مع قدوم شهر رمضان يزداد الحرص على شراء أصناف متنوعة من التمور لتناولها على مائدة الإفطار اتباعًا لسنة النبي (صلى الله عليه وسلم) ولتساعد الجسم على تعويض ما فقده خلال ساعات الصيام، فالتمور بأنواعها المختلفة تحتوي على العديد من القيم الغذائية المهمة، ما يجعلها وجبة غذائية متكاملة تمنح الجسم كل ما يحتاجه من فيتامينات ومعادن.
وقد حرصت الدولة على النهوض بقطاع التمور وزيادة الوعى باستهلاكه وتوسعت فى زراعة أنواع عديدة من التمور ضمن المشروع القومى لزراعة 5 ملايين نخلة لتحقيق الاكتفاء الذاتى وفتح باب التصدير للخارج بشكل وافٍ، بالإضافة لفتح مجالات أخرى تصنيعية فى كل المجالات التى تخص النخيل باعتباره من القطاعات الواعدة من حيث خلق فرص عمل للشباب وزيادة الصادرات وتحقيق التنمية الاقتصادية والمجتمعية المنشودة، فضلاً عن تشجيع زراعة أصناف النخيل المطلوبة عالمياً لتصديرها بالجودة العالمية المطلوبة، ما يؤدى لزيادة صادرات مصر من هذا المحصول الهام.
وتحدثت «آخرساعة» مع الأمين العام للاتحاد العربى للتمور للوقوف على أحدث التطورات فى قطاع التمور والنخيل بمصر، بالإضافة للتواصل مع عدد من مصنعى منتجات مخلفات النخيل للتعرف على أبرز المنتجات والابتكارات فى هذا المجال.
طعام الفقير وحلوى الغنى
يؤكد الدكتور أشرف الفار، الأمين العام للاتحاد العربى للتمور بجامعة الدول العربية، أن الدولة المصرية حرصت على توفير أسعار التمور هذا العام بشكل يناسب جميع الفئات، مما يسمح للمواطنين باقتناء كميات وفيرة تكفيهم طوال الشهر الفضيل، حيث يتراوح متوسط سعر التمور من 30 ـ 200 جنيه للكيلو الواحد حسب نوع الثمرة وحجمها ومنشئها أما القيمة الغذائية فواحدة فى كل الأنواع، لذا يطلق عليها أنها طعام الفقير وحلوى الغني، فالتمور مهمة فى مختلف مراحل حياة الإنسان من أول الولادة وتحنيك المولود بالتمر وحتى الشيخوخة للحماية من مرض الألزهايمر، فهى تحتوى على مضادات أكسدة ونسبة عالية من البوتاسيوم وكالسيوم وغيرها من الفيتامينات الأخرى.
وتتفاوت الأسعار بشكل واضح والسعر المتوسط لبعض الأنواع مثل التمر نصف الجاف يصل إلى 35 جنيها، السكرى سعودى 70 جنيها، تمر الرشودية السعودى 150 جنيها، تمر المجدول 180 جنيها، والتمر المحشو مكسرات يبدأ من 150 جنيها حسب النوع المستخدم، وغيرها من الأنواع الأخرى.
الاستيراد والتصدير
ويوضح أن من الأهداف الرئيسية التى يسعى إليه الاتحاد العربى للتمور هى التوعية بأهمية التمور فى جودة حياة الإنسان طوال العام وعدم اقتصارها على شهر رمضان فقط، وكذلك التوعية بأهمية زيادة التصدير والاهتمام بالتصنيع، حيث تعد مصر أكبر منتج للتمور وأقل تصديراً على مستوى العالم، وبالتالى عند زيادة الصناعات الغذائية القائمة على التمور وأن تكون ذات قيمة مضافة مختلفة تعمل على تزايد العائد والربح ومدخلات مصر للعملة الصعبة.
