تملُّك المال في الإسلام ليس غاية.. وإنفاقه وسيلة للتكافل وتحقيق الرواج في المجتمع

وكيل الأزهر: العطاء الخيري لمساعدة المحتاجين واجب ديني وليس أمرا تطوعيا

د. محمد عبد الرحمن الضوينى
د. محمد عبد الرحمن الضوينى

«لا ينتظر منهج الشريعة الإسلامية وقوع الأزمات، بل يحمى المجتمع من كثير منها بالقضاء على أسبابها، وهذا ليس غريبا على منهج يستمد مبادئه وأدواته من الدين الإسلامى الخاتم، الذى أراده الله لهداية البشرية جمعاء، ولذلك فإن الحرص على تعاليم وأحكام ديننا الإسلامى الحنيف يجنب المجتمع أزمات ومشكلات كثيرة، فالإسلام جاء بمنهج متكامل لإصلاح المجتمع».. هذا ما يؤكده الدكتور محمد عبد الرحمن الضوينى وكيل الأزهر عارضا رؤيته فى التعامل مع الأزمات فى السطور التالية.
 

يوضح وكيل الأزهر أن منهج شريعة الإسلام وعدالته ينتصر على الأزمات، ويخلص المجتمع من تداعياتها؛ لأن هذا المنهج بقيمه وأخلاقياته هو أحد أهم المرتكزات التى يعتمد عليها الإسلام فى إقامة مجتمع إسلامى مستقر اقتصاديا، ومتقدم حضاريا، ومنضبط أخلاقيا، والشريعة الإسلامية نظمت كل مجالات الحياة تنظيما دقيقا، ورسمت للمسلم طريق الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية الآمنة وفق منهج الإسلام المعتدل والمتوازن.

 يقول: يحق لنا أن نفاخر بهذا الوعى العلمى والحراك المجتمعى الذى يقوم به الأزهر، حين يحاول وضع رؤية شرعية قانونية تواجه الانحراف الأخلاقى من استغلال وطمع واحتكار، فى وقت أغفل كثيرون واجب البيان، ولم يكشفوا عن الوجه المشرق للإسلام فى إدارة الأزمات، وما قدمه من منهج متكامل لحماية الشعوب، ووقاية اقتصاد الدول من الانهيار، وإن هذا الوعى مما تسعد به الأفراد والأوطان والمجتمعات.

ويؤكد أن الإسلام عنى بالإنسان، ووضع له ضوابط لحمايته وترشيد سلوكه، حتى يكون حكيما فى اتخاذ قراراته؛ ليعيش عيشة هنيئة ويفوز برضا الله عليه، يقول الله تعالى: ‏«‏فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى. ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى‏».

وأن الإسلام وضع الضوابط حتى يتمكن الإنسان من تحقيق آماله، وتحصيل أقصى إشباع مادى ومعنوى، فبين الإسلام الطيبات وأحلها له وأمره بالإنفاق فيها، وأرشده إلى الأولويات التى يجب مراعاتها عند الإنفاق، حيث يقوم بإشباع ضرورياته ثم حاجياته، ثم الكماليات، وأمره مع ذلك كله بالتزام الاعتدال والوسطية، فنهاه عن الإسراف والتبذير والترف والبذخ، ونهاه عن الوقوع فى المحرمات والخبائث.

ويوضح أن الشريعة الإسلامية حين تأمر بالإنفاق، فإنه ليس غاية فى ذاته، وإنما هو إشباع لرغبات الإنسان وحاجاته، مما يرفع من كفاءته وعبادته، وقد دعا الإسلام إلى الإنفاق وحض عليه، وذلك لأنه يؤدى إلى الرواج وانتعاش الأحوال، أما الاستهلاك فيؤدى إلى الكساد والبطالة والركود، فتملك المال فى الإسلام ليس غاية فى ذاته.

وإنما هو وسيلة للتمتع بزينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق، فهو وسيلة لتحقيق مصالح الفرد أو الجماعة التى لا تتم إلا بالمال، الذى استخلف ليحقق به مصالحه.

 

ويؤكد وكيل الأزهر أن أحكام الإسلام فيها نظرة عميقة وحكيمة فى تقدير المال والدعوة إلى صيانته، فالمال فى يد الفرد ليس ملكا له وحده، وإنما هو بعض مال المجتمع، وهو قوة فاعلة فى حياة الأمم، فإذا استخف الأفراد بالمال وضيعوه، وكثر فيهم السفهاء ضاعت ثروة الأمة، وتهاوت أقوى دعامة تعتمد عليها وهى المال.

ويؤكد أن العطاء الإنسانى والخيرى للمسلمين فى ظل معاناة الفقراء والمحتاجين فى تدبير احتياجاتهم المعيشية ليس أمرا تطوعيا يرجع إلى قناعة الباذل للعطاء، بل هو من الواجبات الدينية والإنسانية التى لا يجوز التخلى عنها، ولابد أن يقوم المسلم بها عن قناعة ورضا نفس حتى يتربى على العطاء والبذل لكفالة غير القادرين فى المجتمع. 

ويشير إلى أن الإسلام أسس للتكافل الذى يشمل الإنسانية كلها، وأن رسالة الأزهر الشريف أن إغاثة الملهوف والمظلوم وتقديم العون لكل من يحتاج إليه بغض النظر عن الدين والجنس واللون، من أعظم الواجبات التى أوجبها الله على خلقه لخلقه.

وهو سلوك إسلامى أصيل، وخلق رفيع تقتضيه حقوق الأخوة الإيمانية، يؤكده التكافل الإنسانى الشامل الذى نادى به الإسلام، وتفرضه الأخلاق الراقية التى عرفناها فى شخص سيدنا رسول الله - الذى جاء رحمة للعالمين.

اقرأ أيضاً | المفتي: الشريعة الإسلامية فيها كل الضمانات لحقوق المرأة