فى الصميم

من يحمى إسرائيل.. شريك فى جرائمها!

جلال عارف
جلال عارف

طوال الفترة الماضية لم تتوقف الجهود لتهدئة الموقف ومنع انفجار الأوضاع فى الأرض الفلسطينية المحتلة.. ومع وصول زعماء العصابات اليمينية المتطرفة للحكم فى إسرائيل كان واضحاً أن الصدام يقترب، وأن الخطر سيتجاوز كل التقديرات.. وها نحن - بعد شهور فقط مع حكومة عصابات اليمين - أمام هذا التطور الخطير مع اقتحام المسجد الأقصى المبارك (وليس بإحالة الخارجية فقط) ولأكثر من مرة، وباستخدام السلاح وقنابل الغاز والرصاص المطاطى ضد من جاءوا للصلاة أو الاعتكاف فى الشهر الفضيل.

والأخطر هنا أننا لسنا أمام حادث فردي، بل أمام مخطط إرهابى أصبح برنامجاً للتحالف اليمينى الحاكم الذى وضع تهويد القدس والاستيلاء على الأقصى أو اقتسامه هدفاً مقدساً! لن يتخلى عنه، ولو واجه كل من لا يعترف بأن الإرهابيين القتلة فى إسرائيل يمكن أن يكونوا «الشعب المختار» الذى يفعل ما يريد خارج القانون وفوق الحساب!

التطور فى الموقف بالغ الخطورة.. قبل شهور قليلة كان الإرهابى «بن غفير» يواصل مسيرته التى بدأها صبياً فى صفوف التطرف مع حركة «كاهانا» والتى وضعت اسمه على قوائم الإرهاب مبكراً. حتى نهاية العام الماضى كان «بن غفير» يواصل استعراضاته الإرهابية، ويذهب مع أنصاره فى محاولات لا تنتهى لاقتحام ساحات الأقصى المبارك والاشتباك مع الفلسطينيين وإرسال التهديدات المتعددة لهم.. شهور كانت الشرطة تتولى تأمينه وحراسته وتتلقى اتهاماته بالتقاعس فى قتل الفلسطينيين!

الآن.. تغير الموقف الإرهابى.. بن غفير أصبح مسئولاً عن الأمن الداخلى لإسرائيل، ومتحكماً فى قرارات الشرطة، والوزير الأقوى فى حكومة مصيرها بيده!! ولهذا يجىء اقتحام الأقصى المبارك هذه المرة من قوات الشرطة ليكون إعلاناً بأن هذه سياسة دولة تفرضها وتنفذها حكومة عصابات اليمين، وأن الحرب الدينية التى حذر منها الجميع أصبحت تطرق الأبواب حتى لو تظاهر «الكبار» الذين أدمنوا حماية إسرائيل بأنهم لا يسمعون، أو اكتفى بعضهم ببيانات الإدانة والاستنكار «وربما الاشمئزاز» دون موقف جاد يدرك خطورة الموقف ويمنع الانفجار!

الأسوأ أن أى قراءة للموقف فى إسرائيل يؤكد أننا أمام بداية لما هو أخطر!!..

مع حكومة يقودها «بن غفير» و«تسيموتريتش» ولا يملك نتنياهو إلا المصادقة على كل قراراتهما لكى يحتفظ بمنصبه فينجو من المحاكمة والسجن..

هل نتوقع غير المزيد من التصعيد والسير بخطى ثابتة نحو الحرب التى يراها «الثلاثى التعس» الذى يحكم فى إسرائيل فرصة للحفاظ على وحدة صفوفه، ولتجاوز الأزمة الطاحنة التى لا تنقطع فيها المظاهرات منذ شهور ضد فاشية زعماء عصابات اليمين التى يرون أنها تقود إسرائيل إلى الكارثة.

فى ظل هذه الأوضاع لا مجال لنجاح أى جهود من أجل التهدئة ووقف الانحدار نحو حرب دينية واسعة إلا إذا تحمل العالم مسئوليته، وإذا رفعت «الحماية» التى توفرها بعض القوى الكبرى لإسرائيل لتعامل مثل أى دولة أخرى. وإلا إذا عاد العالم ليتعامل مع أساس القضية وهو الاحتلال الإسرائيلى الاستيطانى العنصرى، واتخذت الإجراءات لتصفيته تنفيذاً لقرارات الشرعية الدولية.

بدون ذلك، وبدون قرارات دولية نافذة بتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطينى، وإرسال مراقبين دوليين لضمان عدم وقوع انتهاكات للمقدسات الإسلامية والمسيحية من القوات الإسرائيلية حتى إزالة الاحتلال..

بدون ذلك ستفقد الدول التى ستواصل حماية إسرائيل وعدم محاسبتها على جرائمها ما تبقى لها من مصداقية، وسيكون كل حديثها عن دعم الديمقراطية وحق الشعوب فى تقرير مصيرها مجرد «طق حنك» وسيكون موقفها فى حرب أوكرانيا موضع تساؤل، وستكون مسئولة أمام العالمين العربى والإسلامى وأمام كل دول العالم عن جرائم إسرائيل التى لو عوقبت عليها وفقاً للشرعية الدولية..

لما وصل الأمر إلى أن تضع حكومة زعماء عصابات اليمين الإسرائيلى العالم كله أمام خطر  حرب دينية عالمية، بينما البعض مازال يؤكد أنه حليفه الاستراتيجى، والبعض الآخر يتغنى بديمقراطيتها وهى تهدد الفلسطينيين أصحاب الأرض بـ«الإبادة» وتطارد المصلين داخل الأقصى المبارك بالرصاص وقنابل الغاز!

الانفجار قادم وبأوسع صورة إذا استمر التواطؤ الدولى مع إسرائيل.. وإذا لم يتم تفعيل الإرادة الدولية وإلزام الجميع بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.. على الكل أن يدرك أن «الفيتو» قد ينقذ إسرائيل من عقوبات تستحقها لكنه - فى الحقيقة - يدفعها إلى المصير الأسوأ.. لو عوقبت إسرائيل على جرائمها الأولى، لكانت كياناً طبيعياً وليس خطراً على المنطقة والعالم، وما كان «بن غفير» الآن تقتحم قواته الأقصى.. ماذا كان سيفعل لو لم يكن هناك ٤٥٠ ألف إسرائيلى يتظاهرون ضده وكانت الحليفة الكبرى تشعر بـ«الاشمئزاز»؟!