يوميات الأخبار

الجد والحفيدة

محمد درويش
محمد درويش

تركت لى حفيدتك تلهو بالهاتف وتخرجنى عن الخشوع المطلوب فى الصلاة وكان رده أصلها كانت بتلعب

الأربعاء :

فيديو اليوتيوب

على تطبيق «واتس آب» تلقيت من الصديق الكاتب الصحفى الكبير داود الفرحان فيديو لأب يبدو من زيه انتماؤه إلى باكستان وربما بنجلاديش ومعه طفلته التى لا يتجاوز عمرها أربع سنوات وربما ثلاث، الأب يجلس القرفصاء ليصبح فى مستوى طول الابنة ويمسك بها وهى تردد أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين، الفيديو المعلب مصحوب بعنوان «ما شاء الله» وهى جملة تشير إلى الإطراء والرضا عن المشهد.

تناقشت مع الصديق الفرحان حيث أشرت أن الفقه الإسلامى يحثنا على تعليم أطفالنا الصلاة من عمر سبع سنوات وأن نأخذهم بالشدة البسيطة فى عمر عشر إذا لم يمتثلوا من السابعة حتى العاشرة.

وفى كلمات بالغة الدلالة والرقى جاءنى رد الصديق موجزا بليغا قال:

كادت الطفلة التى غادرت طور الرضاعة من فترة قليلة تختنق وهى تلهث بما لا يستوعبه جهازها التنفسى فى ترديد مائة كلمة لا تفهم معناها والأب الذى أمسك بها حيث التف ذراعه على ظهرها من ذراعها الأيمن حتى الأيسر ولم يفكر فى حمل كوب ماء ومنحها استراحة كل حين والله أعلم الأسلوب الذى استخدمه فى تلقينها الأسماء الحسنى.

واتفقنا فى حوارنا أن ندعو رجال الإفتاء وعلماء التربية إلى الإدلاء بدلوهم فى هذه المسألة وهل ما فعله الأب من صحيح الدين؟ وهل يتفق أيضا مع ما توصلت إليه أحدث نظريات التربية فى عالمنا المعاصر؟ وهو سؤال إجابته بعد سطور.


الخميس:

صلاة العشاء

حديث علموهم الصلاة لسبع جعل عدداً من المشاهد تقفز إلى الذهن خلال صلاة الجماعة على مدى العمر، أبدأ بآخرها فى صلاة العشاء والتراويح فى رمضان الماضى بداية من الإمام الذى ينبه السيدات إلى الرأفة بالمصلين حتى يظلوا فى خشوعهم بأن الأفضل صلاة المرأة فى بيتها مادام لديهن صغار لا يستطيعون الالتزام بالهدوء وحُرمة المسجد مثل أطفال سن السابعة فأكثر.

ولأننى بسبب الانزلاق الغضروفى أصلى جالساً بدلا من قائم وأحاول قدر إمكانى السجود خاصة فى الفرائض فعندما دلفت إلى المسجد وجدت كرسياً شاغراً بجوار رجل يقترب من عمرى وهو يصلى جالساً السنة القبلية ومعه طفلتان بين الثالثة من العمر والسادسة وهما تلهوان أمامه قبل أن يزدحم المسجد بالمصلين.. بعد نداء إقامة الصلاة توجه الرجل إلى الصفوف الأولى وترك لى حفيدتيه تلهوان بجانبى الصغرى جلست على الكرسى المجاور لى وأخذت تعبث بالمحمول الذى تصدر منه أصوات مصحوبة بالموسيقى، حاولت أكثر من مرة الإشارة إليها لإغلاقه ولكنها بالطبع لم تستوعب ما أريد وظلت تمارس اللعب على هاتف الجد.

انتهت الصلاة والله أعلم كيف أديتها وكيف سيجازينى الله عليها. عاد الرجل إلىّ وسألته حضرتك احتللت مكاناً فى الصفوف الأولى وتركتنى فى الصف الأخير للجالسين المرضى وتركت لى حفيدتك تلهو بالهاتف وتخرجنى عن الخشوع المطلوب فى الصلاة وكان رده أصلها كانت بتلعب.. وذكر اسما للعبة لم استوعبه.. وقلت له ـ أقسم بالله من قلبى ـ ربنا يخلى. وتذكرت الحديث علموهم لسبع.

