أمنية

رمضان كريم

محمد سعد
محمد سعد

والله لسه بدرى يا رمضان.. لازلنا فى أجواء أيام الرحمات والمغفرة والعتق من النار.. تحمل الأيام المباركات بين نسماتها عبير الإيمان، يبوح الشهر الفضيل بفضلٍ من الله ووعدٍ بالغفران فى شهر المغفرة، نسائم طيبة تُوقظ القلوب لتتعلَّق بالسماء آناء الليل وأطراف النهار، تُرفع الأكف بالضَراعة تبتهل إلى الله بأفضل الدعاء، شهرٌ تغتسل فيه الأجساد بكثرة العبادة والذكر وتلاوة القرآن، تعبُّدًا للواحد القهار، تتطهر من دنس الذنوب، حتى تعود كصفحةٍ بيضاءٍ نتلمس على إثرها خطوات الهدى لنهتدى سواء السبيل فلا نضل بلوغ الطريق.

أيام وليالى رمضان اختصها الله وجعلها خير أيامه، جعل فيها البركة والخير الوفير، والرحمة وانشراح الصدور، فيها النور وجلاء الهموم، والدعاء المقبول المُستجاب بإذن الله رب الأرباب، تتوحَّد فيها القلوب وتتآلف المشاعر، وتتوجَّه الأبصار إلى السماوات العلا تُناجى ربها، وتُرفع الأيادى طالبةً من كل سُبل الخير العفو والمغفرة، فيكتب الرحمن فى لوحه المحفوظ لعباده الصائمين الصفح عن كل ذنبٍ اقترفوه ولو كان عظيمًا.

يفتح الله للإنسان فى رمضان أبواب الرزق وهو خيرُ الرازقين، وأبواب الرجاء لعبده لعلَّه يلج منها فيغفر له وهو الغفور الرحيم، ونوافذه التى اختصها للصالحين فيرى بنور الله فيهتدى سواء السبيل، فلقد خلق الله الإنسان ويعلم ما تُوسْوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد «يعلم خائنة الأعين وما تُخفى الصدور»، نعم يعلم ما تُحدِّث به نفسه، فيرتكب المعصية وهو مُتيقنٌ أنه سوف يمنحه المغفرة بغير حسابٍ، فسبحان الذى جعل للإنسان أيامًا يتطهر فيها من دنس الذنوب، وسبحان الذى يغفر الذنوب جميعًا وإن كانت مثل زبد البحر، وسبحان الذى يفيض بمخلوقه حُبًا فجعل له أبوابًا للتوبة حتى تموت الحياة، وسبحان الذى خلق الإنسان وأعطاه رزقًا وأخبره مُسبقًا به «وفى السماء رزقكم وما تُوعدون».

هذا هو رمضان، بين أيامه ولياليه تسكن أعظم قيم الوجود، تهدأ الأرواح وتخلد إلى عظمة الشهر الكريم، فتفيض خيرًا على الوجود وتجود، فلا يبقى فى الأرض ولا السماء غير خيرٍ فياضٍ ينساب على شط الحياة، أيامه مباركات تتطلع فيها القلوب لرب السماوات التى رُفعت بقدرته بغير عَمدٍ، تبتهل الألسنة غفرانًا، ترتوى الروح فيها بتلاوة القرآن، وتصفى النفوس وتبتهج بفرحة الشهر الكريم.

كل عام وأنتم إلى الله أقرب بالدعاء والقبول، كل عام وأنتم أهل مغفرة من الذنوب، وأهل سعادة تسكن القلوب، كل عام وأنتم فى رحاب الملك يظلكم بعفوه وغفرانه ويُطهركم من الذنوب والخطايا وفى معية الرحمن برحمته، فلا رحمة فى الدنيا والآخرة إلا رحمته، فبها نحيا وعليها نموت، كل عام وأنتم أهل رضا من الله، يُرضيكم بجبر الخواطر وما أعظم رضاه لمن يرضى، فالحمد لله حين تُصبحون وحين تُمسون، وكل عام وأنتم أهل الدعاء المُستجاب، ومَنْ غير رب السماء بقدرته يفتح أبواب السماء الوارفة الظلال، وكل عام وأنتم بعيون تتعلق بالسماء فترى نور رب السماء فى شهر تُفتح فيه أبواب الجنان وتُغلق فيه أبواب النار، وكل عام وأنتم أهل وفاءٍ وأملٍ ورجاءٍ، وكل عام وأنتم طيبون، ومبارك عليك الصيام أهل الصيام.