هل تضغط مؤسسات التقييم الدولية على مصر لتعويم الجنيه؟ | تحليل  

صورة أرشبفية
صورة أرشبفية

أدى إعلان وكالات التصنيف الائتماني العالمية، الثلاث ستاندرد آند بورز وفيتش، وموديز، عن تخفيض تصنيف مصر الائتماني والنظرة المستقبلية للاقتصاد المصري، لإثارة العديد من التساؤلات لدى المواطن المصري.


وأعلنت وكالة ستاندرد آند بورز، في الأسبوع الثالث من شهر أبريل الماضي، عن تخفيض النظرة المستقبلية لمصر إلى سلبية مع تثببت التصنيف الائتماني عند B، تبعتها وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، مطلع شهر مايو الجاري، بتخفيض تصنيف مصر درجة واحدة من +B إلى B، مع تحويل نظرتها المستقبلية إلى سلبية، لتعلن اليوم وكالة موديز، عن تخفيض تصنيف مصر الائتماني من B2 إلى B3، وعدّلت في المقابل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري إلى مستقرة من سلبية.


ويدور في الشارع المصري، عدد من التساؤلات عن هذا التصنيف وأهميته وكيف يتم قياس هذا التصنيف؟، وامكانية تعديله في المستقبل، وهل هذه التصنيفات لها علاقة بتعويم الجنيه مرة أخرى، وهو ما سيتم الاجابة عليه من خلال التحليل التالي.

ماذا يعني التصنيف الائتماني للدولة؟


يُعرف معهد المحللين الماليين الأميركي، التصنيف الائتماني بأنه تصنيف يقاس من خلاله قدرة الدول أو الشركات على الحصول على قروض ومدى وفائها بسداد فوائد ديونها أو الأقساط المترتبة عليها ومدى احتمالية التخلف عن السداد.


وتعتمد مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية على عدة مؤشرات تقيس بها جدارة التصنيف السيادي الائتماني لكل دولة، وتتنوع هذه المؤشرات بين قدرة الدولة على اللجوء للاقتراض من أسواق المال الخارجية، بجانب قدرتها على سداد فوائد الدين الخارجي، ومواجهة مخاطر التعثر.

اقرأ أيضا معيط: ستاندرد آند بورز تتوقع نمو الاقتصاد المصري 4% في المتوسط على مدار الثلاثة أعوام المقبلة


هل التصنيف الائتماني للدول مهم ؟


يعد التصنيف الائتماني للدول مهما في المعاملات الاقتصادية بين الدول، وينعكس هذا التصنيف على ثقة المستثمر في أسواق المال العالمية في اقتصاد دولة ما وعلى تكلفة استدانتها من الأسواق المالية.


وتساعد هذه المعلومات المستثمرين في أسواق المال العالمية على اتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمار من عدمه في سندات الديون الصادرة عن الدولة التي ترغب في الاقتراض.


كيف يتم قياس للتصنيف الائتماني للدول؟


تقوم وكالات التصنيف الائتماني الدولية، بقياس الجدارة الائتمانية للدولة من خلال قيمة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية للدولة والسيولة النقدية والسيولة التمويلية، بجانب أسعار السندات المتداولة في السوق وتطور الناتج المحلي، وتقوم هذه المؤسسات بناء على هذه المؤشرات والمعايير بقياس الجدارة الائتمانية والإعلان عن تقييمها لكل دولة ائتمانيا.


وتقيس المؤسسات الدولية المعنية بتصنيف الجدارة الائتمانية للدول، التصنيف الائتماني من خلال عدة درجات تبدأ من AAA، وهى أعلى تصنيف للجدارة الائتمانية للدولة، ويتبعه درجات AA و A.


ويقع في المرتبة المتوسطة تصنيف BBB ويدل على جدارة ائتمانية متوسطة، ويتبعه BB ثم B، ويليه التصنيف CCC ويتبعه CC ثم C وهو يعني جدارة ائتمانية مرتفعة المخاطر، وينتهي التصنيف DDD والذي يعني جدارة ائتمانية متعثرة.


 ويجب على الدولة أن تدرس ملاحظات وكالات التصنيف الائتمانية لها سواء الملاحظات الايجابية أو السلبية لتبدأ في معالجتها.


