عُملة البريكس.. حلم روسى يهدد هيمنة الدولار

«المجموعة».. تستعد لإطلاق عملة مشتركة بديلة

مجموعة البريكس
مجموعة البريكس

مرام عماد المصرى

هل يمكن لمجموعة البريكس تسهيل إيجاد بديل للدولار الأمريكى قابل للتطبيق بنجاح؟ قد تفسر الأزمة المالية العالمية المستمرة والسياسة الخارجية الأمريكية المواجهة سبب قيام دول البريكس بتكثيف جهودها لإطلاق عملة بديلة للدولار الأمريكى..

لسنوات طويلة هيمن الدولار على اقتصاد العالم فيما بدا كقاعدة بديهية لا تعرف أجيال متعاقبة سواها. يأتى ذلك فى الوقت الذى يفترض فيه أن رفع أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة يرفع تلقائيا من قيمة الدولار أمام سلة العملات الأخرى، إلا أن هذا الارتفاع يحمل فى طياته ارتفاعا لنقاط ضعف العملة الخضراء..

وفى القارة العجوز، يحاول الرئيس الفرنسى أن يقنع جيرانه بتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكى خارج الحدود الإقليمية مؤكدًا نظريته حول «الحكم الذاتى الاستراتيجى» لأوروبا، التى من المفترض أن تقودها فرنسا، لتصبح «قوة عظمى ثالثة»..

فى هذا الملف، نسلط الضوء أيضا على إساءة استخدام وضع الدولار الأمريكى كعملة احتياط، واستعداد أكبر الدول اقتصاديًا لإطلاق البديل، ونجيب عن عدة أسئلة بما فى ذلك ما هو مطلوب لجعل هذه الرؤية حقيقة واقعة وفرص نجاح هذه التجربة.

بعد سنوات من إساءة استخدام وضع الدولار الأمريكى كعملة احتياط، تستعد العديد من أكبر الدول اقتصاديًا وأكثرها اكتظاظًا بالسكان على هذا الكوكب لإطلاق بديل للدولار الأمريكى لاستخدامه فى التجارة العالمية.

والحديث يدور عن «مجموعة بريكس» التى باتت قبلة اهتمام عدة دول تبحث عن الانضمام إلى تكتل يحقق نوعاً من التوازن الاقتصادى، وذلك رغبةً منهم فى إنشاء نظام متعدد الأقطاب بدلًا من التى تسيطر عليه الولايات المتحدة.

وتأسست مجموعة بريكس عام 2006 وكانت تُسمى «بريك»، أى الأحرف الأولى من الدول المشكلة لها أى البرازيل وروسيا والهند والصين، وعقدت أول قمة لها عام 2009، ثم انضمت إليها جنوب أفريقيا لتتحول إلى بريكس (BRICS).

وتعمل روسيا فى الآونة الأخيرة على إنشاء عملة مشتركة جديدة بين روسيا والهند ودول البريكس الأخرى كوسيلة للرد على هيمنة الدولار واستخدامه الخاطئ من قبل الولايات المتحدة.

وفى الوقت نفسه تظهر قوة الروبل الروسى فى أعقاب العقوبات القاسية التى فرضتها الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى أن هناك مستوى عاليًا من المعارضة لهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية، وترى دول البريكس أن هذا هو الوقت المناسب للاستفادة من المستوى المتزايد من عدم الرضا تجاه السياسات الأمريكية.

ووفقا لخبراء، فإن هيمنة الدولار عبء على الدول ذات الديون المقومة بالدولار، لأن سياساتها النقدية تزعزع الاستقرار عندما تتقلب أسعار الصرف.
ومن جانبه، قال  كبير الاقتصاديين السابقين فى بنك جولدمان ساكس، جيم أونيل، فى ورقة بحثية نُشرت فى مجلة جلوبال بوليسى جورنال: «كلما شرع مجلس الاحتياطى الفيدرالى فى فترات من التشديد النقدى، أو العكس، التخفيف، كانت العواقب على قيمة الدولار والتأثيرات غير المباشرة دراماتيكية».

من جانبه، كشف وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف فى وقت سابق أن مجموعة «بريكس»، ستناقش مبادرة إنشاء عملة موحدة بين الدول الأعضاء، خلال القمة المقرر عقدها فى جنوب أفريقيا، فى أغسطس المقبل.

وتتوقع جنوب أفريقيا من جميع قادة دول البريكس، بما فى ذلك الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، المشاركة شخصياً فى القمة فى أغسطس المقبل، حسبما قال أنيل سوكلال، مندوب جنوب أفريقيا فى البريكس..

وقال سوكلال: «لدينا تأكيد بأن جميع القادة سيحضرون القمة»، مشيرًا إلى أن جنوب أفريقيا تتوقع من جميع قادة البريكس أن يشاركوا شخصيًا فى الحدث.

وتم الإعلان أخيرًا عن تفوق مجموعة «بريكس» لأول مرة على دول مجموعة السبع الأكثر تقدمًا فى العالم، وذلك بعد أن وصل إنتاج «بريكس» إلى 31.5% مقابل 30.7% للقوى السبع الصناعية.

وحسب الصحيفة الفرنسية «لو جورنال دو ديمانش»، فالاتجاه الصعودى الذى حققته «بريكس» سيستمر خاصة فى أسواق الصين والهند.

ومجموعة بريكس هى تكتل يضم روسيا والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا والهند، تأسست عام 2006، فى قمة استضافتها مدينة يكاترينبورغ الروسية وتحول اسمها من «بريك» إلى بريكس فى 2011، بعد انضمام جنوب أفريقيا إليها. وتهدف هذه المجموعة الدولية إلى زيادة العلاقات الاقتصادية فيما بينها بالعملات المحلية، ما يقلل الاعتماد على الدولار.

وبدأت «بريكس» فى تقديم نفسها كبديل للكيانات المالية والسياسية الدولية الحالية، بعدما بدأت كرمز للاقتصادات الأسرع نموًا حول العالم، ويبدو أن الأمر قد يصبح حقيقة قريبًا، ليس فقط من خلال الناتج الإجمالى للمجموعة والذى تفوقت فيه على «السبع الصناعية».

ويرى خبراء أن «بريكس» آخذة فى الصعود، خصوصًا بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة، وعدم مشاركة دول المجموعة فى العقوبات المفروضة من الغرب على موسكو.

اقرأ أيضا| ننشر أبرز رسائل ‎بوتين أمام الفيدرالية الروسية بذكرى الحرب الأوكرانية