"أم" ألقت بطفلتها حديثة الولادة داخل سيارة ميكروباص

الرضيعة الضحية
الرضيعة الضحية

الإسكندرية -  محمد مجلي

  «الضنا مش غالي» عند قلة من الآباء والأمهات، مقولة تبدو غريبة على أسماعنا وربما عند قراءتها يعتقد البعض أنها جملة عابرة على الأذهان لم نقصدها، وليس لها وجود أو غير مطبقة على أرض الواقع، لكن المفاجأة هي أن تكتشف أن هذه المقولة طبقتها حرفيًا ولفظيًا، سواء كان أب أو أم بعد أن قرر أحدهما دون علم الآخر أو الاثنان التخلص من طفلتيهما الرضيعة التي لم يتجاوز عمرها عدة سويعات، وجرى إلقائها فى ظروف غامضة والتخلص منها في احدى سيارات الأجرة الميكروباص، سعة 14 راكبًا وذلك بمدينة الإسكندرية، الواقعة مأساة في حد ذاتها جديرة بذكر تفاصيلها من الألف إلى الياء وتترجم مدى قسوة هذه الأم أو الأب، وإلى الأحداث نعود.

بات المصير المجهول هو عنوان حياة هذه الطفلة التي لم يُعرف هويتها حتى كتابة هذه السطور وذلك بعد العثور عليها داخل سيارة ميكروباص لتبدو وكأنها تدفع غلطة الآباء فى عدم الاهتمام بها ورعايتها حق رعاية حتى تصبح انسانة صالحة ونافعة فى المجتمع.

تعود قصة الطفلة المجهولة إلى عثور أحد سائقي سيارات الميكروباص الأجرة في محافظة الإسكندرية على طفلة رضيعة حديثة الولادة ملفوفة فى بطانية خاصة بالأطفال بعد أن تم لفها فيها، وقامت سيدة ونجلتها بإلقائها أسفل كراسي الكنبة الأخيرة في السيارة الميكروباص،والعثور عليها فى ظروف غامضة دون أن يتعرف أي شخص على هويتها؛ ليبدأ سائق الميكروباص في البحث عن سبب وجودها وهويتها، فتوجه إلى الأجهزة الأمنية للإبلاغ عن الواقعة.

صورة على السوشيال ميديا

وانتشرت بعدها صور الطفلة المجهولة رفقة سائق السيارة الميكروباص التي تم العثور عليها بداخل سيارته على مواقع التواصل الاجتماعي عبر صفحات فيس بوك على أمل التوصل إلى أهلها والتعرف على هويتها؛ ليتحول المصير المجهول لهذه الطفلة حديثة الولادة إلى مصير معلوم يكون بين أحضان أسرة دافئة تؤمن لها حياة هادئة ومتميزة.

ورغم حداثة ولادتها إلا أن هذه الطفلة عرفت طريق الأقسام مبكرًا وظلت تتردد على دار رعاية الطفولة وذلك ضمن رحلة البحث عن أهليتها لحمايتها من المخاطر الدنيوية والحياتية.

ولكن كيف عثر هذا السائق على الطفلة داخل سيارته؟!

عثر السائق الطيب على الطفلة، ملفوفة بملابس الأطفال حديثي الولادة وتم وضعها أسفل كرسي الكنبة الأخيرة فى السيارة أثناء عمله، ومع نزول آخر راكب من السيارة، بعد رحلة فى طريق العمل بدأت بمنطقة محطة مصر وسط الإسكندرية مرورًا بمناطق سيدى جابر وفكتوريا شرقي المحافظة وصولًا إلى منطقة المندرة بنطاق دائرة قسم شرطة المنتزه ثان، اكتشف صوت كأنه يئن داخل السيارة فتتبع مصدره ليكتشف المأساة.

خط السير.. والمفاجأة

قال السائق صاحب السيارة محل الواقعة، في بلاغه في محضر رسمي: «أنا سائق سيارة ميكروباص، خرجت كعادتي إلى عملي اليومي المعتاد على سيارة ميكروباص»، مشيرًا إلى أنه يعمل على خط  محطة مصر إلى المندرة، مضيفًا بأسى: «ما أن تسلمت مفاتيح السيارة وتناوب على ركوبها الكثير من الركاب الذين اعتادوا الركوب معي ومنهم من هم ركاب يراهم لأول مرة منهم هذه المرأة التي استقلت السيارة ومعه طفلة كبيرة والطفلة المعثور عليها»، مضيفًا أنه عثر عليها أثناء الرحلة التي خرج فيها من منطقة المندرة بنطاق حي ثاني المنتزه بشرقي المحافظة، متخذًا من خط أبو قير طريقه للوصول إلى منطقة فكتوريا شرقي المحافظة».

