليكن 20 أو 30 حزبا ؟ وما هى معايير ذلك ؟ وكيف يتم ؟ هل يُعقل أن يكون للحزب مجرد شقة وغرفة وصالة وينتهى الأمر عند ذلك ؟ هل يتم تغيير فى قوانين الأحزاب وفى قوانين ممارسة الحياة السياسية فى مصر ؟ وإذا كان الأمر كذلك .. فما هى معايير التغيير وعلى أى أساس ؟ . كل هذه الأمور محتاجة لمزيد من المناقشات ، والحوارات ، والإبداعات ، والأفكار المتطورة .


على كلٍ ، نحن محتاجون لزيادة فعالية هذه الأحزاب ، وأن تكون أكثر قدرة على التأثير والتواجد ، و يتم حمايتها بسياج من الضمانات ، التى تُمكنها من آداء دورها دون التعرض لمشاكل قانونية ، وحمايتها من الإختراق ، ومن كافة صور التسلل الغير وطنى والغير مصرى . 


هذه هى المعادلة الصعبة .
[email protected]