الملكة «كليوباترا» تنتفض دفاعًا عن هويتها.. فيلم قوى من الوثائقية للرد على الشبهات

 إليزابيث تايلور عن الملكة كليوباترا-  ڤيڤيان لى فى لقطة من فيلم «القيصر وكليوباترا»
إليزابيث تايلور عن الملكة كليوباترا- ڤيڤيان لى فى لقطة من فيلم «القيصر وكليوباترا»

50 عاماً تفصل فيلم إليزابيث تايلور عن الملكة كليوباترا، وبين فيلم «أديل جيمس» الأخير الذى أنتجته «نتفليكس» وظهرت فيه كليوباترا ببشرة سوداء، ما اعتبره البعض لعبة مفضوحة من «المركزية الأفريقية» لسرقة الملكة وتصويرها على أنها امرأة قادمة من جنوب القارة حكمت مصر، فى حين أن كليوباترا تنحدر من عائلة مقدونية مشهورة بالبشرة البيضاء، بينما تصنيف فيلم «جيمس» على أنه «وثائقى» أشعل النيران تحت القدور ليصنع حالة من الغليان فى مصر، ويبدأ الرد على الفور.

د.مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار وصف فى بيان رسمى ظهور البطلة بهذه الهيئة بأنه تزييف ومغالطة للتاريخ، وتعجب من عدم الرجوع إلى متخصصين فى علم الآثار والأنثروبولوجيا عند صناعة مثل هذه النوعية من الأفلام الوثائقية، مشيرا إلى العديد من الآثار الخاصة بالملكة كليوباترا من تماثيل وتصوير على العملات المعدنية تظهر الملامح الهلينستية (اليونانية) للملكة من حيث البشرة فاتحة اللون والأنف المسحوب والشفاة الرقيقة، مع الاحترام الكامل للحضارات الأفريقية ولأشقائنا فى القارة التى تجمعنا كلنا.

عالم الآثار زاهى حواس دخل على خط المواجهة بقوة من خلال فيلم وثائقى عرض فى نفس الوقت على «يوتيوب» يدحض الأكاذيب والافتراءات التى حاول فيلم «جيمس» المشبوه أن يلصقها بالملكة المصرية، لافتا أنه ليس ضد السود ولكنه ضد «محاولة سرقة الحضارة المصرية والزعم بأنها أفريقية»، قائلاً إن كليوباترا السابعة تنحدر من أسرة حكمت مصر ما يقارب من 300 عام، أسسها الملك بطليموس الأول، أحد القادة المقدونيين، فيما أثبتت دراسات الأنثروبولوجيا البيولوجية والحامض النووى التى أُجريت على المومياوات والعظام البشرية المصرية القديمة أن المصريين لا يحملون ملامح أفارقة جنوب الصحراء، مثل شكل الجمجمة وعرض الوجنات والأنف واتساعه، وتقدم الفك العلوى.

لكن فيلم «زاهى حواس» الذى أنتجه على عجل لم يخل من الانتقادات، المؤرخ بسام الشماع نظر إليه على أنه مجرد قص ولزق، ما جعله يفتقر لمقومات الفيلم التسجيلى، وقال: لم يظهر له أى تأثير ولم يتحدث عنه أحد، إضافة إلى أن الفيلم أظهر عدة خرائط تعرض الدول والممالك المحيطة بمصر، وللأسف ظهرت إسرائيل إضافة إلى الشارقة والكويت التى لم تكن موجودة من الأساس وقت الملكة كليوباترا وكأنه أثناء محاولاته تمصير كليوباترا قام بتهويد فلسطين، واقترح عمل فيلم تسجيلى على مستوى عالٍ من العلم والمعرفة يضم نخبة من العلماء والمؤرخين والمتخصصين.