وأوضح صاحب الواقعة؛ أنه تذكر فور العثور على الطفلة الرضيعة صعود سيدتين للسيارة الميكروباص رفقة الطفلة وذلك بسؤال كل منهما عن وجهتهما، فأشارا إلى أنهما سيتوجهان إلى منطقة فكتوريا وكانت بحوزتهما شنطة كبيرة، وطالبهما بالصعود والجلوس على الكنبة الأخيرة حيث نزولهما في المحطة الأخيرة، لافتًا أنهما استقلا الكنبة الأخيرة من السيارة الميكروباص، وأنهما ايضا رفضا جلوس أحد بجوارهما، مشيرًا أن إحداهما ادعت أن الثانية والدتها بعد ان علت صوت احداها وهى تحدثها لتخبر الجميع بأنها والدتها.

ولفت صاحب السيارة الميكروباص، إلى أن كلا السيدتين طلبا النزول عند مزلقان فكتوريا بنطاق حي المنتزه أول، مشيرًا أنه أكمل رحلته إلى منطقة المندرة عن طريق شارع جمال عبدالناصر، وذلك فى الوقت الذى شهد ركوب عدد من الركاب أو نزول عدد من الركاب فى الأماكن الخاصة لكل راكب وأنه مع قرب وصول السيارة الميكروباص إلى موقف منطقة المندرة، كانت تجلس خلفه احدى السيدات التي أبلغته بسماع صوت غريب داخل السيارة وكأنه لصوت طفل حديث الولادة وسألت عن وجود صوت غير مألوف.

يضيف السائق: سارعت بالوقوف بالسيارة ثم ظللت أبحث عن مصدر الصوت من الخارج ثم دخلت السيارة من الداخل للبحث عن مصدر الصوت، وتفاجأت بوجود صوت صراخ صادر من طفل يبدو حديث الولادة، فتتبعت الصوت وبالفعل وجدت جسم ملفوف فى بطانية وصادر منه صوت بكاء الطفلة أسفل الكنبة الأخيرة من السيارة الميكروباص، موضحًا أنه ظل ينظر حوله على أمل أن يتعرف أي شخص عليها لكنه لم يجد من يتعرف عليها.

وأكد السائق؛ أنه بسؤال الراكبة أكدت عدم معرفتها بالطفلة وأنه تذكر بأن الطفلة الرضيعة صعدت رفقة سيدتين الأم وابنتها وأنهما غادرا السيارة بمنطقة فكتوريا محل النزول.

ظل السائق تراوده الأفكار حول كيفية التوصل إلى هوية الطفلة الرضيعة، ظل يبحث هنا وهناك، وأنه أجرى اتصالا بالعاملين فى المواقف ليخبروه اذا ما سأل أي شخص عن طفلة مفقودة دون فائدة، وأنه عاد مسرعا للتنقل فى الأماكن التي مر بها خلال رحلته لكن دون جدوى، حتى نصحه أحد الأصدقاء بنشر صورتها رفقة صورة الطفلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على فيس بوك على أمل أن يتعرف عليها أي شخص ويبلغ اهليتها إذا كانوا تناسوها سهوًا سواء كان ذلك بقصد أو بدون قصد، مشيرًا أنه ظل يتردد على أماكن نزول الركاب وخاصة بمنطقة فكتوريا على أمل أن يلتقي احد الركاب الذي يتعرف عليها لكن لم يتمكن من الوصل إليها.

وأوضح سائق السيارة؛ أن الطفلة ظلت فى حالة بكاء شديد وظل يداعبها حتى تمكن من تهدئتها وتقديم الطعام لها، مشيرًا أنه تملكته حالة حزن كبيرة جدًا وهو يتأمل مصير الطفلة الرضيعة وحول المصير المنتظر لهذه الطفلة، لافتًا أنه من سكان محافظة الإسكندرية وانه من شدة حزنه راودته فكرة مستحيلة وهي أن يتوجه إلى كل منزل وشقة بالإسكندرية حتى يتم معرفة أسرتها ويسألهم لماذا فعلوا ذلك. 

البلاغ

بدأت الواقعة بتلقي مديرية أمن الإسكندرية، اخطار من قسم ثان شرطة المنتزه يفيد بورود بلاغ بعثور أحد سائقي السيارات الأجرة «ميكروباص» على طفلة رضيعة ملقاة أسفل الكنبة الاخيرة من السيارة الأجرة أثناء عمله، إذ تقدم ببلاغ إلى قسم الشرطة.

جرى تحرير محضر بالواقعة، وأخطرت الجهات المعنية لمباشرة التحقيق؛ اذ طلبت تحريات المباحث حول الواقعة وسماع أقوال شهود عيان الواقعة وتفريغ الكاميرات ان وجدت من مكان صعود ونزول الركاب خلال الفترة التي تم العثور فيها على الطفلة.

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ 27/4/2023

اقرأ أيضًا : مقتل مزارع بطلق ناري في ظروف غامضة بنجع حمادي