تجارة آلام العظام.. الضحايا شعروا بتحسـُّن ثم عاودهم الوجع

علاج العظام
علاج العظام

انتشر بيزنس علاج العظام بحقن الكورتيزون والبلازما والتردد الحراري وشفط الغضاريفب بين مرضى يتخيلونه علاجا سحريا لهم، وبين أطباء يحولون تخيلاتهم هذه إلى بيزنس ناجح يدر عليهم أرباحا.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن مرض ضعف العظام من بين أبرز 10 أمراض في العصر الحديث ويسبب مضاعفات خطيرة كالخشونة والتهاب المفاصل وتآكلها.. ومعظم المرضى يذهب إلى الطبيب بعد اشتداد الألم، وحينها قطعا لن يجد وقتا للبحث عن أفضل التقنيات العلاجية المناسبة لحالته، وفورا تبدأ رحلته في الجرى وراء الحل السحرى في العلاج، ليتزامن معها لعبة اقتناص الفرص من أطباء البيزنس.

الظاهرة جديدة وساعد على انتشارها الإعلانات غير المنضبطة على مواقع السوشيال ميديا، التى تنامى معها بيزنس غير شريف يتاجر فيه البعض بآلام المرضى وأوجاعهم، وقد تحدثت اآخرساعةب إلى عدد من الحالات كما ناقشت القضية مع كل الأطراف.

شاهدة عيان!

تقول سيدة تبلغ من العمر 63 عاما، إنها شاهدت على صفحات السوشيال ميديا، صور حالات لبعض المشاهير الذين كانوا يعانون آلاما بالعظام، عرضها طبيب يؤكد وجود تقنيات حديثة تعالج آلام العظام تحت اسم التردد الحراري، ولإثبات نجاحها قام بعرض مقاطع فيديو لمشاهير وسيدات يقدمن الشكر له على مجهوده فى العلاج، فقررت السيدة خوض التجربة وذهبت مع أحد أبنائها لمقابلة الطبيب، وبمجرد أن سمع الطبيب شكواها دون أن يجرى الكشف عليها، أخبرها بما تعانى منه مؤكدًا حاجتها الضرورية لإجراء عمليات تردد حرارى على الظهر والركبتين والكتف بقيمة تصل لـ50 ألف جنيه، وطلب سرعة إجراء العملية خلال مدة لا تتعدى الشهر، معللا ذلك بأن الأسعار ستزيد بنسبة 30%.

اقتنعت السيدة تمامًا وحجزت موعدًا لإجراء العملية، وحينها سأل نجلها الطبيب عن مدى نجاح العملية فى علاج المشكلة نهائيا؟ فأجابه بأن العملية تكون اشبهب مسكن يظل فترة تتراوح بين عام وعامين ثم يعود الألم مجددًا، ومع كثرة التساؤلات أصبح الطبيب يتهرب من تحديد موعد لإجراء العملية خاصة بعد علمه أن أحد أبناء المريضة يعمل فى مجال الرأى العام. وبدأ الشك يتسلل لأسرة السيدة فقرروا الذهاب لطبيب آخر، وعندما وقّع الكشف الطبى عليها أخبرها بأنها تعانى خشونة متقدمة فى الركبة، لكن المشكلة الحقيقية تكمن فى الالتهاب الموجود فى الأعصاب وطلب إجراء أشعة، وأكد ضرورة إجراء جلسات لعلاج الأعصاب أولا حتى يتم تحديد حجم المشكلة الحقيقى، بناء عليه يرى إن كانت بحاجة لإجراء عملية تردد حرارى أم تغيير للمفصل، وكانت المفاجأة حين أخبرها بأن إجراء عملية التردد الحرارى فى حالتها الحالية سيضاعف الألم نتيجة زيادة الضغط على الأعصاب الملتهبة، ما يُعقِّد العلاج لاحقًا.

كما تحدثنا إلى شاب آخر فى الثلاثينيات من عمره، يعانى انزلاقا غضروفيا بالظهر، وقال إن الأطباء نصحوه بإجراء عملية تردد حرارى لعلاج المشكلة نهائيًا، وبالفعل أجرى العملية وكلفته 15 ألف جنيه، لكن حالته لم تتحسّن وبدأ رحلة البحث عن علاجات أخرى.