ويشير إلى أن نسبة استيراد مصر للتمور أصبحت ضئيلة جدا مقارنة بما سبق، وتكون لأنواع محددة فقط ومعظمها تكون للتمور السعودية كالسكرى وعجوة المدينة وبعض الأنواع غير المتوطنة فى مصر والتى لا تتعدى الـ50 ألف طن، أما إنتاج مصر الحقيقى من التمور فيصل حاليا إلى ما يقرب من 2 مليون طن سنويا، هذا بالإضافة لزراعة 2.5 مليون نخلة تنفيذاً للمبادرة الرئاسية والتى ستكون النسبة الأكبر منها مخصصة لتمر المجدول والذى نأمل أن ينتج النخيل كميات كبيرة منه العام القادم مما يؤهل مصر للتصدير للخارج والحصول على عملة صعبة.
صناعات حديثة
وتابع د. أشرف الفار أنه يتم حاليا تفعيل العديد من الصناعات الحديثة فى مجال التمور ومنها صناعة بودرة التمر لاستخدامها كبديل للسكر الأبيض والوقاية من الأضرار التى يسببها للجسم فضلا عن احتوائها على العديد من الفيتامينات الأخرى، هذا بالإضافة لصناعة سكر التمر كبديل للسكر المستخرج من القصب، وأيضا صناعة عسل التمر ودبس التمر، وجارى العمل حاليا على إنشاء مصانع فى محافظة أسوان كونها تحتوى على كميات كبيرة التمر الجاف الذى يمكن تحويله لبودرة وكذلك مصانع فى الوادى الجديد وخلال العام المقبل ستتواجد كميات كبيرة من بودرة التمر فى الأسواق.
تدوير مخلفات النخيل
وفى السياق، ترى انتصار حسن عبدالحفيظ، مصممة أعمال النخيل من محافظة أسوان، أن مخلفات النخيل كنز طبيعى يمكن تدويره والاستفادة منه فى بدء مشروعات صغيرة، وهذا ما استطاعت أن تنفذه بنفسها من خلال مشروع أطلقت عليه اسم «ست الكل» لتصمم من خلاله منتجات يدوية متعددة الاستخدام من مخلفات النخيل كالسعف والعرجون ونواة البلح، حيث يمكنها إنتاج مختلف الأعمال الديكورية التى تزين الحوائط والمناضد والأرفف، وكذلك صنع سجاد مخصص للصلاة وسجاد ديكوري، وأيضا حقائب يدوية للسيدات وصوانى تقديم، بالإضافة لاستخدام نواة البلح فى تصميم لوحات مرسومة بأشكال رائعة مستعينة ببعض الألوان والمواد المثبتة، وأشارت إلى أن هذه المنتجات المعدة من مخلفات النخيل يمكنها أن تظل فى صورتها كما هى لسنوات طويلة بشرط ألا تقترب من النار المباشرة والماء.
بوكسات خوص
وعلى غرار مشروع ست الكل، استطاعت غادة رضا، مصممة أعمال يدوية من أسوان أن تستخدم الخوص والعرجون فى صنع «بوكسات» صحية صديقة للبيئة لحفظ الطعام طازجا، وذلك لأن من خواص الخوص محاربة البكتريا والحفاظ على الطعام لأطوال فترة ممكنة دون أن يفسد، كما صنعت أطباقاً أخرى لتقديم الطعام عليها مستخدمة العرجون والخوص أيضا، بالإضافة للاستفادة من خواصه فى تصميم قبعات للنساء تقيهم من أشعة الشمس الضارة.. ولأن الشيكولاته القابلة للدهن من أكثر الحلوى المحببة للصغار والكبار، قرر ولاء الشوربجي، مدير المبيعات فى إحدى شركات التمور، تقديم منتج جديد لا يختلف عنها كثيراً لكنه أكثر صحة ولا يسبب أى ضرر، فاستخدم معجون التمور الطبيعى الخالص بدون مواد حافظة أو سكريات وبقيمة غذائية عالية، ولتشابه المذاق صنع عدة أنواع بنكهات مختلفة منها البندق والفانيليا والقرفة والسادة، مشيراً إلى أنه لا يحتوى على أى زيوت مصنعة نهائياً لكنه يحتوى على زيت جوز الهند الطبيعى فقط ليضفى عليه مزيداً من القيمة الغذائية، وأشار إلى أنه يمكن استخدام المنتج فى أشكال عديدة فى شكل ساندويتش للأطفال أو لحشو وتزيين الحلويات.
