رؤية شخصية

زيارة لدار مسنين

جميل چورچ
جميل چورچ

جميل چورچ

موقف صعب بل وشديد الصعوبة تقف أمامه الأسرة مكتوفة الأيدى الأب أحيل إلى المعاش وتقدم به العمر بينما أصبح لجميع أفراد الأسرة همومهم والتزاماتهم.. ومشاكل الحياة التى تثقلهم وهنا تصبح زيارة الأب نادرة لمجرد الاطمئنان عليه لأنه يعيش وحيداً فى المسكن الذى كان يمتلئ حركة ونشاطاً لوجود الزوجة والأبناء وبينما كان هو ملء السمع والبصر والحيوية وتحقيق الكثير من الإنجازات تحول إلى إنسان بلا حول ولا قوة وهنا يفكر الأبناء فى البحث عن مكان يطمئنون فيه على أبيهم ويهديهم الأمر بالتعامل مع إحدى دور المسنين التى توفر له الرعاية الكاملة خاصة ذات المصروفات العالية جداً وبالآلاف ولكن بعد أن دخلوا التجربة لم يجدوا الأمر على ما يرام وليس كل شىء يمكن توفيره بالمال.


وفى زيارة لى لإحدى الدور الضخمة من حيث المبنى فقط تابعت حواراً حول حالة أحد المسنين بالدار.. هو كان يشغل منصباً كبيراً فى إحدى الشركات وفى المقابل كان يحصل على مرتب كبير.. وخلال رحلة الحياة الوظيفية أنجب ابنتين ولكن توفيت الزوجة وتزوجت الابنة الكبرى وأنجبت طفلة كانت كل عشقه وحياته لكن الابنة وزوجها والطفة هاجروا إلى أمريكا.. وتزوجت الابنة الصغرى بعد أن أدخلته وزوجها إحدى دور المسنين واستقلا بالمسكن.. واعتمدا على معاشه الكبير وبعد سنوات عادت الابنة الكبرى إلى القاهرة وقامت بزيارة الأب فى الدار لتجده فى أسوأ حالاته النفسية فهو يبكى ليل نهار شاكياً إلى الله ما وصل به حاله من الوحدة وعدم سؤال أحد عنه طوال تلك السنوات الطويلة.
وهنا عرضت الابنة الكبرى على الأب الإقامة معها فى مسكنها فى القاهرة الذى تحتفظ به خلال تواجدها وهنا فرح فرحاً شديداً لأنه لم يكن يرى الشارع وتقدمت الابنة بطلب لاستلامه لكن الإدارة اشترطت ان من سيتسلمه هو الابنة الصغرى وزوجها اللذان أودعاه الدار.. لكنهما رفضا خروجه وهنا كانت الصدمة الكبرى للأب والابنة الكبرى وعاد الأب ليكرر دعوته إلى الله ان يريحه من هذه الدنيا وحالة الذل والهوان الذى يعيشه سجيناً.


هنا بحثت عن حل وسط لمثل حالة هذا الأب المسن وهو استمرار المعيشة فى مسكنه والتردد على أندية الرعاية النهارية لكبار السن التى أطلق عليها اندية المسنين للتخفيف من معاناتهم ومعيشتهم الصعبة النفسية والاجتماعية وهذه الأندية أخذت بها الدول الكبرى ولها أساس فى مصر سنتناوله فى المقال القادم لأن مثل هذه الأندية تقدم الرعاية للمسن فى مسكنه إذا كان من القادرين وغير القادرين على خدمة أنفسهم.