دماء على باب المسجد.. عاتبهم على التحرش بخطيبته فقتلوه

الضحية
الضحية

آمال فؤاد 

  هي واحدة من أسوأ جرائم العصر الحديث هذه الأيام، لا يخلو مجتمع منها؛ وهي جريمة التحرش رغم أن المشرع المصري تصدى لها بحزم بتشديد العقوبة؛ حيث تصل عقوبة السجن فيها إلى المشدد خمس سنوات؛ ولكن في الجريمة التي بين ايدينا لم يكتفِ المتحرش بمعاكسة الفتاة فقط وإنما ورغم صغر سنه ارتكب جريمة قتل؛ حين قتل خطيب الفتاة لأنه دافع عن فتاته.

لجريمة شهدت أحداثها منطقة النهضة بالسلام، جريمة تدل على انعدام الرحمة في قلب الجاني والانحدار الأخلاقي الذي وصل اليه، والعبث الذي يطغى على عقله اضف اليها»بجاحة» منقطعة النظير، «الضحية» في هذه الواقعة شاب في عمر الزهور عرف الشقاء منذ صغر سنه ولكن في لحظة لقي مصرعه على يد شخص ملأ الحقد والغل صدره وأقدم برفقة من أصدقائه سيطرت عليهم النفس الأمارة بالسوء فكرة الانتقام وطعن المجني عليه؛ السؤال هنا ماهي  طبيعة العلاقة بين الجاني والمجني عليه حتى يقدم على قتله؟!، وكيف استدرجه من أمام باب المسجد بعد أن صلى المغرب وتكالبوا عليه وهددوه بكلب في ايديهم لو حاول الهروب؟ كواليس ومفاجآت ترويها السطور التالية.

بداية الحكاية، عندما تلقى قسم شرطة السلام بلاغا من مستشفى السلام العام يفيد بوصول جثة لشاب غارقا في دمائه، يحمله شخصان يبدو على ملامحهما الخوف والارتباك والذعر، على الفور انتقل فريق البحث والقوة المرافقة الى المستشفى؛ تبين صحة البلاغ.

وكشفت المعاينة أن الجثة لشاب صغير يرتدي كافة ملابسه، مصاب بطعنات في أجزاء متفرقة بجسده، أسفل الذقن والجانب الأيمن والصدر، وفور إجراء معاينة النيابة قررت نقل الجثة إلى المشرحة، لمعرفة سبب الوفاة وعقب ذلك التصريح بدفن جثة المجني عليه، وأثناء مناقشة الشرطة للشابين اللذين أحضراه الى المستشفى؛ أكدا أنهما عثرا عليه خلف المسجد بالمنطقة المقيمين بها غارقا في دمائه، وانهما لا يعرفانه فقط حاولا إنقاذه بنقله الى المستشفى، بعد أن  استمع فريق البحث لأقوالهما تم التحفظ عليهما، وانتقل فريق البحث الى مسرح الجريمة.

وتبين من خلال المعاينة أن الجثة لشاب يدعى «أحمد،و» 18 سنة، وبمجرد أن علم أهالي المنطقة بالحادث أصيبوا بصدمة؛ وكشفت أسرته التي أصيبت بحالة من الحزن والصراخ على ابنهم لرجال المباحث؛انه شاب ملتزم لا يستحق ما حدث له على يد  مجموعة من الشباب الذين حاولوا معاكسة خطيبته والتحرش بها في وقت سابق على وقوع الجريمة، حيث استدرجه الجاني وشركاؤه وعزموا على قتله، وهنا بدأ فريق البحث مهامه وربط خيوط الواقعة بعضها ببعض، تم التحفظ على الكاميرات المحيطة بمسرح  الجريمة وعقب تفريغ الكاميرات تبين؛ أن الجناه كانوا يجلسون جميعهم على مقهى بجوار المسجد يوم الحادث، وكشفت التحريات عن العلاقة الحقيقية بين الجاني والمجني عليه،فـ الجاني من سكان المنطقة وأثناء الواقعة كان  بصحبته ثلاثة أشخاص آخرين، وأيضا المجني عليه من نفس المنطقة ولكن لا تربطهم أي علاقة صداقة.

 تمكن رجال الشرطة من خلال وضع الاكمنة المحكمة من ضبط الجناه الهاربين، وتحرر محضر بالواقعة وإحالتهم  للنيابة لتتولى التحقيقات، ولكن ماالذي كشفت عنه أيضا التحريات؟!

قبل الحادث


كان «المجني عليه»على موعد مع خطيبته، اتفق معها على أن يلتقيان سويا لمناقشة حياتهما المستقبلية بعد انتهاء درسها الخصوصي، وتم اللقاء بينهما بالفعل، جلسا لبعض الوقت، ثم  ذهب معها الى المنزل حرصًا منه على أن يطمئن عليها، وأثناء سيرهما في الشارع فوجئ بسائق توك توك يدعى أحمد،ش»17 سنة»يتحرش لفظيا بخطيبته،لم يهتم الشاب المستهتر أو يراعي أن شخصًا يسير بجوارها وتمادى بالقول بالألفاظ، مما أثار غضب وغيظ  «المجني عليه» لكنه كتم غيظه لأن خطيبته كانت معه ولا يريد أن يسبب لها أو يعرضها لأي أذى، وتوجه بخطيبته الى منزلها،محذرًا إياه أن يتمادى في هذا السلوك السيئ، لكن الجاني رفض كلامه واحتد الحوار بينهما وتطاول بعدها الجاني على المجني عليه شاهرًا سلاحه الأبيض «مطواه»في وجه المجني عليه، وتطورت المشادة الى حد الاشتباك بالأيدي بعدها اعتدى الجاني بالمطواة وأصاب المجني عليه بجرح في ذراعه، لم يجد المجني عليه للدفاع عن نفسه سوى إلقاء «الطوب» على الجاني فأصابه في رأسه، وعقب ذلك تدخل أهالي المنطقة وفضوا الشجار ولم يتركوهما الا بعد أن تصالحا وانتهى الخلاف ظنًا من المجني عليه، لكن الجاني كان يضمر الانتقام، خطط ونفذ ما انتوى عليه.