الحقن والكورتيزون

سيدة أخرى فى الستينيات من عمرها تعانى خشونة متقدمة فى الركبة وتآكلا فى المفصل وتحتاج لإجراء عملية تغيير مفصل، لكنها تخشى إجراء الجراحة، وعند استشارة الطبيب نصحها بإجراء حَقن مستورد يعمل على تعويض المادة السائلة التى تعطى ليونة فى حركة الركبة وتخفف الألم، وبالفعل اشترت الحقنة الواحدة بـ5500 جنيه بخلاف ألف جنيه أجر الطبيب، وشعرت السيدة بتسكين الألم بنسبة 50% لمدة 18 شهرًا ثم عاد الألم مجددًا، وحينما أخبرت الطبيب قال لها إن هذه الحقن المستوردة لم تعد متوفرة، والبديل هو حقن الكورتيزون بسعر 50 جنيها للحقنة، بخلاف 500 جنيه أجر الطبيب، لكن هذه المرة يكون الحقن فى مفصل الرجل من أعلى، ويظل تسكينها للألم لفترة 4 أشهر تقريبًا.

شفط الانزلاق

فيما قالت سيدة ثلاثينية، إنها كانت تعانى أكثر من مشكلة فى العظام، خاصة بعد زواجها وإنجابها طفلها الأول، حيث كانت تشكو من مشكلة اختناق فى أوتار اليد وكانت بحاجة لإجراء عملية، لكن أحد الأطباء أخبرها أن حقن الكورتيزون حل بديل، الذى ظل مسكنًا للألم لمدة عام ليعود بعد ذلك أقوى مما كان عليه حتى اضطرت لإجراء العملية فى النهاية.

كما كانت تعانى انزلاقا غضروفيا فى فقرات الظهر، وظلت تتألم لسنوات ونصحها البعض بإجراء الحقن والتردد الحرارى، ولكن حذرها آخرون منه فهو مجرد إجراء لتسكين الألم، إلى أن علمت بتخصص طبى جديد يُعرف بـاعلاج الألم التداخلىب، وهو إجراء عملية تعطى نتائج العمليات الجراحية لكن عن طريق التخدير الموضعى ومنظار يقوم بتفتيت الغضروف وسحبه من الجسم، وبالفعل أجرت العملية التى تكلفت 30 ألف جنيه، وكانت النتيجة ممتازة وأصبحت السيدة تمارس حياتها بشكل طبيعى وبدون ألم.

مضاعفات خطيرة

يعلق الدكتور خالد عمارة، أستاذ جراحة العظام بطب عين شمس، على جميع العلاجات السابقة، قائلاً: إن جميعها، عدا الكورتيزون، يمكن أن تأتى بنتائج فعالة فى علاج الحالات المبدئية فقط وليس المتأخرة، كما أن العلاج يختلف من حالة لأخرى، مؤكدا أن حقن الكورتيزون من أنواع العلاج التى لا ينصح بها مطلقا، لأنها مجرد حل على المدى القصير لكن على المدى الطويل تنتج عنه مضاعفات تختلف من حالة لأخرى، أما حقن تركيز الصفائح الدموية فيعتمد على تركيز البروتينات الموجودة فى جسم الإنسان، مما يساعد على التئام الأنسجة بالتالى هو مفيد لتحفيز الالتئام فقط، لكن لا يصح أن يستخدم كعلاج بمفرده لأن فاعليته محدودة فهو علاج تكميلى، كما أن هذا العلاج بالإضافة لحقن البلازما والخلايا الجذعية لا يستخدم فى علاج حالات الالتهابات تماما. ويمكن استخدامه فى حالات الدرجة الأولى من الخشونة أو بدايات الدرجة الثانية وذلك بعد إجراء أشعة رنين والتأكد من أن حالة الغضاريف يمكنها تحقيق الاستفادة، لكن بعد الوصول للدرجة الرابعة لابد من إجراء الجراحة.

