نقطة فوق حرف ساخن

الخطاب الدرامى الجديد

عمرو الخياط
عمرو الخياط

شغفى بمتابعة دراما الكتيبة 101 لم يأت من فراغ.. وإنما نابع من الرغبة فى التعمق داخل أحداث عاشتها مصر.. منذ زمن قريب.. وجاءت الدراما لتجسدها لتصبح موثقه إعلامياً ودرامياً.. خاصة فى ظل تنظيم إرهابى يحاول إعادة صورة ذهنية جديدة له وفرضها على المتلقين من خلال مظلومية مزعومة.

تلك هى الخطورة الحقيقية التى نتعرض لها دون أن نشعر من خلال قنوات تبث من الخارج ووسائل تواصل أصبحت تتحكم فى سلوكيات المصريين..فالإعلام فى الماضى كانت روافده التليفزيون والإذاعة والصحف.. أما الآن فالروافد الإعلامية زادت وانتشرت وهناك وسائل إعلامية أصبحت أكثر تأثيراً فى المجتمع على رأسها وسائل التواصل الاجتماعى.. وهنا تظهر خطورة الإعلام الذى يقوم على رسم الصورة الذهنية لدى المتلقى.. وهو ما يؤدى إلى بناء مواقف سياسية تجاه قضايا معينة.. وأضف إلى ذلك أن الإعلام ليس كل شىء لحظى لأن خطورته تكمن فى تأثيره التراكمى وهو التنكيل الذى يركز عليه أعضاء الجماعة الإرهابية والذين يسعون فيه لمحاولة تغيير الصورة الذهنية التى تكونت عنهم فى أعقاب احتلالهم السلطة والعنف الذى ارتكبوه فى أعقاب الثورة الأعظم فى تاريخ البشرية 30 يونيو.

فى أعقاب الثورة الأعظم.. كان هناك رجال ضحوا من أجل الوطن الذى نحيا فيه ويحيا فينا.. لم يترددوا فى الذود بأرواحهم من أجل سيادة مصر.. قدموا الكثير.. ولم ينتظروا مقابل هذا العطاء.. فى المقابل بعد كل هذه التضحيات.. بدأت عملية منظمة لبناء منظومة تشكيك ضخمة ترتكز على عملية ضخ إعلامى مكثف ومتنوع من أجل إيجاد حالة من التأثير لدى المتلقى بمنظومية الظلم وأنهم براء مما يحدث.. هذه الحملات تهدف بشكل واضح إلى تفكيك الكتلة الصلبة الحاملة لثورة 30 يونيو.. من خلال اتجاهين..الأول من خلال التأثير على وعى المواطن عن طريق الشاشات الإرهابية وشبكات التواصل الاجتماعى.. والثانى تشويه وتشكيك لعناصر الدولة بهدف صياغة صورة ذهنية فى الوعى العام باعتبار مؤسسات الدولة هى مؤسسات سيطرة وليست حماية.. وتمادوا فى الطعن فى السمعة والنزاهة.

وعن دون قصد.. أصبح المواطن.. الذى اصطف فى 30 يونيو فى النسق الوطنى.. هو نفسه وذاته الذى أصبح مسوقاً رئيسيا لمشروع الاستهداف من الجماعة الإرهابية وممولاً من خلال ما يدفعه يوميًا وليس شهرياً على مواقع التواصل الاجتماعى من باقات الإنترنت.. لمشاهدة هذه الأكاذيب.. ومتابعة ما يبث من سموم هو مشارك فيها بمشاهدته لها أو مجرد متابعته لما يبث.

وهنا كان لازمًا أن تلعب الدراما المصرية دورًا أكبر لأنها هى الوسيلة الأكثر تأثيرًا وتبقى على مر التاريخ وتتوارثها الأجيال.. فلعبت الدراما فى السنوات الأخيرة دوراً مهمًا من أجل التغيير فى النمط الذى قدم فى أعقاب الفوضى التى تلت أحداث يناير.. وعادت الدراما من خلال شركة المتحدة.. التى تحملت إعادة ضبط السوق الدرامى.. من ناحية التكاليف والأهم من ناحية المضمون.. وتحملت الشركة العبء الأكبر فى السنوات السابقة ليبدأ التحول التدريجى فى بوصلة الدراما المصرية.. بعد أن أصابتها الفوضى.. لتشهد الجبهة الدرامية المصرية إنتاجاً غير مسبوق اهتم بإنعاش الذاكرة المصرية التى دائماً ما يصيبها النسيان المفاجئ.. وجسدت للتاريخ.. تاريخاً عشناه.. قبل أن تمتد له يد التزوير أو التغيير.. وفق الأهواء فى المستقبل.

حينما قدمت الدراما المصرية مثل هذه الأعمال.. كان هناك التفاف شعبى مذهل حولها.. بعد أن تصور البعض تحت المقولة الكاذبة «الجمهور عايز كدة» أن المتلقى لن يدعم هذه النوعية من الدراما التى قدمت وكان الرد الحاسم من جمهور المتلقين الذى تعامل مع ما قدم له على أساس انه امتداد طبيعى لاصطفافه فى ٣٠ يونيو فكان مصطفاً وراء هذه الدراما المقدمة مساهماً فى نجاحها مشجعاً من أنتجوها.

من أجل ما سبق ذكره.. كانت المتابعة بشغف لمسلسل الكتيبة ١٠١ بالنسبة لى.. فالقضية ليست فى محتوى العمل درامياً.. وإنما فى رسائله المتدفقة فمثل هذه الأعمال تحدث تأثيراً كبيرًا فى وجدان الشعب.. فتغير بشكل واضح قيمة الولاء والانتماء للوطن وفى ذات الوقت سرد لأحداث مهمة ستظل شاهدة للأجيال القادمة على ما مرت به مصر.. والأهم من وجهة نظرى هو إعادة رسم الصورة الحقيقية للمجتمع المصرى الذى تشوهت صورته من خلال الدراما فى فترة من الفترات.

إن الدراما المصرية وخاصة التليفزيونية عليها دور مهم جدا فى هذه الفترة فعليها أن تتصدى للحرب الضروس التى تواجه المجتمع المصرى والتصدى لمحاولات احتلال ذهنية المصريين بالأفكار المغلوطة وهو ما يمكن أن نطلق عليه تجديد الخطاب الدرامى من أجل الوطن.