هبة عبد الرحمن
فجرت الدراما الرمضانية هذا العام عددا من قضايا الأحوال الشخصية التى تمس عددا كبيرا من المتضررين، فمن مسلسل «تحت الوصاية» إلى مسلسل «جعفر العمدة» الذى ألقى الضوء على قضية فى غاية الخطورة والأهمية، وهى المعروفة باسم «الخلع الأمريكاني»، والتى ظهرت فى المسلسل فى شخصية «وداد» التى فاجئت زوجها بزواجها من رجل آخر وعند مواجهتها اعترفت له بدم بارد بقيامها بخلعه منذ 6 أشهر، وهى تعيش معه دون علمه، المشهد الذى صدم الجمهور آثار التساؤلات حول حقيقة صحة ما فعلته «وداد» فى مسلسل «جعفر العمدة» من عدمه، بل ووصل الامر إلى داخل مجلس النواب بقيام عضو مجلس النواب بعمل طلب إحاطة لوضع ضوابط للقضاء على «الخلع الأمريكاني»، الذى تقوم فيه الزوجة بالتقدم بدعوى خلع واعطاء عنوان خاطئ لزوجها حتى لا يصل اليه اعلان الدعوى؛ ليفاجأ في النهاية بحكم خلع صادر ضده، وقد سبق لجريدة «أخبار الحوادث» مناقشة هذه القضية الخطيرة فى أعداد سابقة، ورغم ذلك لن نمل من طرحها مرات ومرات والوقوف على أسبابها من خلال مناقشة رجال القانون.
حكاياته داخل ساحات القضاء .. زوج أمام المحكمة: اكنت آخر من يعلم بعد 3 سنواتب
امام محكمة اسرة مصر الجديدة وقف الزوج «م. ف» يتألم حسرة بعد أن اكتشف بالصدفة أن زوجته خلعته منذ 7 أشهر، يقول: كنت قد تقدمت بدعوى إنذار طاعة على زوجتى التى تركت منزل الزوجية بعد خلافات عادية تحدث فى أى بيت، ولم يكن لدى النية ابدًا طلاقها وتدمير البيت خاصة ان بيننا طفلة صغيرة، لكن بسبب عنادها وعناد اهلها وقعت المشكلات، وعندما فوجئت بها اقامت ضدى دعوى نفقة للصغير رغم انى كنت ارسل لابنتى النفقة وكانت هى ترفض رؤيتى لها، جن جنونى وقررت التقدم بدعوى إنذار طاعة ضدها انتقامًا منها، لكنى فوجئت بالصدفة داخل المحكمة أن زوجتى خلعتنى منذ 7 أشهر.
ومن مكتب المحامية هدى جمال كانت هذه القضية امام محكمة السلام؛ حضر الزوج يبكى ويطلب الوقوف بجانبه قائلا: إنه تزوج بامرأة مطلقة احبها، لكنها اسقته مرارة الحياة هى وعائلتها، ورغم محاولة الصبر عليها خاصة ان الله رزقه منها بطفلين، لكنه اضطر فى النهاية أن يهرب تاركًا لها البيت والمنقولات والابناء، وبعد مرور عام حاول الصلح لكنه فوجئ بتعنت بالغ من اسرتها مما اضطره تركها وطاردته بسيل من الدعاوى القضائية، وتقدم هو الآخر بدعوى رؤية للصغار لانها منعته من رؤيتهما، وحصلت هى على حكم نفقة كانت تصرفه من بنك ناصر وعليه متجمد نفقة بمبلغ كبير، ليزداد العناد بينهما، ومرت الايام حتى وصلت إلى الاربع سنوات معتقدًا انها لازالت على ذمته وانه فى يوم ستنتهى الحرب بينهما ويعودان من أجل ابنائهما، لكنه اكتشف قيامها بخلعه منذ 3 سنوات وهو لا يعلم، والآن يبكي حسرة على ما حدث وتمنى لو كان يعلم لانه اوقف حياته كاملة على أمل العودة اليها.
