أصل الحكاية | خبير آثار: النادي اليوناني بالمحلة تحفة فنية نادرة

 النادى اليونانى بالمحلة
النادى اليونانى بالمحلة

يعد النادي اليوناني بالمحلة الكبرى الذي يقع في أحد أهم شوارعها الرئيسية تحفة فنية رائعة يتميز بتراث فني نادر ويجسّد حقبة زمنية هامة شهدت الكثير من التطور والتنوع العمراني والحضاري للمدينة الصناعية الكبيرة والتي تحولت إلى مركز جذب للعديد من الجاليات الأجنبية مع بداية القرن الماضي والذين لعبوا دورًا بارزًا في نهضتها الصناعية والتجارية والعمرانية.

ومن هذا المنطلق كانت الدراسة التاريخية الأثرية للمؤرخ الشهير مصطفى أبو شامية الذى يشير إلى أن النادى بنى على الطراز الرومانى عام 1924 وكان شاهدًا على أحداث وذكريات عديدة مضت لكنها لم تسقط من ذاكرة أهل المحلة حيث كان مقرًا لأبناء الجالية اليونانية الكبيرة بالمدينة ومن خلاله اندمجوا مع أهلها وشاركوا فى العديد من الألعاب والبطولات الرياضية منها الفريق اليونانى لكرة القدم وفريق كرة السلة وأيضا الحفلات والمناسبات الاجتماعية وأصبحت المحلة على أيديهم جميلة وقوية وغنية.

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن اليونانيون قاموا ببناء العديد من محالج القطن منها محلج الخواجة سقلبايوس كنتى، ومحلج الخواجة قسطنطين باتريدس، ووابور الخواجة باندليه راندبلو، ووابور الخواجة ينى مكاريوس بقنطرة الشون، كما تتلمذ على أيديهم الجيل الأول من تجار وفرازين القطن بالمحلة أمثال محمد شوكة وعثمان عبد الحليم والسعيد موسى ومحمد عثمان الكحكى ، ولذلك تم تخليد بعضهم بإطلاق اسمائهم على شوارع المدينة مثل شارع " جيراديوس " المتفرع من شارع الطباخين وكان طبيب يونانى ساهم فى علاج الكثير من الفقراء مجانًا .

ويضيف الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى أن مبنى النادي اليوناني كان من نصيب أحد رجال عائلة الأتربي الشهيرة بمدينة المنصورة وهو أحمد باشا الأتربى والذي كان يعرف ويقدر القيمة التاريخية للنادي جيدًا وظل محافظًا عليه لفترة طويلة ولكن بعد وفاته قام الورثة ببيعه لعدد من تجار الأراضي والعقارات بالمحلة، ويعد هذا النادي هو  النموذج الوحيد الذي يمثل العمارة اليونانية بالمحلة حاليًا ودليل على التطور والتنوع العمراني الذي حظيت به المدينة في بداية القرن الماضي حيث تم تصميم المبنى على طراز رومانى بالأعمدة ذات التيجان الإيوانية التي تتصدر كتلة المدخل بجانب التصميم البديع لأسقف المبنى ذات الشكل الهرمى وهى مبطنة بألواح من الرصاص والطبقات العازلة ومغطاة بالقراميد وهى عبارة عن بلاطات مقوسة من الفخار تنضج فى النار وتكسى بها الأسطح الجمالونية وتستخدم في القصور والفيلات بأوروبا وكان الغرض منها حماية المباني من الأمطار كما أنها تخفف من شدة حرارة الشمس في موسم الصيف وقد تم صناعة الأسقف بالكامل فى إيطاليا.

