خبير آثار يطالب باستغلال قصر الأميرة فريال بطنطا مركزًا للحرف الأثرية

أصل الحكاية | «قصر الأميرة فريال» تحفة معمارية فائقة الجمال

قصر الأميرة فريال
قصر الأميرة فريال

يقع قصر الأميرة فريال  بشارع المدارس المتفرع من شارع المديرية بمدينة طنطا، والأميرة هى كبرى بنات الملك فاروق، ويعد القصر تحفة معمارية فائقة الجمال وإحدى البنايات النادرة التى تعبر عن عمارة طراز الباروك والركوك الذى ظهر فى عصر النهضة فى أوروبا بداية من القرن السادس عشر وحتى التاسع عشر الميلادى، وقد رصدت دراسة تاريخية أثرية للكاتب والمؤرخ مصطفى أبو شامة تاريخ وعمارة هذا القصر الهام .

ويشير المؤرخ مصطفى أبو شامة إلى أن القصر بنى فى النصف الأول من القرن العشرين حيث بناه " بهجت باشا " أحد أعيان محافظة الغربية فى أوائل القرن الماضى وأطلق عليه اسم "روضة الأميرة فريال " تيمنًا وتكريمًا لسمو الأميرة التى نزلت إلى مدينة طنطا بصحبة والدها الملك فاروق من أجل افتتاح مستشفى المبرة الخيرى وكان ذلك خلال فترة الأربعينيات .

وقد باعه صاحبه فى أواخر أيامه إلى " الدماطى باشا " والذى باعه هو الآخر لأحد التجار بطنطا ويدعى "رشيد توكل" وهو شامى الأصل ثم انتقلت ملكيته لأحد أبنائه هو " شوقى رشيد توكل " والقصر مسجل حاليًا لدى الضرائب العقارية باسمه لكنه قام بتعليق لافتة كبيرة يعلن من خلالها عن طرح القصر للبيع أو الإيجار بسبب عدم قدرته على الاستفادة منه خاصة بعد تردى وسوء حالته التى تحتاج إلى تكاليف باهظة من أجل ترميمة وإعادته إلى سيرته الأولى .

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان الضوء على هذا القصر موضحًا أنه مسجل كأثر ضمن الأثار الإسلامية والقبطية بالقرار رقم 617 لسنة 99 من أجل حمايته من مافيا الأراضى والعقارات لأنه بالفعل أحد القصور الأثرية النادرة ولا يوجد مثيل فى روعته بمنطقة الوجه البحرى .

واضطر أصحاب القصر إلى تأجيره لوزارة التعليم ليظل فترة طويلة مقرًا لمدرسة الأزهار الابتدائية المشتركة وخلال هذه المدة تم القضاء على معظم الأشجار والزهور والنباتات النادرة التى كانت توجد داخل حديقته الواسعة وكانت تقع على مساحة 1160.45 متر بينما تبلغ مساحة المبانى 455.83 متر من إجمالى المساحة الكلية البالغة 1616,28 متر ، وقد أخلى القصر حاليًا وتم إغلاقه بعد نقل المدرسة إلى مكان آخر .

وصف القصر :

ويصف الدكتور ريحان معالم القصر طبقًا لما جاء فى الدراسة بأنه يتألف من أربعة طوابق وتتميز واجهاته الأربعة بالثراء الزخرفى الذى كان هدفه الأساسى هو تصدير المتعة والترفيه والاستحواذ على استحسان المجتمع الطبقى الجديد من خلال الجمع بين الفخامة والأناقة والتفاصيل الزخرفية الكثيرة البارزة والمتمثلة فى أوراق العنب وعناقيده وأوراق الأكانشى وكيزان الصنوبر وزهرة اللوتس بالإضافة لرسوم الأشكال الآدمية بالمدخل الشمالى ورؤوس الأسود فى نهاية الواجهات حيث يعتمد القصر فى تصميمه على عنصر " السيمترية " فى أبهى صوره .

