تحليلl بنك «وادي سيليكون» بداية الانهيار المالي بأمريكا

بنك وادى سيليكون
بنك وادى سيليكون

دينا توفيق

يشير انهيار بنك وادى السيليكون SVB والمشهد التالي الذى تعلن فيه وسائل الإعلام الأمريكية عن أزمة مصرفية ضخمة إلى أن النخبة من الأوليجاركية الأمريكية تستعد لحربها على المال والقطاع المصرفي؛ الخطوة التالية بعد تفشى فيروس كورونا والصراع الروسي الأوكراني لتعلن عن مزيد من الضغوط على البشرية من أجل تحقيق أهدافها والوصول إلى المليار الذهبي. خطوات كثيرة تتخذها تلك النخبة من أجل تدمير صحتنا بانتشار الأوبئة المتتالية، ودفعنا لاعتقاد أنها قادمة بسبب الخلل البيئى نتيجة التغيرات المناخية والنشاط السكانى على كوكب الأرض، بالإضافة إلى محاولاتهم المستمرة فى الهيمنة على العقول، حتى أصبحوا مستعدين للسيطرة على المال بالكامل.

هناك مخاوف من إعلان العديد من البنوك إفلاسها خلال الفترات القادمة، خاصة مع انهيار بنكى «سيجنيتشر» و»سيلفرجيت»،  فى أسبوع واحد؛ لتنذر بأزمة أكثر خطورة بكثير من انهيار 2008-2009. وبمجرد حدوث ذلك سيكون من السهل الإجبار على العملة الرقمية، وفقًا للسياسى الأمريكى المتخصص فى العلاقات الدولية «إيمانويل باستريش» ولكن قد تكون هناك سيناريوهات أخرى محتملة. كتبت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن اقتصاديين وجدوا على خلفية إفلاس بنك SVB، أن حوالى 200 مؤسسة ائتمانية أمريكية أصبحت مهددة بالإفلاس. لقد قررت الأوليجاركية الأمريكية أن معارضة حكمهم قد وصلت إلى مستوى غير مقبول وأن الورقة الأخيرة معهم يجب أن تُلعب في وقت مبكر أكثر مما كان متوقعًا، وهو الانهيار المصرفى ونهاية جميع التعاملات المالية. إلى حد كبير، يعد ما حدث في بنك «وادى السيليكون» عملًا موازيًا لما حدث في مختبر «ووهان» الذى تفشى منه فيروس كورونا فى ديسمبر 2019، ولكن هذه المرة فقط أصاب الفيروس الأموال نفسها. تكمن المشكلة في النظام المالي نفسه، أو بالأحرى في الزاوية التي رسم فيها الاحتياطي الفيدرالى النظام المصرفي فى فترة ما بعد الرئيس الأمريكى الأسبق «باراك أوباما».

وليس من قبيل الصدفة أنه في غضون 48 ساعة، أعلن بنكان تجاريان في كاليفورنيا انهيارهما. فيما أعلنت شركة «سيلفرجيت كابيتال»، وهى من أشهر البنوك الأمريكية وجهة الإقراض المركزية لصناعة العملات الرقمية، أنها ستنهى عملياتها فى 8 مارس 2023. وفى 10 مارس، انهار بنك SVB، المقرض الرئيسي للشركات التقنية الناشئة. وتم الاستيلاء على SVB على الفور من قبل المنظمين الفيدراليين. كان وادى سيليكون هو السادس عشر من بين أكبر البنوك التجارية الأمريكية بأصول بقيمة 209 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2022.

أكدت شركة تأمين الودائع الفيدرالية (FDIC) للمودعين المؤمن عليهم من SVB أنه سيتمكنون من الوصول إلى أموالهم الكاملة ضمن الحدود الثابتة التي حددتها شركة التأمين الفيدرالي البالغة 250 ألف دولار لكل مودع. ومع ذلك ، فإن إجمالي صندوق FDIC يغطى فقط حوالى 2 % من 9.6 تريليون دولار من الودائع المؤمنة من الولايات المتحدة.

ووفقًا لنائب وزير الخزانة الأمريكي السابق، «بول كريج روبرتس»، فأن انهيار بنك وادى سيليكون هو نتيجة لعدة عوامل متقاربة؛ فإن أحد الأسباب الرئيسية هو إلغاء إدارة الرئيس الأمريكي السابق «بيل كلينتون» عام 1999 لقانون «جلاس-ستيجال»، المعروف أيضًا باسم قانون البنوك لعام 1933، هو تشريع يفصل بين الاستثمار والخدمات المصرفية التجارية، ولأن قانون «دود-فرانك» الذى أصدره أوباما عام 2010، يسمح للبنوك الفاشلة للاستيلاء على ودائع المودعين من أجل الحصول على كفالة بدلاً من إنقاذ. يتسبب التشريع، وخاصة الأخير، في قيام المودعين سريعًا بسحب ودائعهم عند ظهور أى علامة على وجود مشكلة مصرفية.

