«علا والامتحان» قصة قصيرة للكاتبة حنان عزت عويس

الكاتبة حنان عزت عويس
الكاتبة حنان عزت عويس

يأتي هذا العام ليس كأي عام ...كعادة "علا" تحضر نفسها لبداية الدراسة في عامها الخامس .. تحضر أدواتها من ملابس جديدة و أدوات مدرسية، وتبدأ في تحضير أول درس من كل مادة ..

تستيقظ مع شروق شمس يوم جديد ..تحوطها الأمنيات بأن يكون يومًا سعيدًا، بابتسامة شفتيها وضحكة عينيها العسليتين،عندما تنظر إليها تشعر أنها امتلكت الكون، رقيقة الحس ..لا تتحمل على والديها أي أذي .

استكملت الإعدادات وجاءت ليلة بداية العام الدراسي ..لم تذق فيها "علا" طعم النوم؛ قلقًا من تغير مدرسيها .. كيفية استقبال زملائها و زميلاتها .. وصديقتيها المقربتين إلى قلبها "هَنَا" و "أمل" ..

تستيقظ بابتسامة خائفة وكأنها ذاهبة لاختبار نهاية العام .. أطرافها كلوح ثلج لا يذوب رغم حرارة الجو ..تحتضن صديقتيها وتقبلهما، تقف الأم أمام باب المدرسة كباقي الأمهات ينظرن إلى أبنائهن حتى يغلق الباب على صوت رنين الجرس .. تبتسم عيناها، وتقبلها بيديها قبلة هوائية غالية على قلب الأم .. ينتظران هذه اللحظة كل عام .. يغلق الباب.

بعد فترة من بداية الدراسة اشتد المرض على الأم .. اشتد قلق وخوف "علا" على أمها، فأصبحت تقوم بمهام المنزل، مع محافظتها على دروسها .. تظل طوال يومها الدراسي قلقة من عودتها للبيت خوفًا من عدم وجود الأم ..

سافرت مع والدتها لإجراء عملية جراحية خارج مدينتها .

ترفع "علا" رأسها للسماء تدعو الله بالشفاء لأمها، مع البكاء المستمر، مع قراءة القرآن طوال العملية الخطيرة .. تشعر بالقلق الشديد مما ترى في وجوه المحيطين بها .

الدقائق تمر عليها كسنوات عمرها، خشية أن يحدث مكروه لأمها .. ظلت تبكي وتقرأ القرآن .. فجأة، وجدت أمها تمر أمام عينيها، لم تر منها غير وجهها وكأنه يبتسم لها.

لم تسأل الأم فور عودتها للحياة إلا عن "علا" حبيبة روحها، يعودان معًا لاستكمال الدراسة سريعًا، لم تعط الأم نفسها فرصة للراحة .. حاولت تعويضها وتحفيزها .. تقول لها أريدك أقوى  وأفضل، ازداد الضغط النفسي على "علا"، كادت تنهار أيام الامتحانات، حاولت الأم تهدئة روعها حتى تماسكت .. شعرت "علا" أنها نسيت كل شيء كالعادة أيام الامتحان وبخاصة هذا العام .. نصحتها الأم بقراءة شيء من القرآن قبل بداية الامتحان .. متمسكة بالدعاء والصلاة حتى تنهي " علا" امتحانها .

تنتظر الأم مع الأمهات، تخرج "علا" من بين وجوه بريئة رقيقة وهي مبتسمة، تعلو الضحكة عينيها والابتسامة شفتيها ..أجابت الامتحان كله "قفلت يا ماما"، سعدت الأم وقالت الحمد لله، ضمتها لصدرها ضمة الاطمئنان والدفعة للأمام ومواصلة الامتحانات .

انتظرت الأم متحملة الألم حتى تنتهي "علا" من الامتحان، وفي انتظار النتيجة، ذهبت الأم إلى المدرسة وجاءت سعيدة، لم تصدق أن "علا" سوف تتفوق في هذا العام .. ضمتها لصدرها "شرفتينا يا حبيبتي، الله أكبر عليكِ" بكت "علا" والأم من شدة الفرحة .. جلستا علي الأريكة منتظرتين الضلع الثالث والأهم في ضلع مثلث الحب والتضحية ..الأب الحبيب.