د. حسن أبوطالب يكتب: الصوت والضوء ... محلك سر!

د. حسن أبوطالب
د. حسن أبوطالب

عادة ما اعتذر - بلطف جم - عن قبول دعاوى الإفطار أو السحور خلال شهر رمضان، بيد أنني لم يكن بوسعي استخدام هذا الخيار عندما تلقيت الدعوة - تلك المرة - لحضور سحور رمضاني وذلك لسببين، الأول: هو أن الدعود من صديق عزيز من أبناء الجالية المصرية المؤثرين في فرنسا؛ الذي قرر أن يقطع آلاف الأميال قادمًا من باريس ليحظى بالاستمتاع بليالي رمضان الساحرة بين أهل المحروسة من الأصدقاء والأحباب، والثاني: هو المكان الذي اختاره لهذه الاحتفالية الرمضانية؛ حيث قرر إقامة مأدبة السحور على سفح الأهرامات، بعد الاستمتاع بعرض الصوت والضوء في تلك البقعة الساحرة.

وكنت قد قرأت - فيما سبق - تصريحًا للسيد رئيس مجلس إدارة شركة الصوت والضوء والتنمية السياحية – وهي إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام -  يشير فيه إلى أن نشاط الصوت والضوء، هو النشاط الأساسي للشركة ويرتبط بشكل وثيق بزيادة حركة السياحة، للمناطق الأثرية والثقافية، إلا أنني – وبعد حضور عرض الصوت والضوء الخميس الماضي - لم أجد في العرض ما يدعم قول الرجل...! فقد قرر معظم الحضور مغادرة العرض بعد منتصف الوقت تقريبًا على غرار ما كان يحدث في دور السينما حيال العروض الباهتة.

وبالرغم من مزاعم وجود خطط لتطوير عروض الصوت والضوء بمنطقة الأهرامات بالتعاون مع شركة استثمارية خاصة، فإن عروض الصوت والضوء بالأهرامات لا تزال تعاني من فقر الأداء وسوء الحالة؛ سواء حالة المقاعد أو ضعف الأدوات والإمكانيات المستخدمة في العرض التي لا تليق بمكانة مصر وحضارتها، ولا تواكب التطور العلمي والتقدم التكنولوجي. ورغم أهمية عروض الصوت والضوء، فهي لا تتناسب في وضعها الحالي مع الحضارة المصرية التي تمثلها. ومنذ إنشاء شركة الصوت والضوء عام 1960 وحتى الآن، لم يطرأ على عروض الصوت والضوء التطور الذي يعكس حداثة العصر الذي نعيش فيه وتطور أدواته التكنولوجية على مستوى الصوت والصورة وطرق العرض الحديثة.

تعد الأهرامات واحدة من أشهر المعالم السياحية في العالم، وهي تستقطب سنوياً ملايين الزوار من كل أقطار الدنيا، ويهدف المسئولون في وزارة السياحة إلى مضاعفة تلك الأعداد في المرحلة المقبلة لتتناسب مع مكانة تلك الآثار وروعة تفردها. ولعل أحد أهم ما يمكن أن نهمس به في آذان المسؤولين من أجل تحقيق طفرة في عدد السائحين عامة، وزوار الأهرامات على وجه الخصوص هو ضرورة تطوير عروض الصوت والضوء، وجعلها تتواكب والتطور التكنولوجي الحديث.

تُستخدم عروض الصوت والضوء في العديد من المعالم السياحية حول العالم، وتعتبر وسيلة مثالية لتعريف الزوار بتاريخ وثقافة المنطقة، وتوفير تجربة فريدة للسياح. ومن أجل تحقيق هذا الهدف في منطقة الأهرامات، يتعين على المسئولين المعنيين في وزارة السياحة ووزارة قطاع الأعمال العام ضرورة الإسراع باستخدام التقنيات الحديثة في عروض الصوت والضوء، ومن بينها استخدام الإضاءة الذكية والمؤثرات الصوتية المتطورة، وذلك لتعزيز تجربة الزائرين؛ لا سيما استخدام التقنيات الحديثة لإنشاء جدران ضوئية افتراضية متحركة تغطي جوانب الأهرامات الضخمة لعرض مشاهد مثيرة ورائعة.

وفي هذا الصدد، نتطلع إلى أن نرى استخدام تقنيات الواقع المعزز، والواقع الافتراضي لتحديث العروض وجعلها أكثر تفاعلية. كما يمكن أيضاً تصميم مشاهد ثلاثية الأبعاد وتضمينها في العروض، بما يساعد على تعزيز تجربة الحضور وجعلها أكثر واقعية إضافة إلى توفير تجربة تفاعلية للزوار، تمكنهم من المشاركة في العروض والتفاعل معها.

بعد أن أبهر أجدادنا العالم بأسره من خلال دقة بناء الأهرامات إلى الحد الذي لا يزال معه الخبراء الأجانب يعملون ليل نهار لاكتشاف اسرارها، فهل يقف الأبناء - بل والأحفاد أيضًا - عاجزين عن تطوير المنطقة، وتقديم عروض صوت وضوء حديثة تليق بعظمة ما قدمه الأجداد؟! لا سيما في ظل تطور الأدوات التقنية والفنية التي تكفل إبهار الزائرين إذا ما أحسن استخدامها وأسند الأمر للأكفاء المختصين.