مخاوف من زلزال مدمر والهزات الأرضية مستمرة

مخاوف من زلزال مدمر
مخاوف من زلزال مدمر

حالة من القلق والترقب، يعيشها المصريون بعد حدوث زلزال تركيا وسوريا، والذى راح ضحيته آلاف الأرواح على إثره، وهو ما جعل هناك فئة من الباحثين عن الشهرة أن يعتلوا صفحات السوشيال ميديا ويطلقون على أنفسهم خبراء زلازل مثل العالم الهولندى الذى أطل علينا بتنبؤات ليس لها أساس من الصحة نشرت تخوفات بين المواطنين، «الأخبار» أخذت على عاتقها نشر الوعى الصحيح والتحدث مع الخبراء الجيولوجيين والميتافيزيقيين.

الخبراء: اطمئنوا.. مصر خارج نطاق الأحزمة الزلزالية وتنبؤات «العالم الهولندى» ليست دقيقة

من جانبه أوضح د.زكريا هميمى، رئيس اللجنة الوطنية للعلوم الجيولوجية بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، أن الزلالزل لم تتغير كثافتها فهى كما هى منذ 4.6 مليار سنة، فهى تنحصر فى نطاقات معروفة تسمى الأحزمة الزلزالية، وعبر العالم توجد فى نطاقات فى منتصفات بعض البحار والمحيطات، مثل المحيط الأطلنطى وموجودة أيضًا على حواف بعض المحيطات وأشهرها المحيط الهادى.

الزلالزل ترتبط بشقوق أو صدوع فى صخور قشرة الأرض أو الغلاف الصخرى للأرض تحدث عليها انزلاقات لأعلى وأسفل وربما تكون انزلاقات جانبية، وهناك أيضاً صدوع تتكون بسبب الانزلاقات الأفقية، وإذا نظرنا إلى الزلزال الأخير الذى وقع يوم 6 فبراير 2023 والذى توفى على إثره 50 ألف شخص وتأثرت به تركيا وسوريا وهو حدث فى مكان معروف، حيث إن الهزة الرئيسية تمت على كسر يسمى صدع شرق الأناضول، فكانت الهزة الأولى 7٫8 على مقياس ريختر، ثم وقعت هزة أخرى على كسر أو صدع آخر يسمى صدع شمال الأناضول، والصدعان مرتبطان ببعضهما البعض، لأنها تكونا بسبب انزلاق الكتلة الصخرية الموجود فوقها تركيا والتى يسميها العلماء «لويحة الأناضول»، هذه الكتلة توجد فيما بين شبه الجزيرة العربية وكتل أخرى موجودة فى الشمال هى اللويحة الأوروبية الآسيوية.

وأضاف أن العلماء لاحظوا أن كتلة شبه الجزيرة العربية تتحرك بالكامل فى اتجاه الشمال والشمال الشرقى وبالتالى يترتب على هذه الأمر ضغط وغوص على كتلة شمال الأناضول فتتأثر بهذه الضغوط وتبدأ فى الحركة تجاه الغرب، وينتج عن هذه الحركة حدوق انزلاقات على صدع شرق الأناضول وعلى صدع شمال الأنضول، وهى تحركات أفقية فى قشرة الأرض.