وسبب آخر لمشاكل SVB هو الزيادات السريعة والجوهرية لأسعار الفائدة من جانب البنك الاحتياطي الفيدرالي- وهى الأكبر والأقصر فى آخر 30 عامًا على الأقل - ما أدى أيضًا إلى انخفاض قيمة محفظة سندات SVB. تواجه البنوك والشركات صعوبات في التكيف مع حجم ووتيرة زيادات أسعار الفائدة. كما لو كانت مبرمجة وتبدو وكأنها تأثير الدومينو، في 12 مارس تم غلق بنك «سيجنيتشر» أيضًا، وهو بنك تجارى مقره نيويورك وله نشاط إقراض عقاري كبير، بالإضافة إلى ودائع كبيرة للعملات الرقمية المشفرة. يمتلك «سيجنيتشر» أصول إجمالية قدرها 110٫4 مليار دولار وودائع بقيمة 88٫6 مليار دولار اعتبارًا من 31 ديسمبر 2022.

فيما وجّه مشرعون ديمقراطيون، رسالة إلى الجهات التنظيمية ووزارة العدل يطلبون فيها التحقيق في دور مجموعة «جولدمان ساكس» في انهيار بنك وادى السيليكون. وقال مكتب النائب الأمريكي «آدم شيف»، إن المشرع الأمريكي و19 عضوًا من ممثلي كاليفورنيا في الكونجرس، وجهّوا الرسالة إلى وزير العدل الأمريكي، ورئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات، وإلى رئيس المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع. وجاء في الرسالة «نرغب في إثارة مخاوفنا بشأن دور مجموعة جولدمان ساكس في تقديم المشورة لبنك وادى سيليكون وفى شراء محفظة السندات الخاصة به».

وفقًا للمحلل الجيوسياسى والخبير الاقتصادي السابق في البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية «بيتر كونج»، حتى الآن، لم يقم أي شخص بربط هذه الإخفاقات المصرفية - وربما المزيد في المستقبل - بعملية «إعادة التعيين الكبرى» التي تنبأ بها المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF)، أي أن انهيار بنك «وادى السيليكون» كان مخطط له وسيكون للانهيار تأثير الدومينو على الصناعة المصرفية، مما يؤدى إلى انهيار مالي عالمي.

 

وفي عام 2020 تحدث المدير العام لبنك التسويات الدولية (BIS) «أوجستين كارستن»، عن الحاجة إلى العملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC) للتحكم الكامل في إنفاق الأموال للسيطرة على المعاملات عبر الحدود. وفى مقابلة أجراها مؤخرًا الصحفي والمحاور الأمريكي «تاكر كارلسون» على قناة «فوكس نيوز» مع حاكمة ولاية ساوث داكوتا «كريستى نويم»، حيث تشرحت سبب استخدام حق النقض ضد CBDC وانضمام ما لا يقل عن 20 ولاية أمريكية أخرى إليها، حتى الآن. إنها تؤكد ما قاله العديد من الاقتصاديين منذ أن تم دفع مفهوم عملات البنوك المركزية الرقمية حول نصف الكرة الغربي في السنوات العشر الماضية. حيث ستكون CBDCs آلية مطلقة تحكم كل مواطن على هذا الكوكب. وعلى غرار عملية «إعادة التعيين»، «لا تملك شيئًا وتكون سعيدًا».
واليوم، يتم دعم المنتدى الاقتصادي العالمي من قبل Big-Finance وتحت مظلته، الشركة الأمريكية لإدارة الاستثمار «بلاك روك»، التي تعد الممول الرئيسي للمنتدى، بالإضافة إلى مجموعة «فانجارد» الأمريكية للاستشارات الاستثمارية، وشركة «ستيت ستريت» للخدمات المالية، وسلسلة من البنوك مثل «بنك أوف أمريكا» وغيرها وجميعها تسيطر على ما يقدر بنحو 25 مليار دولار في الولايات المتحدة، و30 تريليون دولار من الأصول حول العالم.
هل كانت عملية إلغاء اللوائح المصرفية الصادرة عن إدارة كلينتون عام 1999 بشأن «جلاس ستيجال» بمثابة مقدمة متعمدة لما كان مخططًا له ليكون جزءًا من إعادة التعيين للمنتدى الاقتصادي وإعادة بنائه وفقًا لنظام عالمي واحد، موجه من الظل من قبل Big Finance.

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ 22/3/2023

أقرأ أيضأ : بورصة السلع تعقد جلستها الـ 33 للتداول على سلعة القمح