أخفى رحلاته الفارهة باليخوت والطائرات الخاصة

رشاوي أم ضيافة شخصية؟!.. قاضي المحكمة العليا مهدد بالاستقالة بسبب رحلاته مع الملياردير الجمهوري

هيئة المحكمة العليا
هيئة المحكمة العليا

..مرة أخرى يتعالى الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين ولكن تلك المرة يتنافس الحزبان ويتصارعان بالرهان على سُمعة ونزاهة احد اشهر القضاة في أمريكا؛ لينفجر بسببه جدل كبير فى الأوساط السياسية الأمريكية بعد كشف التقارير الصحفية تلقي قاضي المحكمة العليا البارز رشاوي وهدايا سخية متنوعة منها رحلات بحرية وجوية فارهة من ملياردير جمهوري شهير.

■ الملياردير هارلان كرو

تسريب التقرير الصحفي تسبب في إشعال الهجوم بين الحزبين؛ ليشن النواب الديمقراطيين هجومًا حادًا طالبوا فيه باستقالة القاضي، وسرعان ما انكشفت هوية القاضي الشهير كلارنس توماس، 74 عاما، وسرعان ايضا ما انكشفت تفاصيل رحلاته وسفرياته الفارهة واغلبها رحلات بحرية على متن يخوت ضخمة وأخرى بطائرة خاصة على حساب الملياردير الجمهوري هارلان كرو، واغلبها رحلات سرية لم يصرح القاضي بها لتثير جدلا متواصلا في امريكا بالإضافة إلى تلقي زوجة القاضي تبرعات ضخمة من الملياردير الشهير لدعم أنشطتها الاجتماعية والسياسية.

■ القاضي كلارنس توماس

◄ صمت وبيان
تناول موقع ديلي ميل تفاصيل القضية في تقرير تفصيلي اشار إلى أن القاضي كلارنس توماس كسر صمته بشأن علاقته بالملياردير الجمهوري الذي اعتاد أن يغرقه بالهدايا، اعترف قاضي المحكمة العليا في تصريحاته انه لم يكن مضطرًا للإبلاغ عن رحلات الطائرات الخاصة واليخوت الفارهة التي تكشف صداقته وعلاقته الوطيدة واستفادته من امبراطور العقارات «صديقه» هارلان كرو، وتكشف التقارير أن القاضي توماس قضى إجازاته السنوية مع كرو وعلى يخوته وطائرته الخاصة دون أن يكشف لزملائه عن ترتيبات سفره، وبدأت علاقة القاضي بالملياردير في التسعينيات، بعد سنوات قليلة من انضمام توماس إلى المحكمة العليا بعد تعيين الرئيس بوش الاب له، وتربطهما علاقة وثيقة منذ ذلك الوقت، أما المثير في الامر أن القاضي حاول الاستفسار من زملائه بشان رحلاته الخاصة واستشارهم في امر «الضيافة الشخصية» وعدم الإبلاغ عنها، ودافع قاضي المحكمة العليا كلارنس توماس عن نفسه مؤكدا أن زملاءه أكدوا له أن «الضيافة الشخصية» من الأصدقاء المقربين مسموح بها.

◄ رحلات أسبوعية
انفجرت قضية القاضي والملياردير؛ ليستجيب القاضي كلارنس سريعًا للضغوط والصراع الذي سببه بين حزبى الديمقراطيين ممن اتهموه بتلقى الرشاوى والميل الدائم نحو الجمهوريين أما الجمهوريون فدافعوا عن القاضي مؤكدين ان الامر لم يخرج عن إطار علاقة الصداقة الشخصية التي تحمل مجاملات دون اغراض سياسية أو قضائية مؤكدين أن رجل الاعمال ليس زميلا للقاضي ولا يتطرق إلى مجال عمله، أصدر توماس كلارنس بيانه بعد يوم واحد من الكشف عن أن المتبرع الجمهوري الثري هارلان كرو اهدى القاضي كلانس رحلة سياحية فارهة مؤخرا إلى إندونيسيا وكذلك منطقة شمال هادئة برفقة زوجته جيني، وقال كلارنس في بيانه : «الزوجان هارلان وكاثي كرو من بين أعز أصدقائنا، ونحن أصدقاء منذ أكثر من خمسة وعشرين عامًا، كما يفعل الأصدقاء انضممنا إليهم في عدد من الرحلات العائلية خلال أكثر من ربع قرن عرفناهم».

