خارج النص

دولة لا تنام

 د. أسامة السعيد
د. أسامة السعيد

بينما انشغلنا جميعا باستقبال العشر الأواخر من رمضان، وأيام عيد الفطر، ومن بعدها الاحتفال بالذكرى الحادية والأربعين لتحرير سيناء الحبيبة، كانت مصر والمنطقة والعالم كله على موعد مع قنبلة إقليمية موقوتة اشتعل فتيلها فى السودان الشقيق، وإذا لم يتدارك السودانيون الموقف سريعا، فإن الانفجار سيطال الإقليم والعالم برمته.

على مدى الأسابيع والشهور الماضية يترسخ لدى المتابع والمدقق فى الأحداث الإقليمية والدولية، يقين بأن الدولة المصرية لا تنام، فالتحديات الداخلية والخارجية تتلاحق، والأزمات المحيطة بنا من كل اتجاه تتشابك وتتعقد أبعادها، بما يتطلب من صانع القرار ومؤسسات الدولية المعنية تعاملا احترافيا أشبه بيد جراح ماهر يستئصل المرض، دون المساس بالمريض.

تتراكم التحديات، من معالجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والضغوط التى يفرزها الاستقطاب الدولى، إلى معالجة الأزمات الاقتصادية المرتبطة بالتضخم العالمى، مرورا باشتعال الموقف على الحدود الشرقية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، واستمرار الانقسامات على جبهتنا الغربية، وصولا إلى الأزمة الأحدث والتحدى الذى أراه أكثر خطرا بانزلاق الأوضاع فى السودان الشقيق إلى حافة الهاوية.

جبهات مفتوحة وساخنة، وكل منها لا يحتمل التأجيل، وسط حالة من التربص بالتحركات المصرية، التى تسير فى حقل ألغام الإقليم، وهى تحمل همومها الداخلية، ومثقلة بملفات إقليمية ودولية، والمطلوب أن تحافظ  الدولة على توازنها الدقيق، وفى الوقت ذاته تتحرك بسرعة ودقة.

تحديات جسام، وسيناريوهات تطرح جميعها خيارات صعبة، وبعيدا عن أفكار نظرية المؤامرة، لكن حقيقة الموقف تؤكد أن حصار تلك الأزمات للخريطة المصرية على أكثر من محور ليس من قبيل الصدفة، ولم يأت عشوائيا!

لكن مصر التى اعتادت القتال على أكثر من جهة، واحترفت التعامل مع الأزمات والخروج منها - بفضل الله أولا وتماسك شعبها وقدرة قيادتها ثانيا - أقوى وأكثر جدارة وصلابة، قادرة على المواجهة، حتى وإن كان التحدى السودانى هذه المرة بالغ التعقيد والتشابك.

الدولة التى تستعد للاحتفال هذا العام بمرور نصف قرن على ملحمة أكتوبر 1973، و10 سنوات على ثورة 30 يونيو، يمكنها أن تعيد   كما اعتادت   صياغة تاريخ المنطقة، .