علي جمعة: العمل جهاد.. ولا مجال للتقدم إلا بالتدريب والعلم

الدكتور علي جمعة محمد عبد الوهّاب
الدكتور علي جمعة محمد عبد الوهّاب

للعمل والسعى لكسب الرزق قيمة كبيرة فى الإسلام، وقد حثت الشريعة على ضرورة أن يكون لكل إنسان حرفة أو مهنة تغنيه سؤال الناس.. حول قيمة العمل فى الإسلام يقول الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء إن الجهاد قد يتمثل فى العمل؛ والعمل قد يكون إصلاحًا لما بينك وبين الله، وفصّل الله لك التفصيل فى الصلاة والصيام والزكاة والحج والنذر والكفارات والإيمان والعبادة، ورسم لنا طريقًا لعبادة الرحمن سبحانه ؛ والعمل قد يكون لإصلاح ما بينك وبين نفسك، فأنزل الله سبحانه وتعالى منظومة القيم كلها فى القرآن، ودلّنا على أسمائه حتى نتخلق بالجمال ونتعلق بالجلال ونسعى إلى الكمال ؛ فإن أسماء الله سبحانه وتعالى بين الجمال والجلال والكمال وهى منظومة الخُلق الإسلامى ،وقد يكون العمل لإصلاح ما بينك وبين الناس ، بينك وبين أهلك ،وبين جيرانك أو جماعة المسجد أو جماعة العمل أو المجتمع أو العالم كله، ويجب علينا أن نُرجع حسن العمل فينا.

ويضيف أن العامل المصرى كان أحسن العمّال فى العالم على مر التاريخ منذ أن بنى الأهرام وبنى الحضارات المتتالية على هذه الأرض الطيبة، وجاء الإسلام فأخرجه من الظلمات إلى النور ، ومن الضيق إلى السعة ؛ فبنى الحضارة وأكّدها، ولكننا نرى الآن العصر يتسارع، ويجب علينا أن نعيد للعامل المصرى كينونته بمنظومة تبدأ ب«التدريب .. بالعلم .. بالعمل».

اقرأ ايضاً |بعد زيادتها 1000 جنيه.. اعرف تفاصيل منحة العمالة غير المنتظمة

ويشير إلى قوله تعالى: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ» موضحا أن الله أمرنا بالعمل الصالح ، فهيا بنا نبدأ لننتصر على أنفسنا فى أعمالنا وإدارتنا وحياتنا ، وننتقل نُقلةً نوعية نرجع فيها إلى أنفسنا وإلى ما كنا عليه، فمازلنا قادرين على العمل وعلى الإنتاج وعلى الإبداع وعلى الذكاء وعلى الفهم وعلى عمارة الدنيا .. أمامنا فرصة لا نفوتها حتى نعود إلى القيادة والريادة فى كل العالم.

وأبرز مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية قيمة العمل فى الإسلام موضحا أن الله سبحانه الأرض جعل طيِّعة ميسرة للعمل وطلب الرزق، وذكّر عباده بهذه النعمة وحثهم على السعى والأخذ بأسباب الرزق؛ فقال سبحانه: «هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور». «الملك: 15»

وأضاف أن الحقُّ سبحانه هيأ الكون والخلق للعمل والسعي، فأنعم على خلقه بنعمتى الليل والنهار، وجعل النهار للعمل والمعاش، والليل للسكون والراحة بعد الكد؛ قال سبحانه: «وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» «القصص: 73»، وقال سبحانه: «وَجَعَلْنَا النَّهَارَ‌ مَعَاشًا». «النبأ:11»

وأكد أن الإسلام قرر أن أفضل طعام الإنسان ما اكتسبه من كده وعمل يده؛ قال سيدنا رسول الله : «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». «أخرجه البخاري»

وأضاف أن السنة النبوية الجليلة علمتنا أن اشتغال الإنسان بأى عمل شريف؛ يرفعه، ويكرّمه، ويغنيه، وخير له من سؤال الناس؛ فقال سيدنا رسول الله : «لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا، فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ». «أخرجه البخاري»

وأشار إلى أن الأمر بالتفرق جاء فى الأرض لطلب الرزق وقضاء مصالح الخلق، بعد الأمر بالسعى إلى صلاة الجمعة واغتنام فضلها؛ ليظهر شمول إسلامنا الحنيف وجمعه بين ابتغاء الدار الآخرة، وتحصيل منافع الدنيا بالبذل والعمل؛ قال تعالى: «فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِى الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ». «الجمعة: 10»

الدكتور علي جمعة - مفتي الديار المصرية السابق