اول سطر

الآثار الغارقة والسوشيال ميديا!

طاهر قابيل
طاهر قابيل

 فى بداية التسعينيات من القرن الماضى كانت أول مرة أزورها.. وكانت زيارة بالصدفة عندما اختارنى الكاتب الصحفى جلال دويدار رئيس التحرير فى ذلك الوقت لأكون ضمن فريق من صحفيى الأخبار لمتابعة حادث غرق العبارة المصرية سالم إكسبرس عندما اصطدمت بالشعاب المرجانية بالقرب من ميناء سفاجا ونقل الأحداث بواقعية وحرفية إلى قراء محبوبتى «الأخبار»..

لم تتوقف زيارتى ومهامى الصحفية إلى محافظة البحر الأحمر بعيدا عما حدث للعبارة  فغطيت أحداثًا وكلفت بمهام أخرى إلى هذا الجزء العزيز من أرضنا الطيبة وقضيت أيامًا فى «مرسى علم» وزرت محمية الجمال وشاهدت الجزر والوديان البديعة.

أطلق أجدادنا قدماء المصريين على بحر القلزم أو الأحمر اسم  «البحر الأخضر العظيم» الذى تحتضن محافظته كنوزًا طبيعية وأثرية فى مدنها الست، رأس غارب والغردقة وسفاجا والقصير ومرسى علم والشلاتين..

وتتمتع بطقس مشمس دافئ طوال العام ومن أفضل مراكز الغوص والمنتجعات السياحية وتحيط بها جزر»محيطة» تتكون على أعماق كبير و»ساحلية» قريبة من الساحل..

وهو من البحورالصالحة لنمو وازدهار المرجان وبه 75 نوعًا وتتميز المحافظة  بالسياحة العلاجية والرمال والمياه الدافئة وبها جزر غنية بأشجار المنجروف ومنطقة سفاجا بمحافظة البحر الأحمر نموذج ناجح للعلاج والاستشفاء باستخدام حمامات الرمال.

 ولقد رزق الله أرض محافظة البحر الأحمر  بمجموعة هائلة من السلاسل الجبلية التى تصلح لرياضة التسلق والعديد من الوديان الصالحة لركوب الخيل والجمال والسباقات وبسهولها نباتات طبية برية نادرة وتزخر بالمواقع الأثرية التى ترجع للعصر الفرعونى فى أم الفواخير بوادى الحمامات على طريق «ادفو - مرسى علم» وقد استغل أجدادنا المحاجر الموجودة بالمحافظة  لبناء المقابر والمعابد واستخرجوا الذهب من مناجمها واستفادوا منه فى صنع الحلى وأدوات الزينة.

تربط الطرق الصحراوية فى شرق مصر وادى النيل بسـواحل البحر الأحمر وكانت شريانًا لازدهار التجــارة وربط مصرنا بالقارة السمراء وظهر ذلك فى اللوحات والنقوش على جدران معبد «حتشبسوت» بالدير البحرى والتى صورت نقل السلع من الموانئ للسفن المتجهة إلى «بلاد بونت» وقد ظلت الصحراء الشرقية مصدرًا لجلب الأحجار واستخراج المعادن فى العصرالبطلمى والرومانى.

 السؤال الذى تبادر لذهنى كثيرًا هل تخبئ مياه البحر الأحمر؟ أسرارًا مغمورة تحتها من بقايا الموانئ والأرصفة البحرية وحطام السفن، وقد نشر البعض على «السوشيال ميديا» أخبارًا وصورًا عن «مدينة غارقة» وقطع أثرية بمنطقة سهل حشيش..

وعندما سألت بعض الخبراء عن ذلك قالوا إنه غير صحيح وإن الصور للتيجان والأعمدة والمقاصير هى نماذج مقلدة للدعاية السياحية ولا أهمية لها تاريخيًا.