يجب التحلى بخلق الأنبياء فى البذل والعطاء خاصة فى شهر الجود..

د.عبد الفتاح العوارى: الصيام من مظاهر اجتماع الأمة ووحدتها

د.عبد الفتاح العوارى
د.عبد الفتاح العوارى

أيام قليلة ويرحل عنا شهر البركات والخير وشهر القرآن.. عن أهمية استثمار أوقات رمضان فى أفعال الخير ومدارسة القرآن والبذل للمحتاجين يتحدث «الدكتور عبد الفتاح العوارى عضو مجمع البحوث الإسلامية».

يقول د. عبد الفتاح العوارى: إن رمضان شهر الخير وسيد الصائمين كان فى هذا الشهر الفضيل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون حين يأتيه جبريل فيدارسه القرآن، وهذا أمر تتعلم الأمة منه بابًا فى الجود والكرم والسخاء والعطاء، وهى أخلاق إسلامية وخصال نبوية اتصف بها سيد الأنبياء وخاتم المرسلين سيدنا محمد .

 ويضيف أنَّ الأمة التى تتأسى بنبيها وتقتضى به حريُّ بها أن تضرب المثل الأعلى فى جانب الجود والكرم، وبخاصة وهى تعيش شهر الجود والكرم، والله تبارك وتعالى جواد كريم، فلتتخلق الأمة بأخلاق ربها، فالسخى قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة، فإذا أردت أن تدخل من باب الريان الذى يدخل منه الصائمون يوم القيامة ثم يغلق دونهم فلا يدخل منه أحد - فتخلق بأخلاق الجود والسخاء والكرم.

اقرأ ايضاً| الجامع الأزهر يقيم العشاء والتراويح بسورتي الزمر وغافر وعدد من روايات القرآن

ويوضح أنَّ القرآن الكريم حافل بآيات تحث أمة الإسلام على التخلق بهذا الخلق الرفيع، وما أحوجنا أن يتحقق هذا الخلق بيننا فى مجتمعنا وبين أفراد أمتنا، والنبى  يبين لنا فى حديث صحيح جزاء الكرماء الأسخياء، الباذلين للمعروف، المطعمين الطعام، المواسين للمساكين، المكرمين للضيوف، فيقول : «إنَّ فى الجنَّةِ غُرفًا تُرَى ظُهورُها من بطونِها وبطونُها من ظُهورِها، قيل لمن هيَ يا رسولَ اللَّهِ فقالَ لمن أطابَ الكلامَ وأطعمَ الطَّعامَ وأدامَ الصِّيامَ وصلَّى باللَّيلِ والنَّاسُ نيام».

سُنة الأنبياء فى إكرام الضيوف

 ويضيف أن الحديث النبوى به عقد منظوم من صفات وخلال لا بد وأن تتحقق فى المسلم، وجُلها نحن نعيش زمنه، ونحن نرى اليوم الجامع الأزهر بقيادة ورعاية الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يطعم الطعام، والأزهر بذلك يحيى سُنة الأنبياء فى إكرام الضيوف.

وعلى رأسهم يحيى سنَّة نبينا محمد  الذى ضرب المثل فى الجود والكرم والسخاء وكان أول إعلان له حين وصل مدينته أنه نادى فى الناس: «أيُّها الناسُ أفْشوا السَّلامَ، وأَطعِموا الطَّعامَ، وصَلوا باللَّيلِ والناسُ نيامٌ، تَدْخُلوا الجَنَّةَ بسَلامٍ»، داعيًا أمة الصيام إلى التحلى بأخلاق الجود والكرم وإكرام الصائمين واليتامى والمساكين والأرامل والضيوف، فرمضان شهر الخير والجود.

تطهير النفوس

ويؤكد أن صيام رمضان فرصة لتطهير النفوس من قيد المطامع الشخصية، وتحررها من أَسْر الأغراض المادية، والترقِّى بها فى طموحات أرحب وأعلى؛ فالنفوس فى رمضان تترفع عن الشهوات وعن الملذات وعن كل غرض دنيوى، وهذه من أفضل ثمرات التقوى.

ويضيف أن الأيام تمرّ وما أسرعها وها هو أكثر الشهر يمضى سريعًا حاملًا بين طيَّاته ما قدَّمه أهل الصلاح والتقوى، وأهل التقصير والكسل، وهذه عبرة للمعتبرين، وتنبيه للغافلين، للعودة إلى ربِّ العالمين، والعمل على إصلاح النفوس، وتنقية السرائر والضمائر، وتغير الأحوال من السيئ إلى الأحسن.

الصبر والتحمل

ويبين الدكتور العوارى أن الصيام يعوّد المسلم على الصبر والتحمل؛ لأنه يحمله على ترك محبوباته وشهواته وملذاته، ولهذا كان الصوم من أقوى العوامل على تحصيل أنواع الصبر الثلاثة: صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله، ومتى اجتمعت أدخلت العبد الجنة بإذن الله؛ قال - تعالى -: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» «الزمر:10».

 ويؤكد أن الصيام يساعد المسلم على التغلُّب على نفسه الأمَّارة بالسوء؛ فهى دائمًا تدعوه لانتهاك المحرَّمات، والإقبال على الشهوات، لكن الصوم يفوت عليها الفرصة؛ إذ يكسر حدة الشهوة، كما أنه يضعف مجارى الشيطان، وبالتالى يضعف تسلطه على المسلم، فضلا على أنه يُعرف العبد نعم ربِّه عليه؛ بالإضافة إلى أنه مظهر من مظاهر اجتماع الأمة ووحدتها.

 

تشريعات الإسلام

ومن ناحية أخرى يوضح العوارى أن تشريعات الإسلام تتسم بالشمولية والعموم دون تخصيص فهو دين لسائر الناس لقوله تعالى: «وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا»، فالإسلام جاء لكافة الناس وأمة محمد هى أمة الإجابة، فعلى كل فرد من هذه الأمة أن يكون قدوة فى كافة تعاملاته، لأنه مطلب شرعى وفريضة دينية، فبالحوار يحل البناء حتى وإن لم تصل مع غيرك إلى اتفاق فالاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية.

المسلم عادلًا متوازنًا

ويؤكد أنه حتى يكون المسلم عادلًا متوازنًا متعايشًا مع مخالفيه فى الدين لابد من مراعاة مقومات التعايش الشرعية التى تؤدى إلى صلاح شأن الدنيا لأن صلاح شأن جميع الناس فى العيش هو حق للجميع دون اختلاف وعندما تتجاهل هذه المقومات يولد التنافر والتباغض، مشددًا على أن الإسلام لم يقم أبدا على اضطهاد مخالفيه أو مصادرة حقوقهم وتحويلهم بالإكراه عن عقائدهم وتاريخ الإسلام فى هذا المجال أنصع تاريخ على وجه الأرض فالقاعدة العظمى فى الإسلام هى: «لا إكراه فى الدين».