الزكاة والحل السحرى

النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب
النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب

منذ نحو أربعة عشر قرنًا، عرف العالم أول أشكال «التكافل الاجتماعى»، قبل ظهور هذا المصطلح الحديث، فى صورة تشريع سماوى، وهو الزكاة التى وضعت أسس أول مجتمع متكافل، وأول «مدينة فاضلة» فى تاريخ البشرية.

وفى هذه الأيام المباركة من شهر رمضان، علينا أن نتدبر كيف فرض الله سبحانه وتعالى الزكاة، وجعلها ثالث أركان الإسلام الخمسة، بعد الشهادتين والصلاة.

يقول الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن نبينا صلى الله عليه وسلم حثنا على التكافل المجتمعى، حيث يقول: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ».

ويقول العلماء إن الله تعالى فرض الزكاة، لحكمة عظمى، فهى «تزكي» صاحبها، وتطهِّره وتُنقّيه من آثام الذنوب، قال تعالى: «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا».

وفضلًا عن ذلك، فإنها تزيد مال المُزكى، يقول الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم «ما نقص مال من صدقة». وبهذا المعنى، تشكل الزكاة حلًا سحريًا لمكافحة الفقر داخل المجتمعات، وهنا تُلح عليّ أسئلة افتراضية: ماذا لو أخرج المسلمون أموال الزكاة كما نصت الشريعة الإسلامية؟ وماهو حجم أموال المسلمين؟وماهى النسب التى تخرج بالفعل؟

وهنا كانت المفاجأة، بعد دراسة وبحث دقيق تبين أن استثمارات الدول الإسلامية فى الخارج تصل إلى تريليون وخمسمئة مليار دولار، وهذا يعنى أن زكاتها تبلغ 37.5 مليار دولار.

وحسب أحدث بيانات منظمة التعاون الإسلامى، فإن 322 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر فى دولها الأعضاء (57 دولة إسلامية). ووفق مجلة «فوربس» الأمريكية لأثرياء العالم عام 2022، فإنه من بين أغنى 10 أثرياء عرب، هناك 8 مسلمين ويبلغ إجمالى ثرواتهم 22.3 مليار دولار، فيما تبلغ قيمة زكاة هذه الأموال (2.5%) عند احتسابها نحو 557.5 مليون دولار سنويًا.

وحسب «فوربس» فإن إجمالى ثروات أثرياء العرب يبلغ 52.9 مليار دولار، إذا احتسبت زكاتها فإنها تبلغ نحو 1.3 مليار دولار سنويًا، وإذا نظرنا إلى حجم أصول صناديق الثروة للدول العربية والإسلامية، ويبلغ إجمالى هذه الأرقام: 2 تريليون و612 ملياراً و286 مليون دولار، تبلغ قيمة زكاة المال المفروضة عليها 65 مليار دولار سنويًا، وهذا معناه أنه لو أخرج المسلمون فى عصرنا الزكاة، فلن تجد فقيرًا واحدًا فى العالم الإسلامى أو العربى!

غير أن بعض الخبراء يقول إن مقدار زكاة المال التى يتم توزيعها بشكل فعلى سنويًا، فى جميع الدول الإسلامية على مستوى العالم، يتراوح بين 20 و30 مليار دولار.  وللاسف غير كاف  لمكافحة الفقر على مستوى العالم الإسلامى.

وعلى المستوى المحلى، حقق «بيت الزكاة والصدقات المصرى» منذ إنشائه عام 2014، بقرار من الرئيس عبدالفتاح السيسى، إنجازات كبيرة، وتخطى عدد الأُسر المستفيدة من الإعانات الشهرية 90 ألف أسرة، مع مضاعفة تلك الإعانات فى المناسبات والأعياد، بجانب مساندة الأسر المتضررة من الظروف الاستثنائية والكوارث الطبيعية وغيرها، بالإضافة إلى العلاج والأدوية مجانًا للمستحقين.

وحسن الختام، قوله تعالى (وسيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى. الذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّى. وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى. إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى) صدق الله العظيم.