وللقصر ثلاثة مداخل:

الأول بالجهة الشمالية عن طريق سلم مزدوج وهو الرئيسى الخاص بالضيوف والمدخل الثانى يقع بالجهة الجنوبية وهو خاص بمالك القصر،  أمّا المدخل الثالث بالجهة الشرقية فهو فى العادة يختص بالخدم وأمور الضيافة.

ويحيط بالقصر سورًا من الرماح الحديدية وبه بوابة حديدية بالجهة الشمالية الرئيسية وأخرى فرعية بالجهة الجنوبية ويتكون القصركعادة العمائر الملكية من عدة أجنحة ثابته فى الطرز المعمارية لتصميم القصورمنها (جناح الحرملك) وهو الجناح المختص بالأسرة ويقع بالجهة الشرقية للقصر، (جناح السلاملك ).

وهو عبارة عن طابق متسع يتم فيه استقبال الضيوف وتقديم واجب الضيافة للزائرين، ويقع بالجهة الشمالية فى مواجهة المدخل الرئيسى وهناك جناح آخر صغير خاص بإقامة الخدم والحاشية وهو طابق مستطيل يحوى أماكن مخصصة لإعداد الطعام وواجب الضيافة، أمّا الدور الأرضى منه فيمثل البدروم وهو عبارة عن عدة حجرات خالية من أى زخارف وتستخدم كحواصل للتخزين ويمتد بطول الواجهة ويتفرع من جوانبه دخلات تفضى إحداهما إلى سلم البهو الداخلى الذى يربط بين الأدوار الثلاثة العلوية للقصر .

أمّا الطابق العلوى الأول فيتقدمه سلم مزدوج يؤدى مدخله إلى صالة مستطيلة يوجد بأركانها الأربعة أربع فتحات تؤدى إلى أربع أبواب كل باب يوصل إلى حجرة ، بيينما الباب الخامس فى هذه الصالة يؤدى إلى صالة أصغر حجما تشبه الطرقة وتفصل بين جناحين كل جناح يتكون من حجرة ودورة مياه يتقدمهم طرقة مستطيلة ويوجد درج يؤدى إلى باقى طوابق القصر وهى تأخذ نفس التخطيط أيضا وأغلب الزخارف الداخلية للقصر بسيطة فى مجملها بعكس الثراء الزخرفى الواضح على الواجهات الخارجية .

وهى فى مجملها زخارف نباتية مذهبة بارزة فى مستويات أفقية تفصل بين واجهات الحجرات بالأجنحة وزخارف بنظام الحفر البارز والغائر على فتحات الأبواب والشبابيك الداخلية، أمّا أكثر الزخارف الداخلية ثراء نجدها فى زخرفة الأسقف وهى عبارة عن جامات من زخارف نباتية بارزة ومذهبة على هيئة  شكل المعين فى منتصف السقف ومحاطة بعناقيد ملتفة مذهبة ومعدة لتتدلى منها عناصرالإضاءة بالطرقات وفى داخل الحجرات .

وتطل الشرفات الداخلية للقصر على الواجهات الأربعة وهى بمثابة شرفات للاستجمام وبها أماكن معدة للجلوس والراحة وهى طرقات مستطيلة تشرف على الواجهات الخارجية ببائكات من ثلاثة جوانب والمستوى السفلى به حواجز مكونة من برامق منتظمة فى صفوف أفقية بعرض الشرفة ويفصل بين البوائك صفوف من الأعمدة الكورنشية بواقع عمودين على جانبى فاصل البائكة وجميع البوائك معقودة بعقد نصف دائرى .

وتناظر كل شرفة مثيلتها بقطاع الواجهة مما يمثل عنصر السيمترية والتناظر فى تصميم هذه الشرفات فى حين تبرز شرفات المداخل الرئيسية للخارج عن نظيرتها من الشرفات الأخرى .


ويطالب الدكتور ريحان بترميم القصر وإعداه ليتم توظيفه مركزًا للحرف الأثرية والصناعات التى تشتهر بها المحلة الكبرى ليجمع بين الماضى والحاضر ويكون بمثابة مركزًا للفنون التراثية والحديثة بالمحلة الكبرى.