وفيما يخص التردد الحرارى، أوضح أنه علاج قديم يستخدم منذ حوالى 25 عاما، وعادة يكون مفيدا فى علاج الألم والتهاب الأعصاب وليس علاج المرض، ويكون مرحلة مؤقتة لأن فاعليته من شهر إلى 3 شهور ويمكن تكراره لكن الفاعلية تقل مع كثرة الاستخدام. وأسعار كل العلاجات السابقة لا يمكن تحديدها بدقة كونها تختلف وفقا لجودة الأجهزة المستخدمة والتكنولوجيا والتفاصيل الدقيقة، لذا فالأمر يرجع لضمير الطبيب، ناصحًا المريض بضرورة استشارة أكثر من طبيب قبل الإقدام على تجربة العلاجات المختلفة وللتأكد من الحصول على العلاج المناسب لحالته.

تآكل الغضاريف

من جانبه، يحذر الدكتور هانى موافى، أستاذ جراحة العظام بكلية طب المنصورة، من تكرار حقن الكورتيزون كونه ليس بروتوكولا علاجيا، وله آثار جانبية منها زيادة تآكل الغضاريف نتيجة لقيام المريض بالمهام المعتادة دون الشعور بالألم، موضحا إمكانية استخدامه كاختبار فقط بجرعة لا تتعدى 1 سم لمعرفة ما إذا كان المريض يعانى مشكلة فى أحد مفاصل الجسم مثل مفصل القدم أو الكاحل، ليتم تحديد السبب سواء كان التهابات بسيطة أم مرضا مزمنا، وبعدها يُحدد نوع الدواء.

وفيما يتعلق بحقن السائل الزلالى المستورد للمفاصل، أوضح أن له درجة لزوجة يتم حقنها فى المفصل لتساعد على ليونة الحركة وتحسين حركة المفصل فقط، وقد يحقق نتائج جيدة فى الدرجة الأولى والثانية فقط، بينما لا يجدى مع الحالات المتأخرة.

أغلى علاج

أما الدكتور بولا ميشيل، أستاذ مساعد علاج الألم التداخلى بجامعة عين شمس، فيؤكد أن تخصص الألم التداخلى والأشعة التداخلية من التخصصات الجديدة التى استطاعت تقديم حلول مناسبة لعدد كبير من المرضى، فالأشعة التداخلية ما هى إلا تدخلات علاجية لبعض المشكلات الصحية مثل مشكلات الفقرات والغضاريف بالعظام، حيث يوجد أدوات محددة بإمكانها إزالة الانزلاق خاصة فى الفقرات القطنية الموجودة أسفل الظهر بدلا من إجراء العمليات الجراحية، وتكون عن طريق تخدير موضعى وتحقق نتائج ممتازة، وتصلح لحوالى 80% من الحالات المرضية خاصة فى المراحل الأولى، لكن يجب على الطبيب مراعاة حالة المريض وإخباره بحقيقه ما يحتاج إليه وعدم النظر إلى الجانب المادى، خاصة أن التكلفة تتراوح بين 12 و30 ألف جنيه حسب نوع الشكوى.

ويستخدم علاج الألم التداخلى للقضاء على ألم الأمراض المزمنة للحد من تناول المسكنات وما تسببه من مضاعفات، حيث يتم إجراء تدخلات للأعصاب التى تغذى الألم ليجعله يختفى بشكل كبير، وينطبق ذلك على جميع الأمراض المزمنة - بما فيها أمراض العظام - التى خضعت لكل أنواع العلاج ولم يتبق أمامها غير أن تتخلص من الألم، ليكون بذلك حلا مريحا لمدة تتراوح بين عام وثلاثة أعوام، ويمكن تكراره لاحقا بدون حدوث مضاعفات، ويتم علاج الألم فى المستشفى أو العيادة بواسطة جهاز الأشعة عن طريق تخدير موضعى باستخدام عدد من الإبر الرفيعة جدا لتتوجه للأعصاب المغذية للألم لتمنع نقل الإشارات العصبية للمخ، ما يقلل الشعور بالألم بنسبة كبيرة تتجاوز 70%.

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ 3/5/2023

اقرأ أيضًا : نصائح للحفاظ على ذاكرة حادة