وفى قضية أخرى كاد الزوج يفقد عقله وهو يقف فى ذهول امام محكمة اسرة مدينة نصر، عاجزًا عن التعبير عن مشاعر الغضب داخله وهو يقول: تركت للمحامى كل الأمور ولم انتبه أن اسأل بنفسى، فأنا وزوجتى من مستوى اجتماعى جيد، لكن الخلاف وصل بيننا إلى طريق مسدود؛ حتى فوجئت بها تقدمت ضدى بدعوى نفقة للصغار، وهى قضية كيدية لانها تدرك اني أرسل لها النفقة وأكثر مما يحتاجه ابنائى وادفع لهم كافة المصروفات المدرسية، والعناد اوصلنى بأن أتقدم بدعوى لرؤية ابنائي بعد أن رفضت رؤيتي لهم، وتركت القضية للمحامى حتى فوجئت بالصدفة ان زوجتى تقدمت بدعوى خلع لا اعرف عنها اى شيء والكارثة أن القضية كانت محجوزة لآخر جلسة للنطق بالحكم تطليقها خلعا، جن جنونى رغم علمى بأنها ستحصل على الحكم لصالحها لكن شعورى بغدرها وتحايلها على المحكمة لخلعى اصابنى بالجنون.
المستشار هيثم عباس: البطلان لعدم الإعلان
بسؤال المستشار هيثم عباس رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق عن الإجراء القانونى الذى قد يتبعه الزوج فى مثل هذه الحالة، أجاب قائلًا: المشكلة فى الخلع الامريكانى أن الزوجة تقدم عنوانًا خاطئًا حتى لا يصل إعلان الدعوى للزوج ولا يعرف عنها شيئا، وبالتالى يصدر ضده الحكم دون علمه، لكن عن الاجراء القانونى الذى يمكن للزوج اتخاذه هو؛ أن يتقدم بدعوى انعدام الحكم وبطلانه باعتبار أنه لم ينعقد الخصومه بينه وبين زوجته وبالتالى يعتبر الحكم باطلا ومنعدما لانها حصلت على الحكم بطريقة غير صحيحة.
وقد نظم قانون المرافعات هذه الامور، لكن المشكلة أن الناس لا تحب إجراءات التقاضى بصفة عامة، ويجب أن يدرك الجميع أن أى خصومة لابد أن يعرف بها الطرف الثانى حتى يعتد بمواجهتها، اما فى حالة حصول الطرف على حكم دون علمه بها فيعتبر حكما باطلا، ومشكلة الخلع اننا نتحدث فى امور شرعية وليس نزاعا بين افراد او دعاوى مدنية، لذلك يناقشه الجميع لان الوقاية خير من العلاج فى مثل هذه الامور الشرعية الحساسة، والكارثة اننا نناقش موضوعًا منتهيًا ونتيجته واحدة وهى أن الزوج حتى لو قام بعمل بطلان حكم قضائى لعدم معرفته، وإذا عادت الزوجة للتقدم بدعوى خلع على علم ومعرفة من الزوج ففى النهاية ستحصل على حكم بالخلع ايضا مهما كان ضد رغبة الزوج حتى لو لم تبد اسبابًا لذلك.
النائب شحاته أبو زيد: تقدمت باقتراح.. حضور الزوج شرط لصدور الحكم
تقدم النائب شحاتة ابو زيد عضو مجلس النواب بطلب إحاطة موجه إلى وزير العدل حول ما يعرف بـ «الخلع الامريكانى»، وقال: إن بعض الزوجات يلجأن الى هذه الطريقة حتى ينفصلن عن أزواجهن ويتزوجن بآخر دون علمه بعد أن يقمن بإخطاره على عنوان خاطئ لا يقيم به الزوج حتى يتمكن من الحصول على حكم غيابى لا يعلم به الزوج شيئا، وهذه الطريقة بها غش وخداع، وهناك الكثير من الحالات اتبعت نفس الاسلوب، وقد آثار مسلسل «جعفر العمدة» هذا العوار القانونى وسلط الضوء عليه، الامر الذى يهدم القيم التى تقوم عليها الاسرة المصرية، وتؤدى إلى تفككها لذلك طالبت فى طلب الإحاطة ضرورة وضع إجراءات صارمة فى قضايا الخلع تلزم بحضور الزوج، بما يضمن حق الزوج فى الدفاع عن نفسه امام القاضى؛ ليصدر بعدها القاضى حكمه بعلم الزوج سواء بالخلع ام لا.