وأوضح أن هناك حزامًَا زلزاليًا آخر يمر من تركيا إلى مجموعة صدوع البحر الميت ويتجه جنوبا إلى خليج العقبة، ثم يكمل مساره عبر منتصف البحر الأحمر إلى أن يصل منطقة باب المندب ليتفرع إلى فرعين أحدهما يمر بخليج عدن والفرع الآخر يمر بما يعرف باسم الأخدود الأفريقى العظيم ويتحرك فى اتجاه الجنوب الغربى ليتفرع إلى فرعين توجد فيما بينهما بحيرة فيكتوريا، فإذا نظرنا الى هذا الحزام الذى يسمى بالحزام «الأفريقى العربى» فهو من الأحزمة الزلزالية النشطة، ولكن بالرغم من وجود النشاط إلا أن قوة الزلازل التى تحدث عليه فقوتها إما متوسطة أو ضعيفة، بالإضافة الى وجود أنواع من الصخور موجودة على جانبى البحر الأحمر تسمى «المتبخرات» وهى تعمل على تخفيف أو اضمحلال الموجات الزلزالية وهى ما يجعل تأثير الزلالزل فى هذه المنطقة شبه منعدم كما أنه تأثيره أيضًا ليس خطيرًا على شبه الجزيرة العربية أو علة دولة اليمن، وإذا نظرنا إلى الأماكن المتوقع حدوث زلالزل بها فهو قد يكون خليج العقبة وسوف يكون تأثيرها بسيطًا إن لم يكن منعدمًا.

تحرر للطاقة

وأشار إلى أن الزلازل تحدث بسبب إجهادات تختزن فى كسور قشرة الأرض فتحدث عملية الانزلاقات التى تصطحب تحررًا للطاقة وتؤدى الى حدوث الزلالزل، بالاضافة الى أن من يزعمون أنهم علماء ويقومون بالتنبؤ بمواعيد الزلازل فهم ليسوا بعلماء بأى حال من الأحوال، لأن كل ما يقولونه ليس مبنيًا على أسس علمية، وكل ما يقال حالياً ما هو إلا نوع من البحث عن التريند أو تحقيق شهرة إعلامية واسعة.

وبنهاية حديثه نصح المهتمين بالسوشيال ميديا بأن بيتعدوا عن ترديد الأكاذيب والاستماع للمتخصصين فقط لأن انتشار الأخبار أو الأقاويل قد ينشر الرعب والذعر بين المواطنين، وأن الجهة الوحيدة المتخصصة فى ذلك الشأن هو المعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، فهو أقدم معهد يحتوى على مرصد حلوان وأجهزة رصد عالية الجودة، ترصد كافة الهزات التى تحدث نتيجة هزات أرضية طبيعية أو التى تحدث كانت نتيجة تفجيرات مصاحبة لاستخراج خامات من المناجم او المحاجر أو غيرها.

نشر الوعى

وفى نفس السياق أوضح د. عباس شراقى أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، أن حدوث الزلازل والبراكين أمر طبيعى وأحدث تغييرات كثيرة على تخطيط الدول سواء كانت تباعدًا أو تقاربًا فقد كانت مصر والسعودية أرضًا واحدة، كما أن الزلازل دفعت بتركيا 8 أمتار ناحية البحر المتوسط أى أن البحر المتوسط قلت مساحته ناحية تركيا حوالى 8 أمتار.

وأشار الى ان متوسط حدوث الزلازل فى السنة قد يصل الى 500 زلزال والدول الأكثر تأثرًا بهذه الزلازل هى الإمارات، اليابان، إندونيسيا، كوريا، تركيا ولكن مصر تقع على الحواف الآمنة وهى بمأمن الى حد كبير من حدوث تغييرات جذرية نتيجة الزلازل أو البراكين.

وفى نهاية حديثه اكد على اهمية نشر الوعى الصحى والبيئى والثقافى تجاه مثل هذه الحوادث الكونية الخطيرة من اجل تقليل الخسائر الى أكبر قدر ممكن، وذلك عن طريق وسائل الاعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعى والفيس بوك بالاضافة الى عمل حملات وتوعوية للطلبة فى المدارس والمرضى بالمستشفيات والعاملين بمختلف اجهزة الدولة والمؤسسات والشركات على كيفية التصرف اثناء حدوث زلزال وكيفية التوجه الى الاماكن الآمنة او حماية انفسهم وذويهم فى البيوت من خطر الزلزال او سقوط العقارات.

