فى الشارع المصرى

لنغتنم ما تبقى من رمضان

مجدى حجازى
مجدى حجازى

ونحن نعيش شهر القرآن، رغم انفراط نصفه إلا أننا نتطلع إلى ما تبقى منه عسى أن يمسح عن نفوسنا هموم الحياة ويبث فيها الإيمان والطمأنينة.. أيام رمضان تمضى مهرولة ونحن نتحسس لمسات الرحمة والمغفرة، حتى تربت على القلوب الخائفة من عاقبة الذنوب، ويتجدد الأمل فى محو رياح المعصية لتحل محلها رياح الجنة، ويأتى غد مشرق مفعم بالتقوى يحمل مآلاً مرجواً فى جنة الرحمن. 

إنه شهر نور العقيدة فى قلوب المؤمنين، فقد ثبت عن النبى، صلى الله عليه وسلم أن الكتب السماوية أنزلها الله تعالى على أنبيائه فى شهر رمضان..

فعن واثلة بن الأسقع-  - أن رسول الله  قال: «أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام فى أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وانزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان.» «رواه الإمام أحمد والبيهقى والطبرانى وغيرهم، وحسّنه الألبانى».. فهو بحق شهر الهداية، إنه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ «البقرة:185»..

جاء ومعه غير القرآن الكريم الكثير من مقومات حياة القلوب وأسباب هدايتها وحمايتها من كل سوء، فــ «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الرحمة.» «رواه أبوهريرة وصححه الألبانى». 


إن شهر رمضان يمهد لنا الطريق إلى الجنة ويرشدنا إلى السبيل إليها «تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم» «رواه أحمد وصححه الألبانى».. حيث يتوافر فيه خير الطاعات، لتبزغ تلك الليلة التى تهفو إليها قلوب الخاشعين: «ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم» «رواه أبوهريرة وصححه الألبانى»، «من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا المحروم» «رواه أنس بن مالك وحسّنه الألبانى»..

وكيف لا يكون محروماً من خسر خير هذه الليلة؟!، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ «١» وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ «٢» لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ «٣» تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ «٤» سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ «٥»﴾ِ «القدر ٥:١».. إننا نخشى النار، وقد منحنا الله فرصة فى شهر رمضان للنجاة منها؛ فعلاوة على أنها تغلق أبوابها إلا: «إن لله عتقاء فى كل يوم وليلة» «رواه أبوهريرة».. «إن لكل مسلم فى كل يوم وليلة دعوة مستجابة» «رواه أبوسعيد الخدرى وصححه الألبانى»..

فما أجمل ما يتوجنا به رمضان، ويالها أغلى مكافأة فى نهاية الشهر، حيث الفوز بتاج المغفرة جزاء تقبل الله لصالح الأعمال، فهى أعظم منحة يمنحها الله لعبده الصائم. فـ «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» «رواه مسلم».. فهنيئا لمن صام واحتسب، وفاز بالمغفرة وتاب الله عليه، ورزقه بفيض من خيره ورضوانه. 

لقد غافلتنا أيام رمضان المباركة، وباغتتنا مسرعة، ولم يتبق منها سوى أقل من نصف الشهر.. فلنغتنم ما تبقى عساه يحمل لنا خيرًا.. وكل عام ومصرنا الحبيبة بخير.. حفظ الله المحروسة شعبًا وقيادة، والله غالب على أمره.. وتحيا مصر.