تداولت الصحف المزيد من المعلومات ليخرج تاريخ سفريات ورحلات القاضي إلى العلن لتشير إلى كونها رحلات اسبوعية في بعض الاحيان لم يكن راتب القاضي السنوي الذي يصل إلى 285 الف دولار ليتحملها على الإطلاق، ودافع القاضي في بيانه قائلا: «في وقت مبكر من فترة خدمتي في المحكمة، طلبت التوجيه من زملائي وآخرين في القضاء، وتم إخباري بأن هذا النوع من الضيافة الشخصية من الأصدقاء الشخصيين المقربين، الذين لم يكن لديهم عمل أمام المحكمة، لا يمكن الإبلاغ عنه، لقد حاولت اتباع ارشادات الإفصاح، ولكن كشفت التقارير أن الملياردير كرو عضو في  الجمعية التاريخية للمحكمة العليا، على الرغم من أنه قال في بيان إنه لم يسبق له أن عمل أمام محكمة توماس.

◄ نزاهة القضاة
تزامنت قضية القاضي توماس مع الاعلان عن تشديد الإرشادات والتوجيهات نحو القضاة حيث تخضع مبادئ توجيه القضاة لتغييرات مؤخرا، وأعلنت لجنة المؤتمر القضائي ضرورة الكشف عن الذمة المالية للسلطة القضائية الفيدرالية بأكملها في الشهر الماضي فقط بناءً على توجيهات جديدة تم التشديد عليها قبل اسابيع قليلة تتطلب افصاح وصراحة القضاة نحو تلقيهم الهدايا ومن ضمنها الإقامات المجانية في الممتلكات الخاصة والمنتجعات، ولكن قبل تلك التوجيهات لم يكن هناك ما يمنع قاضي في أعلى محكمة في البلاد من ارتكاب تلك الأخطاء الفادحة بالرغم من بند قانون الأخلاق والحكومة لعام 1978 الذي يطلب من القضاة تقديم نموذج إفصاح سنوي للكشف عن الهدايا إلا أنها لم تتضمن بند الضيافة الشخصية، ولم يكشف توماس عن الرحلات على عكس المحاكم الفيدرالية الأخرى حيث لا تُخضع المحكمة العليا أعضاءها لمدونة قواعد سلوك رسمية  على الرغم من أن رئيس المحكمة العليا جون روبرتس حث القضاة على الرجوع إليها للحصول على إرشادات.

لم يقتصر هذا الملف على الرحلات فقط وانما ورد ضمن التقارير تقديم امبراطور العقارات كرو نصف مليون دولار الى جيني زوجة توماس لتمويل مجموعة من زملائها واصدقائها لاستضافتهم في إحدى حفلاتها، ووصفت صحيفة وول ستريت جورنال هارلان كرو بكونه أكبر مالك للأراضي في البلاد، وهو ليس ببعيد عن السياسية فهو ناشط في الحزب الجمهوري وتبرع بالملايين لحملات الجمهوريين ودعم جماعات المحافظين، كما قدم للقاضي توماس سلسلة من الهدايا الغريبة مثل تمثال نصفي لأبراهام لينكولن وكتاب مقدس بآلاف الدولارات وغيرها من الهدايا.

زوجته تلقت تمويلًا نصف مليون دولار لاستضافة أصدقائها

■ زوجة القاضي جيني كلارنس

◄ تمويل الزوجة
مفاجأة اخرى كشفها موقع بروبابليكا ليشير إلى أن القاضي توماس بصفته أعلى قاضي في البلاد أصدر حكمًا لصالحه يسمح لنفسه بالاستفادة من الطائرات الفاخرة واليخت الضخم والعقارات التي يملكها جميعًا نفس قطب العقارات الذي قدم أكثر من 10 ملايين دولار من التبرعات لمنظمات تتبع الجمهوريين من بينها نصف مليون دولار لمجموعة ضغط محافظة أسستها زوجة القاضي جيني توماس كما شاركت زوجة القاضي في حملة الرئيس السابق دونالد ترامب لإثبات أن الانتخابات الرئاسية لعام 2020 قد سُرقت منه وهو الامر الذي اثار الشبهات نحو أنشطة القاضي وعائلته.

تسببت تلك التقارير في دعوة بعض أعضاء الكونجرس الديمقراطيين القاضي للاستقالة فورا، وقالت منظمة «فيكس ذي كورت» إن التحقيق الصحفي الذي استند إلى مقابلات ومراجعات لصور ووثائق أخرى، يظهر أن «المحكمة العليا هي المؤسسة الأقل عرضة للمساءلة في امريكا وبمجرد الكشف عن الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني التي أرسلتها زوجة القاضي اكد اليسار أن هناك تضاربًا واضحًا في المصالح، ودعا القاضي كلارنس إلى عدم النظر في أي ملف يتعلق بالانتخابات مدعين انه قاضي ذو ميول جمهورية منذ ان عينه الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش الأب لتولي مقعد في المحكمة العليا عام 1991، ويعد الملياردير كرو صديقًا لعائلة بوش.