كنوز | شيخ الصحفيين و«عيدية السلطانة»

 السلطانة ملك
السلطانة ملك

كم كانت السلطانة «ملك» سيدة عطوفة وكريمة ومحبة للفقراء وساعية لعمل الخير فى كل رمضان، بل وفى كل شهور العام، ويتجلى كرمها فى الأعياد، هذا ما يرويه شيخ الصحفيين حافظ محمود فى مقال بمجلة «المصور» يقول فيه: «السلطانة ملك هى أول سلطانة لمصر، كان لها وقف بمركز المحلة الكبرى بمساحة 1214 فداناً، رُزق منها السلطان حسين كامل بثلاث أميرات هن: « قدرية، وسميحة التى تحول قصرها فى الزمالك إلى مكتبة القاهرة الكبرى، والثالثة بديعة».

والذين أدركوا شهر رمضان المبارك فى العشرينيات يعرفون جيداً موكب السلطانة « مَـلَـك»، حيث كان الموكب يضم عربة من عربات الخيل تُسمى» الكوبيل» وكانت العربة التى تجلس داخلها مبطنة بالحرير، أما قائد العربة فيجلس بجواره فتى يلبس بدلة زرقاء بخطوط رفيعة حمراء، وأزرار من النحاس اللامع يطلق عليه «الجروم»، وكانت وظيفة هذا الفتى أن يقفز من مكان جلوسه ليفتح باب العربة عند توقفها، ويقدم التحية للسُلطانة طبقاً للبروتوكول السلطانى السائد فى ذلك الوقت، وكانت السُلطانة ترتدى اليشمك الأبيض، وتحرص طوال شهر رمضان المعظم على أن توزع فى دائرتها السلطانية ما تجود به خيراتها على الأسر الفقيرة، ومع أول أيام عيد الفطر المبارك كانت تستقل عربتها السلطانية وتطوف فى المناطق الشعبية البسيطة التى كان يسكنها الفقراء والبسطاء.

وكانت تملأ حقيبتها بأكياس حريرية بكل كيس عشرة ريالات ذهبية تقوم بتوزيعها على أطفال الفقراء، وكانت تذهب لدور رعاية الأيتام لتقوم بنفس العمل مع أطفال هذه الدور التى أسست عددا كبيرا منها، وكانت تنفق عليها وتجلب لها هيئات التدريس وشيوخ تحفيظ القرآن، وتمدها قبل نهاية رمضان بملابس العيد المبارك لتدخل السرور والبهجة على قلوب ساكنيها، وظلت هذه العادات ممتدة ومستمرة طوال عمرها المديد الذى تجاوز الثمانين وحتى وفاتها فى أوائل الأربعينيات، رحلت السلطانة «ملك» عن دنيانا، ولكن بقيت لها تلك الأكياس التى كانت تُدخل السرور والبهجة على قلوب الأطفال الصغار فى الذاكرة، وما كانت تنفقه فى أعمال البر والإحسان، التى لا تُفصح عنها أو تتناولها الصحف بتعليمات منها.

اقرأ أيضا | أسباب الالتهاب الرئوي وأعراضه وطرق علاجه