قصة آية

د.حشمت المفتى، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين والدعوة بأسيوط
د.حشمت المفتى، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين والدعوة بأسيوط

فى هذا الباب، والذى يحمل عنوان «قصة آية»، نقدم لك عزيزى القارىء فى كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك شرحاً بسيطاً لآية أو أكثر من آيات كتاب الله، كان لها قصة وسبب.

قصة آية اليوم يقدمها الدكتور عصام الروبى أستاذ التفسير بالأزهر الشريف، وهى عن قوله تعالى: «وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» 22 النور.


جاء فى سبب نزول هذه الآية الكريمة أنها نزلت فى أَبِى بَكْر الصديق، وَمِسْطَح بْن أُثَاثَة رضى الله عنهما، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قريباً لأبى بكر، وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ الْمَسَاكِين الذين شهدوا غزوة بدر، وَكَانَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يُنْفِق عَلَيْهِ لِمَسْكَنَتِهِ، وَقَرَابَته، فَلَمَّا وَقَعَ أَمْرُ الإِفْك، وَقَالَ فِيهِ مِسْطَح مَا قَالَ، حَلَفَ أَبُو بَكْر ألاَّ يُنْفِق عَلَيْهِ، وَلا يَنْفَعهُ بِنَافِعَةٍ أَبَدًا، فَجَاءَ مِسْطَح فَاعْتَذَرَ.


ورُوِيَ فِى الصَّحِيح أَنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا أَنْزَلَ:«إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بالإفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ»، قَالَ أَبُو بَكْر: «وَاَللَّه لا أُنْفِق عَلَيْهِ شَيْئًاً أَبَدًا»، يعنى مِسْطحاً، «بَعْد الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ»، أم المؤمنين رضى الله عنها، فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى: «وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْل مِنْكُمْ وَالسَّعَة» إِلَى قَوْله: «أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِر اللَّه لَكُمْ»، فَقَالَ أَبُو بَكْر: «وَاَللَّه إِنِّى لأُحبُّ أَنْ يَغْفِر اللَّه لِي»، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَح النَّفَقَة الَّتِى كَانَ يُنْفِق عَلَيْهِ، وَقَالَ: «لا أَنْزِعهَا مِنْهُ أَبَدًا».. وهذه الآية عامّة لكل الأمة إلى قيام الساعة، ويستفاد منها أن نواصل العطاء وتقديم الخير للغير حتى وإن كان على خلاف معنا  مادام مستحقاً لهذا العطاء .. فتنحية الخلافات والنظر للأمر على أنه طاعة وعبادة خالصة لوجهه الكريم يزكى النفس ويرفعها عن النظرة الدونية للإنسان، ويرتقى بها فى مسالك الخير.. وهذه الآية يخاطب بها كل من منع خيرًا كان يؤديه لأجل اختلاف مع من يعطيه، وليسلك  المؤمن مسلك أبى بكر الصديق ليغفر الله له، غفر الله لنا أجمعين.