خبيرة قانونية تكشف آلاعيب الخلع
وتقول هدى جمال المحامية المتخصصة في قضايا الأحوال الشخصية: إذا بحثنا عن السبب الرئيسي وراء هذا النوع من قضايا الخلع سنجد أن المسئولية كلها تقع علي المحضرين؛ فالمفترض في «المحضر» انه هو الشخص المنوط له اعلان الزوج، وبيده إثبات أن العنوان المدون الذى أخبرت به الزوجة هو عنوان صحيح يقيم به الزوج واذا ذهب المحضر الى العنوان المذكور يسجل انه ذهب إلى العنوان لإعلان الزوج وانه يسكن فيه لكنه غير موجود أو مسافر أو أي سبب، ومن ثم تستكمل الإجراءات القانونية حتى تحصل الزوجة على الخلع لان الخلع دعوى إجراءية بحته وليس لها استئناف.
لذا لتعديل المشكلة يجب تعديل منظومة المحضرين، مثل وضع إجراءات صارمة على وجوب اعلان الزوج بشخصه أو من ينوب عنه، وهناك حالات يقوم المحضر بعمل امتناع تابعه عن استلام الاعلان، ويجب في هذه التعديل ذكر اسم الممتنع تابعه الذى رفض استلام الاعلان وصفته اخته او والدته او شقيقه او من هو رفض استلام الاعلان.
والسبب الثانى من وجهة نظرى لقيام عدد من الزوجات باتباع هذا النوع من الخلع، هو أن الخلع من الناحية القانونية قضية إجراءات بحتة، مهما فعل الزوج او رفض الطلاق، القضية تستكمل إجراءاتها حتى تحصل الزوجة على الخلع رغما عن كل محاولات الزوج، وهذا من الجانب القانوني، اما من الناحية الشرعية فـ أرى أن كل أحكام الخلع أحكام باطلة لانه شرعا من المفروض أن يكون الزوج موجود ويجب ألا يصدر الحكم بالتطليق خلعًا من خلال القاضى ولكن يجب أن يلقى الزوج اليمين على زوجته امام القاضى بعد أن يكتفى الزوج بأن تتنازل عن كافة حقوقها المادية.
وإذا رفض الزوج أن يلقى يمين الطلاق فيجب إصدار الحكم برفض دعوى الخلع.
بسؤال المحامية هدي جمال وماذا بعد رفض دعوى الخلع وعدم إمكانية الكثير من السيدات للحصول على حريتها بسبب رفض الزوج الطلاق؟!، اجابت قائلة:من حق الزوجة وقتها أن تتقدم بدعوى تسمى دعوى طلاق للشقاق أو طلاق للضرر، تأخذ وقتًا أطول فى التقاضي من الخلع لكنها مسألة وقت وتحصل الزوجة فى النهاية على حقها فى الطلاق.
واذا عدنا إلى أول قضية خلع فى الإسلام والتى من المفترض انها التى بدأت من خلالها قضايا الخلع؛ سنجد انها كما جاءت فى حديث ابن عباس الذي يقول:»إن امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أتردّين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة، وطلِّقها طليقة».
ومن هنا من كان أولى بأن يطلق المرأة من زوجها الرسول سيد الخلق، لذلك لابد من إعادة النظر فى قضايا الخلع والتى أصبحت سببًا فى خراب المئات بل الآلاف من البيوت.
نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ 4/5/2023
