«صاحبة القطيفة» قصيدة للشاعرة سلوى محمود

الشاعرة سلوى محمود
الشاعرة سلوى محمود

مهلاً أبا أيُّوبَ قد طالَ العَناءْ..

واللحنُ أتْعبَهُ الْغِناءْ..

ضاقت شِعابُ البيدِ بِالنُّوقِ الَّتي

تبغي القصاصَ لحقِّها

مِنْ بَعدِ صبرٍ واحتواءْ..

والشَّمْسُ قد كُسِفَتْ جَوانِحُها أسىً..

والنَّجْمُ قدْ زَهد السَّمَاءْ..

أطلالُ داري

قد أضاعت بينَ عينيَّ الطريقْ..

ما عدتُ أمتَلِكُ الرفيقْ..

والوحدة العمياءُ أمست قِبْلَتي..

والذُلُّ باتَ قَضيَّتي

وحكايتي..

وابيضَّتِ العينانِ قهرًا

مُذْ تهاوى الكبرياءْ..

طال المَدى..

شاخَتْ جيادُ العُمرِ عَدْوًا كُلَّما

صَفَعَتْ بِهَامَتِها الرَّدى..

والروحُ حَنَّت تَبتغي

أَيَّامَ بَوْحٍ هادئٍ

ضاعت سُدى..

قُلْ للمليحاتِ اللواتي

بِتْنَ في حِضن الخواءْ..

الآنَ قد حانَ التباكي بالغِناءْ..

الآن قد حان النحيبْ..

اصْرخْنَ ، فَضلًا ، بالدُّعَاءْ..

***

يا قابِضَ الأرواحِ قد طالَ المزارْ..

الروحُ تُقْعي في انْتِظارْ..

والذَّنبَ ما وارى الثرى..

والعشقُ أَدرَكَهُ العوارْ..

القلبُ أتعَبَهُ التّمنّي ....

حائراً

والعقلُ أفناهُ الشَّقاءْ..

وضفيرتي السَّوداءُ

أشْعَلَها الذُّبولْ..

ما زِلْتُ ألْتحِفُ الدُّنَى

والبابُ يَنتَظِرُ الرسولْ..

وعيونيَ السَّوداءُ ...

بيَّضَها البكاءْ

شَقَّتْ خُيوطُ العُمرِ ..

حُمرةَ وجنتي

قدَّت طيورُ البينِ

من دُبُرٍ سُطورَ رسالتي..

والآن تاهت في القفارْ..

***

يا عاذلي..

كيف المَلامُ والاتهامْ؟

واليومَ صَدَّعَني القنوطْ!

وتفتّتَتْ أشلاءُ ظنّي

إذ يهوِّلُهَا السّقوطْ!

وقصيدتي الْعَصماءْ..

باتت -لَعَمرُكَ- في العراءْ..

تُلقَى بجهلِ الجاهلينَ

على منابرِ الازْدراءْ..

والكلُّ في نشوى انتصارٍ

لم يروا قَيحَ الحروفِ

إذا يسيلُ من الشفاهِ الأعقَمِ..

ما أنصتوا

والقهقهاتُ العالية..

تعلو وتعلو

والحبيبة راضية..

من ضحكهم ...مستهزئاً

لم أسلمِ ..

وقصيدتي اغتيلت

وقد كان المخاضُ

بدمعِ قلبي والدمِ ..

لم يعجبوا

كيفَ الفطيمُ أسنَّ !!

لكنْ لم يَزَلْ

لميوعةٍ لم يُفطَمِ؟

أولى بهم

أنْ يمنعوا تلك الفواطمَ

أن يُدلّلْنَ الرضيعَ بمَبسمِ..

أولى بهم

أن يمنعوه من الخَطابةِ والكرامةِ

يصفعوه على الفمِ .

***

قُمْ يا كليمَ الشّعرِ وارحلْ

لن تعودْ..

قد بتَّ تستجدي الوعودْ..

من لؤمهم قد أوصدوا أبوابَهم

فاتركْ جدارَ الوهمِ يسقطُ

تحتَه كنزٌ تليدْ..

لا تَحسَبنَّ البيدَ

يُزهِرُ وَردُها..

والظبيَ يوماً ق

قدْ تدلّلُهُ الأُسُودْ..

والحيةَ الرقطاءَ

قد تبغي السلام

بلَدغِها وفحيحِها..

فعبيدُ شُهرتِهم

أناخوا في مضاربِ حيِّنا

كم أشعروا!

كم أبحروا!

كم أصدروا

قصصَ البطولةِ

في القيامِ وفي القعودْ!

ولاّدةٌ ......قَطَعَتْ طموحَ أبي الوليدْ..

والقومُ من عَبسٍ أداروا كأسَهمْ

وتعاهدوا في سُكرِهمْ

ألا يكونَ العنترُ المقدامُ كفواً

للأماجدِ - آلِ عبلةَ- في الخلودْ..

رغِمَت أنوفُ الحاقدين من القبيلةِ

فالفتى العبسيُّ نالَ مرادَه ببطولةٍ

والقلبُ حرَّكه الصدودْ..

وبسيفهِ وبشِعرهِ

لَمَسَ الأماني السامقاتِ

وضاق بالوصفِ النشيدْ..

لكنَّما شيبوبُ تعشقُه القيودْ..

***

اتلُ الشهادةَ يا فؤادي

وارتقبْ منا المَدَدْ..

ما عاد يَفْقدُنا أَحدْ..

علِّقْ حبالَ الموتِ

في أعلى السقيفةْ..

واقبعْ بليلتِكَ المخيفةْ..

لم تَدْعُ صاحبةُ القطيفةْ..

إلا بحبلٍ من مَسَدْ..