وفى نفس السياق اكد د.جاد القاضى رئيس المركز القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، أن مصر ليست فى منطقة حزام الزلازل ولم تكن داخل حزام الزلازل خلال الفترة التى نعيشها، ومناطق حزام الزلازل تتغير خلال مئات أو آلاف السنين، لكن هناك أماكن فى مصر يكثر بها النشاط الزلزالى وغالبية الزلازل تكون غير محسوسة وفى بعض الأحيان يشعر بها المواطنون، كما هو الحال فى منطقة شمال البحر الأحمر وخليجى السويس والعقبة ومنطقة شرق البحر المتوسط، بالإضافة إلى بعض المناطق داخل القطر المصرى، مثل المنطقة التى كانت مركزًا لزلزال ١٩٩٢م.

واوضح ان الزلزال الذى وقع فى تركيا وسوريا هو زلزال فى نطاقه الطبيعى، حيث إن تلك المنطقة بها تقاطع لعدد من الصدوع ويحدث بشكل متكرر العديد من الزلازل الصغيرة غير المحسوسة، بينما تحدث الزلازل ذات المقياس الكبير على فترات متباعدة تصل إلى ٢٥: ٣٠ عامًا، لكن المختلف هذه المرة هو أن المواطنين فى منطقتنا العربية أصبحوا متأهبين لأخبار الكوارث الطبيعية بعد أن رأوا المقاطع التى وثقت الزلزال والآثار التدميرية التى خلفها، لكن جموع المتخصصين أجمعوا على أن كل ما يحدث طبيعى ومعتاد.

واشار الى ان الحركات الجيولوجية تحت سطح الأرض فى القشرة الأرضية تنشط فى مواقع الصدوع، خاصة الصدوع الكبيرة منها، وهى ما تسبب تحركات القشرة الأرضية وزحزحة القارات التى بدأت منذ بدء الكون حتى وصلت القشرة الأرضية إلى شكلها الحالى من القارات والمحيطات، موضحا ان الزلازل تنقسم إلى أنواع، منها زلازل طبيعية وأخرى صناعية وأخرى مستحدثة، وزلزال تركيا الأخير يندرج تحت تصنيف الزلازل الطبيعية، أمّا الزلازل الصناعية فتحدث نتيجة تفجيرات كالتى تتم فى المحاجر وعند شق طرق جديدة أو أنفاق جديدة، فتلك التفجيرات تولِّد موجات مثل موجات الزلازل لكن تختلف معها فى القوة والشدة ولا تتجاوز شدتها ٢.٥ ريختر أما الزلازل المستحدثة فتحدث نتيجة السدود والبحيرات الصناعية وهى منتشرة على مستوى العالم فى البحيرات الصناعية وخلف السدود ، ويتم رصد مثل تلك الزلازل فى بحيرة ناصر خلف السد العالى وأيضًا لا تتجاوز شدتها ٣ ريختر، وما يثار فى وسائل التواصل الاجتماعى حول أن السبب الرئيسى وراء الزلزال الأخير، هو نتاج تجربة نووية، فهو عارٍ تمامًا عن الصحة، وذلك لأن هناك اتفاقية تحظر إجراء تجارب نووية التى ينتج عنها زلازل، كما أن الزلازل الناتجة عن التجارب النووية أيضًا لا تتجاوز شدتها ٣.٥ ريختر، وليس لها توابع، وهو ما يختلف تمامًا عما حدث فى زلزال تركيا الأخير.

واكد أن مصر لم تدخل منطقة حزام زلازل حتى الآن، ومناطق حزام الزلازل تتغير خلال مئات أو آلاف السنوات، لكن يوجد فى العالم كله وكذلك مصر أماكن يكثر بها النشاط الزلزالى، وغالبية الزلازل تكون غير محسوسة وفى بعض الأحيان يشعر بها المواطنون كما هو الحال فى منطقة شمال البحر الأحمر وخليجى السويس والعقبة ومنطقة شرق البحر المتوسط، بالإضافة إلى بعض المناطق داخل القطر المصرى مثل المنطقة التى كانت مركزًا لزلزال ١٩٩٢م.
واشار الى ان ما يسمى بالكود البنائى والذى هو فى الأساس من اختصاص وزارة الإسكان بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة ويشارك المعهد القومى للابحاث الجيولوجية فى الشق الخاص بالأحمال الزلزالية ويتم تحديثه من فترة لأخرى، فالقوانين والمواصفات موجودة ومنصوص عليها بالقانون، لكن تكمن المشكلة فى التطبيق.