وينوه الدكتور ريحان بأن هناك ضرورة لحماية المبانى التاريخية فى مصر والتى تمثل جزءًا لا يتجزأ من تاريخ مصر وذاكرتها الوطنية البيع والهدم والمبانى التاريخية هى المنشآت ذات الطراز المعماري المتميز أو المرتبطة بالتاريخ القومي أو بشخصية تاريخية أو التي تمثل حقبة تاريخية أو التي تعتبر مزارًا سياحيًا محمية بالقانون رقم 144 لسنة 2006، وأن المادة الرابعة من هذا القانون حددت كيفية تسجيل المباني التراثية بتشكيل لجان دائمة بكل محافظات مصر بقرار من المحافظ تتضمن ممثلًا من وزارة الثقافة يتولى رئاسة اللجنة وممثلًا لوزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، وشخصين من المحافظة المعنية وخمسة من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المتخصصين في مجالات الهندسة المعمارية والإنشائية والآثار والتاريخ والفنون، على أن ترشح كل جهة من يمثلها.

ويختص عمل اللجنة بحصر المباني والمنشآت المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية من هذا القانون ومراجعة هذا الحصر بصفة دورية ويرفع المحافظ المختص قرارات اللجنة إلى رئيس مجلس الوزراء تمهيدًا لإصدار قانون بحظر هدم هذه المباني نهائيا.

 ورغم صدور القانون منذ عام 2006 إلّا أنه حتى الآن لم يتم الحصر الكامل للمباني التراثية بكل محافظات مصر لعدم وجود مدة إلزامية في القانون لحصر المباني التراثية، مما أدى لهدم الكثير منها واحتراق بعضها مثل مسرح المنصورة.

ويتابع الدكتور ريحان بأن القانون حدد طريقة الإشراف على المباني التراثية في المادة 11 عن طريق رؤساء المراكز والمدن والأحياء والمهندسين القائمين بأعمال التنظيم بوحدات الإدارة المحلية ولهم صفة الضبطية القضائية في إثبات ما يقع من مخالفات لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية، واتخاذ الإجراءات اللازمة في شأنها، ويكون للمحافظ المختص أو من يفوضه أن يصدر قرارًا مسببًا بوقف أعمال الهدم غير المصرح بها أو التي تتم دون مراعاة أحكام هذا القانون.

كما حدد  قانون تنظيم هدم المبانى والمنشآت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعمارى رقم 144 لسنة 2006عقوبة هدم المبانى التراثية والتاريخية، حيث تنص المادة الثانية عشر من قانون تنظيم هدم المبانى والمنشآت غير الآيلة للسقوط والحفاظ على التراث المعمارى، على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أى قانون آخر يعاقب كل من هدم كليًا أو جزئيًا مبنى أو منشأة مما نص عليه فى الفقرة الأولى من المادة الثانية من هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على خمسة ملايين جنيه، فإذا وقف الفعل عند حد الشروع فيه جاز للقاضى أن يقضى بإحدى هاتين العقوبتين.

ووفقا للمادة، يترتب على هدم المبنى أو المنشأة المشار إليها فى الفقرة السابقة عدم جواز البناء على أرضها لمدة خمسة عشرة عامًا إلّا فى حدود المساحة والارتفاع اللذين كانا عليه قبل الهدم، وذلك دون الإخلال بما تحدده اشتراطات البناء من مساحة أو ارتفاعات أقل.

وتنص المادة على أنه يجب الحكم بشطب اسم المهندس أو المقاول المحكوم عليه من سجلات نقابة المهندسين أو الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء بحسب الأحوال وذلك لمدة لا تزيد على سنتين، وفى حالة العود يكون الشطب لمدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات.

ويعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من هدم أو شرع فى هدم مبنى أو منشأة مما يخضع لأحكام الفقرة الثانية من المادة الثانية من هذا القانون وكل من خالف أيًا من أحكام المادتين الثامنة والعاشرة والفقرة الثانية من هذه المادة.

جدير بالذكر أن المادة الثانية من هذا القانون، تنص على أن يحظر الترخيص بالهدم أو الإضافة للمبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز المرتبطة بالتاريخ القومى أو بشخصية تاريخية أو التى تمثل حقبة تاريخية أو التى تعتبر مزارًا سياحيًا، وذلك مع عدم الإخلال بما يستحق قانونًا من تعويض، ولا يجوز هدم ما عدا ذلك أو الشروع فى هدمه إلا بترخيص يصدر وفقًا لأحكام هذا القانون.