«ماسكرا» نواة التمر
أما محمد الحريري، مسئول تصنيع للمنتجات الطبيعية من سوريا، قرر الاتجاه للمنتجات الطبيعية لإنتاج مستحضرات تجميل مفيدة للبشرة، فصنع أنواعاً متعددة من الكريمات والصابون المصنوعة بشكل كامل من الزيوت الطبيعية المعصورة على البارد بنسبة 100%، وأبرزها زيت الزيتون، زيت جوز الهند، زيت الخروع، زيت لبان الدكر، البردقوش وغيرها ليناسب كل أنواع البشرة، هذا بالإضافة لاستخدام نواة التمر لإنتاج «ماسكرا رموش طبيعية»، حيث نوه إلى أنها عبارة عن وصفة قديمة تطحن فيها نواه التمر وتعجن بزيت الزيتون والينسون والخروع وتوضع فى نفس عبوة الماسكرا لاستخدامها، ومن فوائدها أنها تعمل على تطويل الرموش وتحمى من التحسس بالإضافة لإعطاء مظهر جميل للعين.
قهوة التمر
ومن جانبها تحرص زينب محمد سليمان، إحدى الخبيرات فى مجال التمور، على تغيير ثقافة تناول واستهلاك التمور وتقديمها بشكل جديد، حيث أحضرت أنواعاً مختلفة من التمور وأبرزها الأسوانى والسعودى والسيوي، وقامت بإزالة النواة وحشوه بنكهات مختلفة بالإضافة للمكسرات وتغليفه بالخارج بالشوكولاتة لتكون بمثابة قطعة حلوى سريعة طبيعية تعطى طاقة للإنسان لاستعادة نشاطه سريعاً خلال اليوم، كما يمكن تقديمها فى صورة هدايا قيمة، وكذلك لم تغفل عن تقديم نوع مخصص لمحبى القهوة، فأعدت حبات التمر بالقهوة من خلال صنع معجون من القهوة وحشو التمر بها وتغليفها بالشوكولاتة لتعطى إحساساً بالسعادة وتحسين المزاج فى الحال.
لوف النخيل يعالج البشرة
كما اعتمدت راندا سيف، مسئولة مشروع إعادة تدوير مخلفات النخيل من الوادى الجديد، فى منتجاتها على تصميم منتجات صديقة للبيئة من كل ما يخص التمور والنخيل، فاستطاعت أن تصنع صابون عسل التمر المفيد للبشرة، وذلك لغناه بفيتامين سى مما يحفز إنتاج الكولاجين فى البشرة ويعمل على توحيد لونها ويقلل من ظهور علامات تقدم العمر، كما أنتجت لوف النخيل والذى أثبتت نتائجه إزالة التصبغات وبعض أنواع الأكزيما من البشرة، فضلا عن دوره فى إزالة الجلد الميت وتنشيط الدورة الدموية، وأخيرا أنتجت قهوة طبيعية من نواة النخيل بدون أى إضافات منبهة، وتضاهى مذاق البن الحقيقي، لكن بدون أضرار صحية خاصة على مرضى القلب والضغط، فضلاً عما تقدمه من فيتامينات أخرى للجسم، فالنواة تحتوى على نسبة كالسيوم أعلى من النسبة الموجودة فى حبات التمر ذاتها بالإضافة لنسبة عالية من الألياف المفيدة جداً للجهاز الهضمي. ولتغليف المنتجات استخدمت راندا جريد النخيل ليكون منتجاً تغليفياً صديقاً للبيئة.
نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ 22/3/2023
أقرأ أيضأ : رواج في محال التمور بأسوان مع بداية شهر رمضان
