خاص «أخبار الأدب» | ملف الهوية الوطنية يفتتح جلسات «الحوار الوطني الثقافي»

الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية
الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية

أكد الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، مقرر لجنة الثقافة والهوية الوطنية بالحوار الوطنى، أن الآمال تنعقد على الحوارالوطنى الذى يأتى ومصر على أعتاب جمهورية جديدة ومجتمع جديد، وتتزايد الآمال فى المستقبل، خاصة وأن الرئيس عبد الفتاح السيسى لديه الإرادة السياسية لإحداث نقلة فى هذا المجتمع واستكمال المشوار الذى انطلق منذ فترة فى مجالات التنمية والبنية التحتية ومختلف المجالات.

وأضاف زايد فى تصريحات إعلامية: «ونحن على أعتاب مرحلة جديدة فى التحول الاجتماعى من المفيد أن نجلس سويا ونتناقش فى الصعوبات التى تواجهنا، وما الإمكانيات المتاحة، وكيفية الاستفادة منها فى المستقبل، بهدف رسم خطوط عريضة للمستقبل قائمة على الاتفاق، وفى مصر نحن نمتلك نقاط اتفاق أكثر من الاختلاف».

اقرأ أيضاً| هيثم الحاج علي يكتب: آدم الأول رفض الجاهز وفخ الاحتمالات

وشدد زايد على أنه من المهم أن يستوعب الجميع أن هذا الحوار لا يتم داخل مجتمع منقسم كما جرت العادة، ولكن يُجرى لأن مصر على أعتاب مرحلة جديدة، ويطرح من خلاله المشاركون فكراً جديداً لخلق طريق لبناء الجمهورية الجديدة، من أجل الصالح العام.

وأشار زايد إلى أن الحوار فى حد ذاته يفتح الآفاق المغلقة فى العقل، فالبعض ليس على دراية بما يحدث فى مصر والتحديات التى تواجهها والبعض الآخر يعتقد أن صوته ليس مسموعًا، ويمكن من خلال هذا الحوار الاتفاق على الحد الأدنى الذى يمكننا من صناعة مجتمع جديد وبناء طريق إلى المستقبل واضح، مع الحفاظ على تماسك المجتمع والهوية والتدفق الحضارى المصرى.

وتابع: «لا بد أن نؤمن بوطننا وأهميتنا وأننا قادرون على صناعة المستقبل، لأنه فى بعض الأحيان تساورنا بعض الشكوك والأوهام حول ذلك»، مشددًا على أن النظر إلى خريطة العالم ووضع مصر بها يبعث على الاطمئنان، فمصر بلد محورى بالغ الأهمية وهذا ما يلمسه الجميع عند السفر إلى الخارج.

ويرى أن أحد الآفات الخطيرة التى رصدها فى المجتمع المصرى كثرة توجيه النقد إلى النفس وجلد الذات والتحدث عن المجتمع كما ولو أن القيم به انتهت، ولا بد أن ينهى الحوار الوطنى هذا الخطاب كونه مدمراً لرؤية المستقبل، وهو أقرب إلى الخطاب السلفى والإخوانى.

وعن آليات النقاش داخل الحوار الوطنى أوضح أن الهيئة العليا للحوار وضعت وثيقة أخلاقية، على رأسها أن يعرض المشاركون آراءهم بشكل صريح، وعدم مقاطعة المتحدثين، وألا يصادر مديراللجنة على رأى المشاركين أو يقوم بتوجيههم، وهذه الحالة يجب ألا تُقلق حيث أن الاختلاف فى الآراء أمر طبيعى فى المجتمعات ومن طبيعة الحياة، كما أن الدولة المستقرة لا تنزعج من الاختلاف وإنما يمنحها قدراً كبيراً من القوة.

واستطرد قائلاً: «هذه أحد المزايا التى يجب أن نستفيدها من الحوار وهو الاعتياد على الاستماع إلى الرأى المختلف، ولكن من المهم أيضًا أن يعبر صاحب هذا الرأى عما يزيد باحترام دون تجريح أو غضب، وأن يقدر الدولة التى يعيش فيها والتى تمنحه وجوده وأن يقدر نظامها السياسى».

ولفت مقرر لجنة الثقافة والهوية الوطنية الى أن المشاركين فى الحوار الثقافى ينقسمون إلى ثلاث فئات، وهى: المثقفون من الشعراء والروائيين والمتخصصين فى مجالات مختلفة، والفنانين والعاملين فى الصناعات الثقافية والأكاديميين، ومن المقرر مناقشة موضوعات الهوية الوطنية، الصناعات الثقافية، السياسات والمؤسسات الثقافية، وحرية الإبداع.

وأكد أن الهدف الأساسى من هذه النقاشات هو المواطن، والذى يجب أن نتخلى عن نظرة الفكر النخبوى تجاهه، لأن مواطن اليوم يختلف بشكل جذرى عن المواطن من عشر أو عشرين عامًا مضى، إذ إن وسائل التواصل الاجتماعى خلقت مواطناً مختلفاً تمامًا لا يصلح معه الوعظ والنصح، ولذا أصبحت الحاجة ملحة إلى استخدام الأساليب الجديدة فى نشر الحوار والأفكار المنبثقة عنه، والسماح أيضًا بتلقى أراء المواطنين فى بعض القضايا التى تطرح.

