الخروج عن الصمت

صيانة الإبداع

محمد عبدالواحد
محمد عبدالواحد

فى لحظة الابداع ترى الأشياء جميلة تدهشك وأنت تقف أمامها، ولكن سرعان ما يتحول هذا إلى طى النسيان أو إلى أطلال يتباكى الكثير عليها دون جدوى.


ففى ملحمة الأصوات تجد براعم من الزهور تشدو بأصواتها تجسد لك زمن العمالقة تشبع الروح وتريح النفس وهى تتذكر الكلمات والألحان وتخلد الذكرى الجميلة التى مَرَّ بها هذا اللحن فى حياتها.. وتتسابق وسائل الإعلام على استضافتهم ويتهافت الرعاة على الاتصال لتبنى تلك المواهب.
وفى الاختراع والابتكار تتعدد المواهب وتجد على صفحات الجرائد والبرامج المخترع الصغير وحلقات تناقش براءة اختراعه ورجال أعمال تتسابق لتبنى هؤلاء.


وفى المعمار تقف أمامه تحدث نفسك بأن وراء هذا الابهار والجمال والفن مهندسًا وعاملًا أبدعا فى التنسيق وتفننا فى جذب أعين الناظرين.
تأخذك النشوة وأنت ترى عينيك تتحرك يمينًا ويسارًا، لترصد كل ما هو جميل على أرض الواقع من حدائق ومصانع ومتاحف وشوارع وطرق وصلت إليها أيادى أبدعت فى أن تعيد لها الحياة مرة أخرى.


وكل ما تخشاه أن تستيقظ من هذا الحلم الجميل لترى كل ما عشقته عيناك قد تهاوى وتحول إلى ركام أو أطلال تتباكى عليها العيون.. وهنا بيت القصيد لأننا جميعًا نحلم بالأشياء ونحب أن نراها ولكن لا نرعاها.
فتجد الانسان يهتم بمظهره ولكن يغيب عنه ولو لحظة أن يفكر فى صحته ولو أعاد الكرة مرة أخرى لأدرك أن هذا الجسد له حق الرعاية كما له حق الملبس والمأكل.


وتجد البيوت يهتم أصحابها بتفاصيل تأسيسها ولكن لا يهتموا بصيانتها، فتتحول عمائر إلى خرابات تكاد تتهاوى بعد أن غابت عنها أيدى ساكنيها.
وشوارع تحولت إلى تلال من القمامة بعد أن أبدع قاطنوها فى إهمال الصناديق وخلق بؤر لمخلفاتهم.


ومصانع ومعامل وصالات تحولت إلى ركام وتلال من الأجهزة المعطلة والاثاث المحطم أركانه إغفالًا وإهمالًا.
نحن نتفنن فى الابهار والجمال قصير العمر، لأنه يموت بفقدان الصيانة، كل شيء على هذا الكون يحتاج لصيانة دورية، حتى الانسان نفسه إذا غابت عنه الصيانة تعطلت أجهزته وأصبح يعانى ما تبقى من حياته حتى يلفظ أنفاسه لأنه استيقظ بعد خراب مالطا.