«إفطار المطرية».. صورة مصغرة لمصر الجميلة

إفطار المطرية
إفطار المطرية

هانئ مباشر

من أكثر وأعمق المناطق شعبية إلى العالمية.. هكذا تحولت احتفالات شهر رمضان فى مصر خاصة موائد الرحمن التى تجمع إليها الجميع، سواء كانت فى مسجد الأزهر أو المناطق الشعبية كالمطرية أو فى قرى مصر بالوجهين البحرى والقبلى إلى بؤرة اهتمام العالم، ومزارا للعديد من الدبلوماسيين والشخصيات العالمية ذوى الصيت على مواقع السوشيال ميديا، الذين انبهروا بأجواء الدفء والكرم الذى لم يجدوه فى بلد آخر غير مصر.. وهذا الأمر يدعونا للتساؤل: لماذا لا يتم الاستفادة من هذه المناسبات الشعبية فى الدعاية لبلدنا وجذب السياحة إليه؟

فى أجواء رمضانية خطف أهالى "عزبة حمادة" بحى المطرية بالقاهرة أنظار الجميع بإقامة "أكبر مائدة إفطار فى مصر"، جمعت حولها الآلاف من أهالى الحى إلى جانب الضيوف من دبلوماسيين أجانب عاملين فى مصر كالسفير الكورى الجنوبي، والعديد من المصورين والمدونين واليوتيوبرز المصريين والعرب والأجانب ممن لهم آلاف المتابعين، والذين وثقوا مقتطفات من هذه الاحتفالية الرمضانية التى تجسّد روح المحبة والترابط الاجتماعى بين المصريين.

وكان فى انتظار الضيوف لافتات الترحيب بهم على جدران المنازل ومكتوب عليها "رمضان فى المطرية حاجة تانية"، و"أهلا بالزوار الكرام"، كما علقت صور لعدد من الراحلين الذين شاركوا فى موائد الأعوام الماضية.

حكاية قديمة

المائدة التى حرص الأهالى على إحيائها رغم الظروف الاقتصادية، بلغ طولها حوالى 1000 متر، موزعة على شارعين رئيسيين وشوارع فرعية، أصبحت واحدة من الطقوس الرمضانية الثابتة لأهالى حى المطرية ومستمرين فى إقامتها فى منتصف شهر رمضان سنويا، منذ أن بدأوا فى تنظيمها منذ 10 أعوام، وحالت جائحة كورونا دون إقامتها خلال عامى 2020 و2021.

ويقول محمد سلام، أحد سكان المنطقة المنظمين للمائدة: الحكاية بدأت عام 2013 بتجمع وإفطار لعائلة الصعايدة بالعزبة للإفطار معا فى منتصف رمضان، وفيما بعد وتدريجيا انضم إليهم أهالى العزبة إضافة إلى أناس من خارجها، حتى أصبح يوم 15 رمضان بمثابة عزومة لمصر كلها!

 

محبة وكرم

هونج جين ووك، سفير كوريا الجنوبية قال: إن ثقافة الحب والسعادة التى رأيتها فى المطرية وأماكن أخرى فى مصر لم أرَ مثلها من قبل، وهذه الثقافة مصدر حب وفخر  لمصر والمصريين، مشيدا بما رآه من حالة المحبة والكرم التى يمتاز بها المصريون.

أما إبراهيم بهزاد، المدوّن الإماراتى الشهير، فقال: فى المطرية وجدت أجواء جميلة لا تجدها إلا فى مصر بين أهلها الطيبين الكرام، لم تكن مجرد مائدة إفطار يجتمع حولها الجميع، بقدر ما كانت عاكسة لصورة مصر الجميلة، والفرحة تظهر على كل الموجودين بالمكان، والكل يتسابق على دعوة الصائمين للإفطار.. إنها أجواء مميزة للغاية عكست وجه شعب مصر الجميل، وأكدت الأمان الذى تنعم به أم الدنيا، لقد شهدت تعاون الرجال والنساء من سكان الحى فى تجهيز هذه المائدة من خلال تقاسم الأدوار للخروج بتلك الصورة المبهرة، إذ قامت نساء الحى بإعداد بعض المأكولات داخل منازلهن، فى حين قام الرجال بعملية تجهيز الموائد وإكرام الضيوف.

أما المدوّن محمد سرور النقبي، فقال: شعب مالوش كتالوج بيعرف يفرح وينبسط حتى فى أصعب الظروف وأقل الإمكانيات.. الصور مبهجة جداً وربنا يفرح كل الناس ودايماً متجمعين على الخير".

مناسبات جاذبة

مجدى صادق، عضو غرفة الشركات السياحية ووكالات السفر باتحاد الغرف السياحية، يقول: نحتاج دائمًا للطاقة الإيجابية، وهنا نحن لا نتحدث عن مجرد إفطار، بل عن تجمعات للناس بشكل ودى وإنسانى جميل فى مناطق شعبية مثل منطقة المطرية - وهى بالمناسبة واحدة من أقدم المناطق فى مصر، حيث كانت مقر "أون" العاصمة الإدارية القديمة فى شمال الوجه البحري، بجانب أن بها جزءا من مسار العائلة المقدسة وبها الشجرة التى استظلت بها السيدة مريم والسيد المسيح. أى أن لدينا كل المقومات لجذب السياحة من مختلف دول العالم إلى مصر، ويمكن وضع أجندة سياحية على مدى ٣٦٥ يوما إذا قمنا بتوظيف كل المناسبات لتحقيق هذا الغرض والترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعى والإعلام.

إن كل محافظات ومناطق مصر غنية بالكثير من هذه الفعاليات التى تجعلنا نقيم الكثير من المناسبات الجاذبة، التى إن منحناها القليل من الاهتمام والجدية فى الرعاية والتنفيذ ستغير وجه السياحة لدنيا وتفتح أبوابا جديدة للدخل القومي.

التوظيف المطلوب

المهندس وليد حجاج، خبير الإعلام الرقمى وتكنولوجيا المعلومات وعضو لجنة البنية المعلوماتية بالمجلس الأعلى للثقافة، يرى أن شبكات التواصل الاجتماعى لديها قوة كبيرة وقدرة على الحشد، إذا تم استخدامها بالشكل الملائم، وأنه يمكن استخدام السوشيال ميديا فى الترويج السياحي، والترويج للإنجازات، وخدمة السياحة بشكل عام، إذ إن تريندات مثل إفطار المطرية أو مائدة إفطار الجامع الأزهر وغيرها من المناسبات الشعبية، أعادت مشهد شبكات التواصل الاجتماعى مرة أخرى إلى الساحة، واستخدام هذه الوسيلة لدعم وخدمة السياحة فى مصر، وهناك حجم إقبال كبير وتاريخى من الأجانب والعرب والمصريين، لرؤية "الكنز" الذى لدينا ألا وهو "الحضارة المصرية" بكافة صورها، ويجب استغلاله لزيادة الدخل المصري، ومستخدمو شبكات التواصل الاجتماعى يبحثون عن الجديد والغريب وهو ما يتوفر عندنا فى مكونات موروثنا الشعبى وتستطيع أن تكتسب من خلالها قاعدة شعبية كبيرة يمكن تطويعها لخدمة السياحة وبالتالى كما قلت زيادة موارد الدخل القومي.

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ 12/4/2023

أقرأ أيضأ : قوافل «أسبوع الشفاء» تخفف آلام سكان «سيوة» و «الطور»