الناقد طارق الشناوى أيضا يرى أن الفن فعل وليس رد فعل مطلقا، ولا بهذه السرعة يجب الرد، وإن اضطررنا له يجب أن يكون قويا ومتأنيا وموثقا وهو ما تقوم به الدولة بالفعل (فى إشارة إلى الفيلم التسجيلى الذى تتجه القناة الوثائقية لإنتاجه) للرد بشكل قوى وعلى المستوى المطلوب، لافتاً أن فيلم نتفليكس عن الملكة كليوباترا ضعيف من الناحية الفنية، قائلا: هم فى الأساس لا يملكون أدوات قوية، ولكن رب ضارة نافعة فهذا الفيلم سيجعلنا نبدأ التفكير فى كيفية تقديم أفلام عن تاريخنا وحضارتنا.

رئيس القناة الوثائقية المخرج شريف سعيد أكد أنهم يعكفون في الوقت الحالي على تحضير فيلم قوى مكتمل الجوانب لعرض تاريخ كليوباترا بشكل صحيح ومستوفٍ كل الأركان، وأضاف: هناك جلسات عمل منعقدة حاليا مع عدد من المتخصصين فى التاريخ، والآثار، والأنثروبولوجى؛ لعمل بحوث وافية للوصول إلى أقصى درجات البحث والتدقيق قبل الشروع فى تنفيذ العمل.


واتهم المخرج عمر عبد العزيز الغرب بالمؤامرة ضد مصر، قائلا إن الهدف من الفيلم تزوير التاريخ، فالملكة المصرية لم تكن سوداء مع كامل احترامنا للسود فنحن لسنا شعباً عنصرياً ولكننا لا نقبل تزييف الحقيقة، وإلا لماذا أظهروها بيضاء فى فيلم كليوباترا الذى أنتج فى الستينيات بطولة إليزابيث تايلور، فهم يتفننون فى اللعب والتزوير فى التاريخ، ويعتقد أن هذا أمر متعمد وليس جراء الصدفة.


أما رؤية الناقد عصام زكريا رئيس مهرجان الإسماعيلية السينمائى الدولى بعيدا عن مشكلة توظيف ممثلة سمراء اللون لتقديم دور كليوباترا، فهى أن الفيلم لا يوجد به أى إساءة للملكة، وقال: أغلب المؤرخين الذين ظهروا فى الفيلم تحدثوا عنها بشكل إيجابى وناقشوا فكرة إنها ملكة مصرية قوية فعلت كل ما بوسعها للحفاظ على الإمبراطورية المصرية ومنع الرومان فى عز قوتهم من احتلال مصر، فنحن لا نختلف معهم فى الناحية التاريخية، وفى النهاية هى آخر حاكمة مصرية حكمت مصر حتى جاء الرئيس جمال عبد الناصر.. ومن الناحية الفنية فمن المفترض أنه عمل وثائقى مطعم بلمسة درامية، ولكن لا يمكن تصنيفه على أنه وثائقى لأن به تمثيلا وهو شيء بديهى، ولا يمانع زكريا من انتقاد عمل فنى ولكن يجب أن يكون النقد بموضوعية وبمعلومات صحيحة وبدون مبالغة وتجنٍ، ويرى أن هذا التجنى يسيء لنا فى النهاية ويشكك فى كل النقد الذى نقدمه، ولم ينكر انحياز سلسلة الأفلام التى تقدمها نتفليكس «أفريكان كوينز» للسود والنساء كمحاولة لإعادة حقوقهم التى أهدرت على مدار التاريخ.


ولا يرى أى مشكلة فى أن كليوباترا تظهر سمراء اللون ولكنه اعترض على أن تكون عائلتها كلها سوداء مع اختلاف الدرجات، بالإضافة إلى أنهم أظهروا المصريين العاديين يرتدون ملابس عربية، وجلباباً وعمة صعيدية وهذا غير صحيح، فللمصريين أزياؤهم الخاصة بهم ومرسومة وموضحة على جدران المعابد والمقابر الخاصة بهم.