ما حكم قول اتق شر من أحسنت إليه؟ الإفتاء تجيب   

دار الإفتاء
دار الإفتاء

تلقت دار الإفتاء سؤالاً يقول فيه صاحبه: ما حكم قول: "اتَّقِ شَرَّ مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ"؟ وأجابت دار الإفتاء أن هذا من الأمثال الشعبية التي جرت عادة الناس على أن يقولوها، فهي تقال على سبيل المجاز والكناية، ويقصد بها معانٍ صحيحة غالبًا إذا فهم المقصود منها واستعملت فيما ضربت من أجله كمثل سائر وحكمة شعبية.

وتابعت الدار: وقد ورد في كتاب الله تعالى ما يؤيد هذا المثل الشعبي باستعماله الصحيح؛ فينقل لنا الإمام القرطبي المالكي رحمه الله تعالى عن الإمام القشيري فيقول في "تفسيره" (8/ 208): [وَهَذَا الْمَثَلُ مَشْهُورٌ (اتَّقِ شَرَّ مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ). قَالَ الْقُشَيْرِيُّ أَبُو نَصْرٍ: قِيلَ لِلْبَجَلِيِّ أَتَجِدُ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى: اتَّقِ شَرَّ مَنْ أَحْسَنْتَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، ﴿وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [التوبة: 74]] اهـ.

موضحة أن هذا المثل ليس على إطلاقه، بل هو مقيد بحال اللئام وليس بحال الكرام؛ يقول صاحب "المقاصد الحسنة" (ص: 60-61): [وليس على إطلاقه -أي: اتَّقِ شر من أحسنت إليه-، بل هو محمول على اللئام غير الكرام؛ فقد قال علي بن أبي طالب رضى الله عنه كما في "ثاني عشر وحادي المجالسة" للدينوري: "الكريم يلين إذا استعطف، واللئيم يقسو إذا ألطف"، وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: "ما وجدت لئيمًا إلا قليل المروءة"، وفي "التنزيل": ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [التوبة: 74]، وقال أبو عمرو بن العلاء أحد الأئمة يخاطب بعض أصحابه: كن من الكريم على حذر إذا أهنته، ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن العاقل إذا أحرجته، ومن الأحمق إذا رحمته، ومن الفاجر إذا عاشرته، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك، أو تسأل من لا يجيبك، أو تحدث من لا ينصت لك] اهـ.