كثير من الناس عندما يمرضون يتذكرون الله ومعاصيهم التى ملأت صحائفهم، فهذه الأصناف ما زال قلبها ينبض ولم يمت، ولم يختم الله على قلوبهم طالما فيهم أنفاس تدخل وتخرج، ولكن كثرة المعاصى تجعل الذنب أمرًا معتادًا لا يشعر به صاحب الذنب، ومن هنا بدء موت القلب، فالنفس كما ذكرها الله أمارة بالسوء، قال -تعالى-: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِى إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّى إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (يوسف:53).
وجاء فى تفسير الطبرى -رحمه الله- فى تفسير قوله -تعالى-: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِى إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّى إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ): قال أبو جعفر -رحمه الله-: «يقول يوسف -صلوات الله عليه-: وما أبرئ نفسى من الخطأ والزلل فأزكيها، (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ)، يقول: إن النفوسَ نفوسَ العباد، تأمرهم بما تهواه، وإن كان هواها فى غير ما فيه رضا الله، (إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي) يقول: إلا أن يرحم ربى مَن شاء مِن خلقه، فينجيه مِن اتباع هواها وطاعتها فيما تأمرُه به من السوء، (إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
ويعنى بقوله: (إِنَّ رَبِّى غَفُورٌ رَّحِيمٌ): أن الله ذو صفح عن ذنوب مَن تاب مِن ذنوبه، بتركه عقوبته عليها وفضيحته بها» (تفسير الطبري).
فكثرة الذنوب تمحق البركة فى كل شيء.
فلابد أن يعى المرء خطورة المعاصى والذنوب، ويعلم ضعف النفوس؛ فعليه أن يجاهد نفسه لحظة بلحظة حتى لا يقع فريسة للشيطان، وعليه أن يعلم أن الله -عز وجل- بجانبه طالما توجَّه إليه بفعل الطاعات، فالتوبة مفتوحة مقبولة شريطة الإخلاص والإقلاع عن المحرمات ما لم تخرج الشمس من مغربها، أو يغرغر الإنسان، وقد أمرنا الله -تعالى- بالتوبة، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِى اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التحريم:8).
