أحلام مصرية جداً

رسالة الإمام الشافعى

نهاد عرفة
نهاد عرفة

أثار مسلسل « رسالة الإمام « الشافعى الكثير من الجدل منذ ظهور أولى حلقاته، البعض انتقده وبدأ فى سرد أخطائه التاريخية، والكثيرون أشادوا به، المتشددون كانوا أكثر انتقاداً حتى ولو أنهم لم يحيوا هذه الفترة أو لم يقرأوا عنها مايكفي، الفترة التى عاش فيها الإمام الشافعى فترة قديمة تمتد من سنة 767 ميلادية حتى وفاته بمصر فى 820 ميلادية، وهيَ فترة بعيدة ومهما كُتب عنها فى التاريخ الإسلامى سنجد الكثير من الاختلافات، والإجماع الوحيد على الإمام الشافعى أنه كان أشهر علماء الفقه والتفسير، وأنه كان إماماً عادلاً، ثالث الأئمة الأربعة صاحب المذهب الشافعى فى الفقه الإسلامى ومؤسس علم أصول الفقه وإماماً فى علم التفسير والحديث، وشاعراً فصيحاً عمل قاضياً وعُرف بالعدل والذكاء والسماحة الدينية، وهيَ الصفات التى ركز عليها المسلسل، فما يهمنا فى رسالة الإمام أن نتعرف على خُلقه وفكره وأدبه وعدله، وهنا لا يهمنا كمشاهدين أن يكون المسلسل بالعربية الفصحى أو العامية، فاستخدام العامية رؤية درامية بديلاً للقبطية التى كانت شائعة فى تلك الفترة، وكون المهاجمون للمسلسل ثاروا لمجرد استعانة الإمام الشافعى براهب قبطى لمداواة زوجته المريضة فاعتراضهم نوع من الهزل فقد أجاز الإسلام التطبب على أيدى غير المسلمين والعكس، وهوَ ما يوضح السماحة الدينية والإسلامية للإمام الشافعي، والتاريخ الإسلامى يُحدثنا أن الصحابة والمسلمين الأوائل كانوا يتطيبون ويعالجون على أيدى أطباء مشركين وأقباط وهم كُثر فلماذا هذا التنمر! وهل وُلد المسلمون علماء وأطباء أم تعلموا على أيدى هؤلاء حتى صاروا عُلماء، لقد أعجبنى رد وإشادة الشيخ أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن، وكنت انتظر رداً من أحد علماء الأزهر، الذى أكد أن المسلسل ليس به أخطاء تاريخية أو فقهية معتبرًا أن حالة الهجوم على المسلسل أمر معتاد من كتائب جماعة الإخوان الإرهابية التى تحاول تشويه أى إنجاز وأن الإمام الشافعى ليس نبياً والمخرج له رؤيته الدرامية، والكثير من الردود الإيجابية من أساتذة التاريخ والحضارة الإسلامية التى أشادت بالمسلسل وأكدت أن الانتقادات التى وجهت للمسلسل بُنيت على غير أساس فقه أو دين أو وقائع تاريخية، كفانا ذماً وتقريعاً فى أى مسلسل دينى أو تاريخي، فما أحوجنا إلى التعرف على المزيد من مثل هذه الشخصيات الإسلامية التى عاشت فى عصور لم نعشها.