يوم الواقعة

                         المتهم

وتوالت الاحداث، انتظر الجاني المجني عليه أمام المسجد، وبعد أن ادى صلاة المغرب طلب منه التحدث في امر ما ربما تكون مصلحة يتكسبان منها مالا – هكذا زعم له الجاني – المثير أن رفاق المجني عليه طلبوا منه أن يرافقوه، لكنه رفض وقال أنه لاتوجد أي مشكلات ورفض ذهابهم معه، استدرجه الجاني بعد انصرف الجميع خلف المسجد،كان في انتظاره ثلاثة اشخاص أصدقاء الجاني «وكلب حراسة بصحبتهم» هددوه به لو فكر في الهروب وعليه أن يستسلم لمصيره في صمت، قال له الجاني:»انت علمت عليا في منطقتي وأنا هقتلك»، هنا ادرك المجني عليه أن الجاني نصب له كمينًا، اشهر سلاحه في وجهه وطعنه في وجهه، فتوسل اليه المجني عليه ان يتركه وأوضح له أنه لا يوجد سبب يجعله يقدم على قتله ولكن الجاني قرر الانتقام ولم يصغ الى كلامه، وتوالت الطعنات سقط بعدها احمد علي الأرض غارقا في دمائه، وفر الجاني ومعه احد اصدقائه هاربين، هنا شعر اثنان من رفاق الجاني بالخوف وحتى لا يتورطان في الجريمة حملاه إلى المستشفى، وأخبرا الشرطة انهما وجداه خلف المسجد غارقا في دمائه.

ولكن شهدت إحدى السيدات من جيران المجني عليه؛ أنها شاهدت من شباك منزلها أن الشخصين اللذان قاما بنقله الى المستشفى  كانا يجلسان على المقهى مع الجاني يوم الحادث.

أصل المشكلة

                   شقيقة المجني عليه

تحكيها «حبيبة» شقيقة المجني عليه التي حضرت الى «أخبار الحوادث» تتشح بالسواد، بداخلها حزن وغضب دفين، تكتم صرخاتها بدأت حديثها قائلة: إن شقيقها المجني عليه كان موعد زفافه على خطيبته اول يوم عيد الفطر، ويوم الواقعة ارتدى شقيقها ملابسه واخبرهم انه سوف يصلي المغرب في المسجد ثم يذهب بعد ذلك الى بيت خطيبته حيث أنه مدعو للإفطار معهم، ويقضي معهم بعض الوقت ثم يعود وعقب خروجه شعرت الأم بالقلق وظلت تدعو له وكأن قلبها يحدثها بخطر ما، وقالت شقيقته والوجع يتملكها؛إن شقيقها ارتدى عباءة المسئولية منذ نعومة أظافره فعرف الشقاء واعتاد أن يساعد أسرته البسيطة المكونة من ثلاثة أشقاء ووالديه، فهو عائلهم الوحيد، يعمل في مجال النقاشة، يعيش مع أسرته الصغيرة داخل منزل بسيط، حيث أنه لم يكن مثل أقرانه الذين يحبون اللهو والتنزه، أحمد حاصل على دبلوم صنايع يعمل نقاشًا ويسعى وراء لقمة العيش لكي يتزوج ويجمع شمله بمن اختارها قلبه، تقدم لخطبتها، قبل عام فهي لم تكن غريبة عنه، جارته طالبة بالثانوية العامة، أعجب بها وبدأت قصة حب بينهما، تكللت بالخطبة.

وذكرت شقيقة المجني عليه؛ أن  أحد أصدقائه اتصل بهم وأخبرهم أن اثنين من أصدقاء الجاني حملا شقيقها غارقا في دمائه من خلف أحد المساجد بالمنطقة المقيمين بها وذهبا به الى المستشفى بعد أن تملكهما الرعب عندما طعنه صديقهما الجاني وخشيا أن يتورطا في الجريمة فحملاه الى المستشفى وزعما لرجال الشرطه انهما وجداه غارقا في دمائه خلف المسجد وتم التحفظ عليهما داخل قسم الشرطة.

النيابة

وجهت النيابة  للجناه تهمة القتل العمد، كما استمعت الى شهود عيان الواقعة الذين اجمعوا على حسن سمعة المجني عليه وأكدوا أن مشادة دارت بين المجني عليه والجاني هدده الجاني بالقتل قبل الحادث بخمسة أيام.

في  بداية الامر انكر  المتهمون صلتهم بالواقعة وعقب تضييق الخناق عليهم اعترف باقي المتهمين علي «الجاني» بتفاصيل الواقعة وانهم كانوا برفقته الجاني وامرت النيابة بحبس  المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيقات.

وأوضح عمرو عبد السلام المحامي بالنقض:العقوبة المتوقع تطبيقها على المتهم بقتل شاب بسبب معاكسة خطيبته ومن معه ولأن اعمارهم لم تتجاوز 18 سنة هي السجن الذي ألا يقل عن 10 سنوات ولا يزيد عن 15 سنة، حيث نص المادة 112 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 على أنه لا يجوز الحكم بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة على المتهم الحدث الذي لم يتجاوز الـ 18عاما.

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ 13/4/2023

اقرأ أيضا : 30 مايو الحكم في دعوى باحثة اتهمت «أستاذ جامعي» بالتحرش