مؤكدا على ان جهود الدولة ممثلة فى جهتين المعهد ومجلس الوزراء فيما يتعلق بتحديث الاستراتيجية الوطنية لمواجهة مخاطر الزلازل والتى بناء عليها تم إعداد دليل استرشادى موجود على المواقع الرسمية لكل من المعهد ومجلس الوزراء بالإضافة إلى تعميمه على مختلف الجهات المعنية كالمحافظات ومنظمات الدفاع المدنى ووزارة التربية والتعليم، حتى تلتزم كافة الجهات المعنية بالإرشادات الموضوعة، بهدف تحقيق أقصى حماية ممكنة للمواطنين والمنشآت والاستثمارات عند حدوث الزلازل، خاصة أنه لا يوجد حتى الان آلية نستطيع التنبؤ من خلالها بالزلزال أو منع حدوثه، كما تعمل غالبية دول العالم المتقدم وفق منظومات إنذار مبكر، بحيث يتم تركيب مستشعرات تسجل الموجات الأولية لأى زلزال، وهى موجات مسالمة، وتلقائيًّا فور تسجيل تلك الموجات يتم غلق محطات الطاقة والكهرباء ومصافى البترول والغاز وغيرها من الأماكن الحيوية لتقليل الخسائر قدر الإمكان؛ حال حدوث أى زلزال قوى ، وهو ما نتمنى ان نتمكن من عمله فى مصر لحماية ارضها وشعبها.

الصدع الأفريقى

اما اذا تطرقنا الى الحديث عن الأخدود الافريقى او الشق الافريقى فيقول د. شريف الهادى الخبير الجيولوجى والميتافيزيقى إن قارة افريقيا يوجد بها صدع قديم وهو بالفعل صدع كبير وهو الاخدود الاعظم ويمر بمنطقة اثيوبيا والكونغو وبحيرة فيكتوريا، واكد ان هذا الصدع قديم ولكن ليس عليه نشاط زلزالى كبير ويحتاج لملايين السنين لان حركة الاخدود الاقريقى تستغرق ملايين السنين.

واضاف ان هذا الاخدود يحدث عليه زلازل ولكنه لن يؤدى لظهور بحر فى وسط افريقيا ويبعد هذا الاخدود عن مصر بـ٢٥٠٠ كم واقرب دولة عربية لهذا الاخدود هى عدن، وهذا ما أعلنته دراسة دولية نشرت فى دورية «جيوفيزيكال ريسيرتش لترز جورنال» أن بحرا جديدا آخذًا فى التكون فى القارة الأفريقية، وقد يقسمها إلى نصفين، وذلك بسبب الصدع الذى يبلغ طوله 56 كيلومترا، والذى ظهر فى الصحارى الإثيوبية.

أما بالنسبة للعالم الهولندى الذى لقب نفسه بلقب عالم جيولوجى فيقول د. الهادى ان هذا الشخص لا يستند لاى من الاساليب العلمية، كما ان خبراء وعلماء المعهد القومى للبحوث الجيولوجية والميتافيزيقية لم يسمعوا عنه من ذى قبل ولم يجدوا عنه ما يثبت انه عالم جيولوجى حقيقى، وقيامه بعمل توقعات وهمية لزلازل فى مناطق مختلفة ماهو الا من اجل البحث عن الشهرة والانتشار السريع عبر مواقع التواصل الاجتماعى او السوشيال ميديا، وقد يتسبب فى خسائر كبيرة لأى بلد.