هل توقعات وكالات التصنيف الائتماني للدول دائما تكون في محلها؟


في بعض الأحيان، لا تصدق توقعات وتقييمات الوكالات الائتمانية، وقد تكون متطرفة في تقييماتها في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى قد لا تكون بالعمق الكافي، والدليل على ذلك أن تلك المؤسسات مؤخرا كانت أصدرت تقييم ائتماني مرتفع AA+ لبنك سيليكون فالي الأمريكي وذلك قبل إعلان إفلاسه بشهور قليلة، كما أنها على مر التاريخ تعرضت لعدة أمور قضائية وأنهم لم يستطعوا التنبؤ بالأزمة المالية الحديثة في أمريكا والتي كانت تكاد أن تتحول من أزمة محلية أمريكية إلي أزمة عالمية خاصة مع إعلان إفلاس 4 بنوك.


يجب ألا نأخذ بتوقعات شركات التصنيف الائتمانية ونتشائم بل يجب أن ننظر إليها بشكل إيجابي، وبموضوعية والعمل على بناء نموذج اقتصادي جديد، يستهدف تنمية مصادر تدفقات النقد الأجنبي، والعمل على زيادة الصادرات المصرية، ومصادر النقد الأجنبي من السياحة وعائدات قناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج، خاصة وأن تلك الشركات قبل الحرب الروسية الأوكرانية كانت تشيد بنمو الاقتصاد المصري ووضعت نظرة مستقبلية جيدة له، ومن الممكن خلال الشهور المقبلة ومع تحسن أوضاع تدفقات النقد الأجنبي أن تقوم هذه الوكالات بتعديل تصنيفها للجدارة الائتمانية للاقتصاد المصري.


هل سيتم تعويم الجنيه المصري مرة أخرى؟


بداية يجب أن نؤكد على أن الجنيه المصري تم تحريره بشكل كامل أمام العملات الأجنبية منذ 3 نوفمبر 2016 وتم الإعلان عن هذا القرار من قبل البنك المركزي المصري وقتها، وحاليا يخضع تسعير الجنيه وفقا لآلية العرض والطلب. 


ومرونة سعر الصرف التي أشارت لها هذه الوكالات، ليس معناها أن يتم تخفيض أو رفع سعر الجنيه المصري بين الحين والآخر وإنما يعني المرونة في الأسعار في ظروف عرض و طلب حقيقية، وهنا نتحدث عن سعر صرف مرن يقوم على العرض والطلب الحقيقي في السلع الاستراتيجية وليست للسلع الاستفزازية.


وفيما يتعلق بتخفيض سعر الجنيه المصري، مرة أخرى، فالبنك المركزي المصري، وهو المسئول عن السياسة النقدية في مصر، على وعى كامل بالضغوط المثارة من حلفاء ومؤيدي السوق السوداء للعملة الأجنبية في مصر، والتي يتحكم فيها تجار العملة، ولذلك من المتوقع ألا يتم أى تخفيض في سعر الجنيه وذلك سيؤدي إلي انخفاض سعر العملات في السوق الموازية ليقترب من السعر الرسمي المعلن من البنوك


من ناحية أخرى، صرح الدكتور محمد معيط وزير المالية، بإن الحكومة تعاملت بإيجابية مع التخوفات الواردة فى تقرير مؤسسة فيتش من خلال وضع حزم وتدابير كافية ومتكاملة ومتنوعة لضمان تحقيق النتائج المرجوة.


وأوضح أن مصر تعمل على العديد من المجالات والأطر والمسارات لتوفير الموارد الإضافية والكافية من النقد الأجنبى لتمويل احتياجات الدولة وخطة التنمية، وأهمها تعزيز برامج المشاركة مع القطاع الخاص لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التى بلغت نحو 9 مليارات دولار العام الماضى بمعدل نمو سنوى 70%، ومواصلة جهود تحفيز القطاع التصديرى لدفع الصادرات السلعية والخدمية.


وأكد وزير المالية، أن ذلك لضمان استمرار تحقيق معدلات نمو سنوية كبيرة فى حصيلة الصادرات البترولية وغير البترولية التى حققت معًا أعلى حصيلة صادرات سلعية فى تاريخ مصر العام الماضي، إضافة إلى مواصلة الخطط الداعمة لزيادة حصيلة الصادرات الخدمية وأهمها حصيلة السياحة وقناة السويس