السبت :

لماذا من السابعة؟

أما الإجابة عن سؤال النظريات الحديثة التى تدعو إلى بدء التعليم من سن السابعة ودعمتها نظريات أخرى حول السن الملائمة للتعامل مع الهواتف المحمولة والساعات التى لا يجب تجاوزها لدى الأطفال فقد أعادنى إلى مشاهد زيارة مزرعة الراحل الدكتور إبراهيم أبو العيش الذى أنشأها على طريق بلبيس مشروعاً متكاملاً يضم الإنتاج الزراعى والحيوانى ومدرسة يلتحق بها الصغار من عمر عامين ولا يبدأ الطفل أيامها قبل انتشار الآيباد والمحمول فى الإمساك بالقلم إلا فى سن السابعة، ولا حتى تقدم لهم الألعاب الكهربائية بالحجارة والريموت كونترول لأنه ببساطة سيحطمها فى محاولة للاكتشاف، بل تقدم لهم ألعاب الميكانو ومثلها من فك وتركيب تحفزه فى التفكير والابتكار، وقال لى يمكن للطفل قبل السابعة أن تعلمه الانجليزية وكلمات من العربية وتلقنه إياها ليرددها، لكن كل ذلك يستقطب من جسده طاقة تمكنه من استيعاب ما يتلقنه وكل هذا على حساب ما يحب من معدلات هرمونية يجب أن تذهب إلى المخ ليسلك المسار المطلوب فى بناء أعضاء الجسد، نحن نفرح بأنه حفظ ما نلقنه له ولكن كل ذلك على حساب ما يحتاجه الجسد فى هذه السن.

أعتقد أن الدين والعلم يلتقيان تجاه الأسلوب الأمثل لتربية أطفالنا ولا تعارض بينهما. ولقد اجتهدت فى هذا العرض فإن أصبت فلى أجران وإن أخطأت فلى أجر واحد والأعمال بالنيات.

الأحد :

مفتاح البوابة

درسنا فى مرحلة التعليم الإلزامى وربما الإعدادى نصاً للأديب مصطفى لطفى المنفلوطى بعنوان «لو تراحم الناس» دعا فيه الناس إلى التراحم بين بعضهم البعض مذكراً أن الراحمين يرحمهم الرحمن وأن التراحم يصب فى نهاية مساره فى مصلحة المجتمع بالفعل حيث لن يبقى فقير ولا جائع ولا محروم.
ومع الأسف صارت أمثال هذه الدعوات بشقيها الدينى وأفكار الكتاب والفلاسفة مجرد حبر على ورق إلا من رحم ربى، والمفارقة أن الكثيرين منا تتردد على ألسنتهم دوما عبارة «ارحمنا يا رب» وإذا انتهت تصرفاته ومساراته فى التعامل مع الناس تجده أبعد ما يكون عن الرحمة التى ينشدها من السماء غافلا عن أن الراحمين يرحمهم الله.

هناك الطبيب الذى يرفض تفصيل تكلفة العلاج فى بيان ممهور بتوقيعه وختمه لكى يتجه به المريض إلى جهة عمله أو نقابته لصرف نسبة من المبلغ الذى دفعه للطبيب قد يهون عليه قليلاً من مأساة مرضه.

هناك أيضا التاجر أو صاحب المصنع الذى لا يريد أبداً أن تقل نسبة أرباحه المعتادة قبل تحريك الأسعار لسبب أو لآخر ولا يمكن أبداً أن يضحى ولو بالقليل.
حكى لى صديق أنه طلب من غفير عمارة فى كومباوند حكومى مفتاح للبوابة عادى جدا ولا هو إليكترونى ولا ست سكات وكانت دهشته أن طلب البواب مائة وخمسين جنيها ثمن المفتاح الذى لا يتعدى ثمنه عشرة جنيهات وبرر هذه المغالاة طبعا أنه يصرف على المواصلات حتى يذهب إلى منطقة عمرانة لعمل المفاتيح. والمصيبة أنه بعد فترة عندما توجه إلى العمارة التى يقطنها وجد المفتاح لا يعمل واتصل بالبواب الذى أفاده بأن العمارة تعرض أحد سكانها للسرقة فقرروا تغيير مفتاح البوابة وعليه دفع مائة وخمسين جنيهاً نظير المفتاح الجديد.

الخلاصة:

رفقاً بأنفسكم أيها الطامعون قبل أن تترفقوا بغيركم.