وحث زايد وسائل الإعلام على أن تستضيف بجانب المشاركين فى الحوار مواطنين للاستماع إلى آرائهم، ليكون حوارًا وطنيًا بحق وليس خطاباً نخبوياً، مشيرًا إلى أن اللجنة التى يقوم بتسيير أعمالها تحرص على مشاركة أكبر عدد من المتحدثين مع التأكيد على أهمية أن يكون الحوار منظمًا وتُطرح فيه أفكار واضحة.

وشدد زايد على أن اللجنة تحرص على مناقشة الهوية الوطنية بدءًا من تعريفها وتوضيح العناصر المكونة لها ومظاهر الهوية المصرية والتحديات التى تواجهها والآليات الثقافية للمحافظة عليها، مختتمًا أن جميع المقترحات يتم تدوينها وتصفيتها فى مقترحات قابلة للتنفيذ، إذ إن الهدف رسم سياسة الهوية الوطنية والأهم أن تتحول الرؤى للتنفيذ. 

أربعة محاور رئيسية

وقال أحمد مجاهد إن هناك 4 محاور رئيسية سوف تخضع للنقاش والحوار فى المحور الثقافى، هى: محاور مؤسسات الدولة، والسياسات الثقافية، والعدالة الثقافية، ومؤسسات المجتمع المدنى العاملة فى الحقل الثقافى، و خصص المحور الثانى لمناقشة الصناعات الثقافية والتراثية بكافة صورها: سينما ومسرح، ودراما تليفزيونية، وأدب وفن تشكيلى، والأغنية والموسيقى.. إلخ. 

وأضاف مقرر مساعد محورالثقافة والهوية الوطنية ب الحوار الوطنى، أن جلسات الثقافة سوف تتعرض لقضيتى الهوية الوطنية، وحرية الإبداع والتعبير، مشيراً الى أن هذه مجرد عناوين أربعة رئيسية سوف يندرج تحتها أشياء كثيرة لن تكون بعيدة عن الحوار والنقاش الذى يستهدفه الحوار الوطنى. 

وكشف مجاهد النقاب عن أن مجلس أمناء الحوار الوطنى اختار أن نبدأ الحوار الثقافى بمناقشة «ملف الهوية الوطنية» بناء على ما استقبله أمانة الحوار الوطنى الفنية من مساهمات وأفكار وأطروحات من كافة التيارات والأطياف الثقافية على مدار سنة كاملة.

وقال إن المشاركة فى الجلسات لم تكن حكراً على أحد، بل حرصنا على أن تكون كل التيارات الحزبية والأطياف الثقافية ممثلة بممثلين يختارونهم بأنفسهم، وقال أحمد مجاهد إن البدء بمحورالهوية له أهميته لأنه لا يجب مناقشة هذا الملف المهم والحساس لكل مصرى من منظور الماضى فقط، بل لا بد أن ننظر إليه برؤية الحاضر وأيضاً المستقبل، لأن الهوية ليست ثابتة ولا ماضوية فقد كنا فراعنة، ثم أقباطاً، ثم مسلمين، وعرباً وأفارقة، بل إن طه حسين يرى أننا أقرب لثقافة البحرالمتوسط، إذن كل هذه أشياء تتداخل فى تحديد الهوية المصرية التى تتميز بتنوع وثراء ثقافى لا مثيل له، فلدينا أهل النوبة وبدو مطروح وبدو سيناء وبدو سيوة والبحاروة والصعايدة، وكلهم فى بوتقة الهوية المصرية الموجودة فى الوعى الجمعى للمصريين.

وأضاف أن الحديث عن الوعى يعنى بالضرورة الحديث عن الثقافة، فلا حديث عن وعى من دون ثقافة، ولكن تشكيل الوعى لا يقع على عاتق الثقافة، بل يقع أيضاًعلى عاتق التعليم بمراحله، والإعلام، ودور العبادة، ولكن الخطورة تكمن فى أن دورالعبادة تقدم ما تقدمه بدون مقابل، ولكن لكى تشترى كتاباً، أو تشاهد مسرحية فأنت لا بد أن تدفع مقابلاً، إذن ببساطة نحن أمام ما يمكن نسميه ثقافة إجبارية مجانية، فى مقابل ثقافة اختيارية بمقابل مادى.. لهذا، والكلام لا يزال لمجاهد، لا بد أن يكون هناك ما يمكن أن نسميه بالعدالة الثقافية بأن نصل إلى تصور لتحقيقها على الأرض من خلال جلسات الحوار الوطن، فليس من المقبول أن المراكز الثقافية التابعة لصندوق التنمية الثقافية متواجدة فى القاهرة والإسكندرية فقط، كذلك الأمر بالنسبة لأكاديمية الفنون وما لها من دور كبير فى مصر والعالم العربى موجودة القاهرة والإسكندرية.

وأكد مجاهد على أهمية دور قصور الثقافة باعتبارها ذراع الدولة فى كل محافظات مصر، ولكن دورها لم يعد كما كان وقت أن أنشأها د. ثروت عكاشة، لوجود منافسين جدد، لذلك يجب أن نتغير حتى نصل الى الناس ونقدم لهم الخدمة الثقافية فى كل مصر تحقيقاً للعدالة الثقافية، وإعادة الثقة فى أجهزة الوزارة.